شهد الأسبوع الماضي كذلك بلوغ قائد عظيم وقدوة عالمية لخاتمة حياة ملهمة وحافلة بالعطاء، وإذ نحتفل اليوم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، نستذكر كيف أن هذا القائد بدأ نضالاً علينا أن نواصله. قال نيلسون مانديلا ذات يوم: «الحرية ليست أن تتحرر من الأغلال التي تقيدك بل أن تحيا حياة تحترم حرية الآخرين وتنميها». حريتنا وحقوقنا تعتمد على بعضنا البعض، إننا مدعوون إلى صون ليس فقط حقوقنا وإنما حقوق أخواننا وأخواتنا، بغض النظر عن العرق أو الدين أو القبيلة أو الجنسية أو النوع.
ويكمن احترام حقوق الإنسان في صميم كل العمل الذي نقوم به في منظمة الأمم المتحدة، ليس لأن هذا هو الصواب من الناحية الأخلاقية والعالمية فقط، بل كذلك لأننا نؤمن بشدة بأن احترام حقوق الإنسان هو النهج الوحيد الذي سيعزز التنمية طويلة المدى والسلام والاستقرار في البلاد.
تواجه اليمن العديد من التحديات ويجب أن يكون احترام حقوق الإنسان هو جوهر كل الأنشطة التي تتعاطى مع هذه التحديات. وهذا يشمل الحقوق السياسية مثل حرية التعبير والحماية تحت سلطة القانون، وكذا الحق في الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والغذاء والمياه النظيفة. إننا ملتزمون بمساعدة اليمن في ضمان أن يتمتع الناس بهذه الحقوق.
في اليمن عائلة كبيرة من الهيئات والبرامج العاملة فيها، وقد دعمنا صياغة مشروع قانون لإنشاء هيئة مستقلة لحقوق الإنسان في اليمن لضمان الامتثال لمبادئ باريس. وتم هذا بالتشاور الوثيق مع المجتمع المدني، وستقوم هذه الهيئة المستقلة بالتعاطي مع انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الحكومية ويتعين المصادقة على إنشائها في القريب العاجل. إننا، كمنظمة الأمم المتحدة، ملتزمون بتقديم الدعم الفني إن دعت الحاجة لبناء قدرات هذه الهيئة.
إننا نقر بالحاجة لمزيد من الشفافية والمساءلة من أجل مشاركة الافراد والنساء والفئات المهمشة في الحياة العامة ونرحب بالإنجازات الإيجابية في هذا الصدد التي تحققت في إطار مؤتمر الحوار الوطني، إن الدفع بالعملية السياسية قدماً توجه ينبغي أن يستمر.
إننا نقر بأهمية المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في الماضي والحاجة لجبر الضرر وتعويض الناجين. وإذ نشيد بإنشاء لجنة التحقيق الوطنية فإننا ندعو إلى تسمية أعضائها بصفة عاجلة لتبدأ في العمل بشكل كامل.
تعمل منظمة الأمم المتحدة على حماية حقوق العمل بما فيها الحق في عدم التمييز على أساس العرق أو الأصل أو النوع أو الخلفية الاجتماعية، والحق في الحصول على أجر متساو، والاعتراف بأنه ليس من حق أحد إجبارنا على العمل بما يخالف رغبتنا سواء بالإكراه أو في الظروف الشبيهة بالرق.
إننا نعمل على دعم المهاجرين واللاجئين الذين يتعذر وصولهم للخدمات الاجتماعية العامة، ونشر الوعي حول الواقع المرير الذي يواجه العديد منهم في اليمن، كما إننا نعمل مع وزارة حقوق الإنسان على إعداد قانون لمكافحة الاتجار بالبشر في اليمن ونؤمن بضرورة إبداء موقف راسخ وموحد ضد الاتجار بالبشر والتهريب. وفي الوقت الحالي، وإضافة لفرز وتحديد ضحايا الاتجار، نقوم في منظمة الأمم المتحدة بدعم الضحايا عبر توفير الحماية.
نصف السكان في اليمن من النساء، وهذا مورد لا يمكن أن تتحمل الدولة عبء تجاهله. إننا بحاجة إلى إنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة في القوانين وفي الممارسات بما في ذلك الممارسات المؤذية مثل ختان الإناث، ويجب تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة عبر الـ% 30 التي تمثل الحصة النسبية النسائية.
تشتمل معالجة مسألة الظلم الذي تواجهه النساء والبنات في اليمن على الإنهاء الكامل لزواج الصغيرات. إنه لمن المعيب أن نستمر في مشاهدة الأطفال وهم يجبرون على الزواج من قبل أفراد أسرهم بما يخالف رغبتهم، وإننا نحث الحكومة اليمنية على تحديد سن أدنى للزواج، وأن تحدد بموجب القانون من الذي ينطبق عليه وصف الطفل. وهذا سيمكّن الجهات الفاعلة مثل الحكومة والأمم المتحدة والمجتمع المدني من ضمان حماية الأطفال بشكل أفضل والتعاطي مع الممارسات الضارة التي تنتهك حقوق الطفل. ويتعين على اليمن كذلك ضمان إدانة العنف الأسري والعنف المبني على النوع الاجتماعي في البلاد، فلا يمكن أن تنعم اليمن بمستقبل حر وزاهر ما لم يوضع حد للعنف المهين والمؤذي والمهدد للحياة الذي يرتكب بحق النساء في منازلهن.
وأخيراً أود التعبير مجدداً عن التزامنا للشعب في اليمن. وبالتعاون مع الحكومة ومع المجتمع المدني والشركاء الدوليين، وقبل هذا وذاك، بالتعاون معكم جميعاً أنتم اليمنيون من شتى الخلفيات والانتماءات، نقف ملتزمين بدعم بناء مستقبل اليمن..مستقبل يحيا فيه الجميع حياة هانئة بسلام.
الممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن