-(ست الحبايب) .. قبل نحو أربعة أعوام رحلتِ عن عيوني ليستقر سكنك ما حييت في قلبي وذاكرتي .. رحلتي يا ست الحبايب إلى الرفيق الأعلى وبقيت أنا وحيداً أواجه المتاعب وآلام الحياة التي كُنتِ أنتِ بحنانك الكبير تتحملينها نيابة عني .. لم يعوضني الله بديلاً عنك وهذه حكمته بل منحني واعطاني الصبر ولكن صورتك وذكراك واللبن الذي رضعته من ثدييك مازال ناقوساً يدق في جسدي الذي بدأ يتهالك بفعل الزمن والبعاد عنك .. مازلتِ يا ست الحبايب يا أمي تعيشين معي كل يوم بل كل لحظة حتى وأنت عند باريك، وأنا هنا اتخيلك وانتي تنظرين لنا من السماء العالية وتدعين لنا عند الله تعالى بالمغفرة والعفو عنا وعن كل ما بدر من أخطاء كنت تسامحينا عليها ولكننا وبعد أول يوم من رحيلك عرفنا وشعرنا بالندم لاننا لم نحسن معاملتك وطاعتك التي هي من طاعة الله.
- (ست الحبايب) أقول اليوم كل ذلك وأنا أدعو الله ليل نهار وفي كل صلواتي ان يغفر لك ويسكنك فسيح جناته فهو على كل شيء قدير .. أقول كل ذلك لاذكركم اخوتي وأخواتي وابنائي بعظمة الأم ومكانتها في الوجود ليس في حياتنا فقط .. فهي منبع وجودنا والتربة التي زرعنا فيها ونمونا وكبرنا، لذلك علينا كواجب ديني مقدس ان نطيع امهاتنا وآباءنا ونحترم كل من هو أكبر منا .. علينا واجب تقديس الأم وخدمتها وان رحلت بعد عمر مديد ان ندعو الله لها بالمغفرة والسكن في الجنة أليست (الجنة تحت اقدام الامهات).
-(ست الحبايب) لا أعرف ماذا أكتب وأقول وأنا اعيش اليوم بعدك وحيداً لا اصابع حنونة تدلك شعري ولا عيون تتابع حياتي ولا قلب مثل قلبك يسأل عني .. ماذا أكتب غير أنني اعترف أنني وجدت في وطني كل ما فقدته منك .. فالأوطان هي تجسيد حقيقي لكل أم في حياة الناس .. وجدت في وطني أولاً الانتماء والسهر على راحتي وامني واستقراري وجدت فيه مكاناً طاهراً أمارس فيه صلواتي وعبادتي للذي خلقني .. وجدت فيه مكاناً ما جعلني أشعر بوجودك رغم رحيلك الأبدي .. لذلك تعلمت كيف أعشق واحب وطني وأحافظ عليه لأنه جميل رغم الخدوش الكثيرة التي يتعرض لها جسده والمصيبة ان هذه الخدوش بل أكثرها هي من فعلنا نحن الذين ننتمي لهذا الوطن .. دون ان ندري بجهالة أو غيرها اننا نخدش حياتنا، واننا سنندم على افعالنا مثلما ندمنا على امهاتنا بعد الرحيل.
(ست الحبايب) .. بدأت الأسطر تكرر بعضها .. وبدأت العيون تسكب الدموع وأنا اليوم مع باقي أفراد الأسرة نحتفل بعيدك في الحادي والعشرين من مارس .. قولوا معي ورددوا في مثل هذه المناسبة التي تذكرنا بامهاتنا وأوطاننا (ست الحبايب يا حبيبة .. يا أغلى من روحي ودمي يا رب يخليك يا أمي ست الحبايب يا حبيبة).
(ست الحبايب) موعدنا اليوم سيتكرر في كل عام حيث سازور قبرك الطاهر وأضع عليه باقات من الورود واقرأ على روحك الفاتحة (وكل عام وانت في جنتك تتمتعين بنعيمها) التي وعد الله بها عباده الصالحين.