ولعل هذا هو ـ بالضبط ـ مبعث انزعاج القوى التي حرصت خلال المراحل الماضية بكل ما أوتيت من قوة على تقويض العملية السلمية الجارية ؛ فسارعت ـ كما لاحظنا جميعاً ـ إلى التشكيك في أهداف القرار الدولي، وتفسير مراميه بحسب ما درجت عليه من التفسيرات المجحفة ، والملتوية ، والمضللة ، وكأنه لم يكفها عبثاً تلك الشهور الطويلة التي ظلت تعبث فيها بمصائر الشعب اليمني ، وبمقدراته ، وبأمنه، واستقراره؛ تمهيداً للانقضاض مرة أخرى على مكاسبه ، مستغلة الشروخ السياسية ، والاقتصادية، والاجتماعية ، والفكرية التي كانت قد اصطنعتها بنفسها ، ولنفسها خلال الفترات السابقة ؛ لتغدو بمثابة حقول الألغام الحامية لمحيطات مصالحها في مواجهة أي مشروع للنهضة ، والخلاص من هذه الشراك الآثمة ، وصانعها الذي قضى القرار بطي صفحته نهائياً ؛ ليبدأ اليمنيون عهداً جديداً من العمل البناء ، وتدارك ما فات خلال أكثر من ثلاثين عاماً من الكذب ، والدجل ، والتضليل .
لقد تمكنت هذه القوى الشريرة من خلال حقول الألغام المصطنعة المذكورة ، والمحبوكة على مدى سنوات الحكم البائد من إقلاق الأمن ، والسكينة ، وزرع الأحقاد، وإضعاف النسيج الاجتماعي ، وإضعاف وتيرة التنمية، والإضرار بمعيشة الناس ، وطرد الاستثمار الوطني؛ فضلاً عن الخارجي ، وتشكيل بؤر عنف مختلفة ؛ ونوعية ، بمسميات ، ومنطلقات عقائدية متعددة؛ بهدفين اثنين ، لا ثالث لهما ، فإما إسقاط بنيان الدولة، والحكومة ، وإرغام الرئيس المنتخب ، والشرعي عبد ربه منصور هادي على التسليم ، والتنازل، وخيانة الإرادة الشعبية ، والرضى بمرحلة جديدة من الطغيان، وإلغاء الآخر ، وإما إدخال البلد في أتون حرب أهلية لا تبقي ، ولاتذر ، ولينهد بعدها المعبد على رؤوس كل من فيه ، ودون أسف .
ولهذا كان هذا القرار الدولي ذو الطابع الصارم ؛ والذي جاء تلبية لحاجة ملحة ؛ بمثابة قطع حقيقي حاسم لمخطط العبثية الإجرامي ، ورسالة بليغة ، وواضحة لكل معرقلي التسوية ، ومعرقلي العملية السلمية ، دون استثناء .. مضمونها أن قد بلغ السيل الزبا ، ونفد صبر المجتمع الدولي على هذا السفه المقيت ؛ الذي أوشك أن يتجاوز بضرره البالغ الإطار الوطني ، وأن يغدو بحق خطراً محدقاً بالأمن والسلم الدوليين ، وبالمصالح الاقتصادية والتجارية لدول العالم أجمع .
لقد آن الأوان لأن تكف هذه القوى الظلامية المتخلفة عن حقدها الدفين على ابناء الشعب اليمني ؛ الذين ذاقوا الأمرين جراء فساد هذه القوى ، وطغيانها ، وجراء مشاريعها الهدامة التي ظلت تسوس بها الشعب خلال عقود من الزمان ، وعلى طريقة ( جوِّع كلبك يتبعك).. لقد آن الأوان لأن تدرك هذه القوى أن الزمن قد فاتها ، واقتضى طي صفحتها ، وتجاوزها ، وطار على أجنحة الثورة ؛ مغرداً في صفوف الشرفاء، والمخلصين، وفي أكواخ المعدمين الذين صاروا بسبب سياسات هذه القوى الهدامة ؛ غالبية هذا الشعب الساحقة ، وأنه لا مكان للموتى في مروج الحياة ، وزمن الثورة ؛ إلا أن يكونوا في أجداث من سلف من الأئمة ، وأشباههم ، وزبانيتهم من الطغاة .. مالم ؛ فسيكونون كالسابح ضد التيار ، فالحذر الحذر ، لقد بطل السحر، وانطوى زمن السحرة .. وإلى الأبد ؛ إن شاء الله .
[email protected]