نقول ذلك لأن عدن تحتاج منا أن نحبها ونحرص عليها ونصونها قولاً وفعلاً.. أن نحافظ على كل ما بني فيها وأن نزيد الاعمار اعماراً والبناء بناءً والنظافة نظافة والنظام نظاماً والالتزام التزاماً بكل ما يطورها ويجعلها زينة المدن.
عدن المدينة والبيت والحارة والألفة والوداعة والرحمة والشرف والشجاعة والتاريخ والحضارة.. عدن بأمسها الجميل وحاضرها المتعب تطالبنا أن نحب بعضنا بعضاً وأن نحافظ على مال وعرض وشرف وأمن واستقرار بعضنا بعضاً.. عدن تطالبنا أن نكون أسرة واحدة متحابة لا يجوز أن نهاجم بعضاً، ونشتم بعضاً ونقسو على بعض حد جلد الذات وجلد الآخر، عدن تدعونا أن لا نقدم رؤوسنا ومكانتنا وحياتنا وظروفنا للآخر الذي يتربص بنا ويريد أن ينهش في عدن الأسرة ويدخل فيها من خلال خلافاتنا وأنانيتنا وأهوائنا ومصالحنا وتمصلحنا.. عدن تدعونا أن نتعلم درساً مما مضى.. ذلك الدرس مفاده أن عدن بقوتها وعظمتها ومجدها ما ضعفت إلا عندما ضعف بعض من رجالها حين راحوا يدسون على بعضهم البعض.. عدن ضعفت لأن هناك من شهد ضد أبنائها وتواطأ واستكان عندما انتهكت حقوقها ونالوا من حقها لأن هناك من أبناء عدن من سكتوا على الظلم ورضوا بالباطل طالما نال غيرهم وخرجوا هم بفائدة مهما بلغت أو علت فإنها في حقيقة الأمر أدنى وأقل من عظمة الانتماء لعدن.
عدن تحتاج منا أن نتوحد فنصوم عن شتم بعضنا بعضاً.. عدن تدعونا أن نصوم عن اتباع أحزابنا بالباطل وقبائلنا بالباطل ومناطقنا دون وجه حق.. عدن تدعونا أن نرفع بطاقة الانتماء إليها قبل أي بطاقة أخرى وفوق كل انتماء.
عدن تدعونا أن نعيد الذاكرة قليلاً لنرى كيف وقف المؤتمري والإصلاحي والناصري والاشتراكي في حضرموت مع حضرموت وكيف علت أصواتهم أنهم أولاً حضارم ومن ثمة يمكن أن يكونوا منتمين لأحزابهم وقبائلهم وشؤونهم ومصالحهم.
عدن تريد أن نحبها من خلال أن نعيد تربية أنفسنا تربية تحرضنا على أن نكون كلنا وحدة واحدة، أن نكف عن ممارسة النميمة والوشاية والجرح في الروح والجسد.. عدن تدعونا أن نمسح علاقاتنا السيئة القائمة على مصالحنا الضيقة وأهدافنا الأنانية وغاياتنا القائمة على قاعدة وسخة مفادها (أنا ومن بعدي الطوفان).
عدن تعبت عندما تعب أبناؤها بسبب فرقتهم.. عدن عانت عندما عانى أبناؤها بسب سكوتنا أو مشاركتنا في معاناة أخوة لنا دون أن نرفع صوتاً ولم نحرك ساكناً.
عدن.. اشتكت عندما راح بعض أبنائها يشكو الظلم والقهر والتعسف فيما البقية نتفرج.
عدن اليوم محتاجة منا أن نتغير نحو الأفضل وأن ننتمي إليها من خلال محافظتنا على أمنها واستقرارها وعلى نظامها وعلى مكانتها وعلى وحدة أبنائها ورجالها ونسائها والقاطنين فيها من أجل أن يعم السلام النفسي والاجتماعي والوطني بين الجميع.. عدن عاشت عقوداً من الفرقة والفتنة والباطل.. أما آن الأوان لتعيش العقود القادمة بكامل قوتها وعنفوانها وعظمة مجدها من خلال وحدة أبنائها ورص صفوفهم من أجل الخير والحب والسلام والاعمار.
اللهم اني بلغت .. اللهم فاشهد.