انها ثورة شعبية اعتمدت على جماهيرالشعب واستمدت قوتها وديمومتها وحققت انتصاراتها بالاعتماد على الشعب معنويا وماديا.
وكانت عظيمة بكل المقاييس خاصة اذا قارنا امكانياتها المادية والبشرية بقوة وجبروت الامبرطورية التي لا تغيب عنها الشمس في ذلك الوقت ومثلها مثل اي ثورة تحريرية انسانية تنشر الحرية والعدالة والخير والسلام والتطلع نحو آفاق مشرقة من البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فقد واجهت عثرات من داخلها ومن فصائلها واجهت موروثاً مثقلاً بالتحديات على كافة الاصعدة كان احد الاسباب الرئيسية للعثرات المتلاحقة التي برزت مع تباشير الاستقلال في عام 1967 فيما سمي بالحرب الاهلية بين فصيلي الثورة المسلحة: الجبهة القومية وجبهة التحرير واستمرت الايام وبدلاً من حل الخلاف بالطرق السلمية والحوار استطاعت الجبهة القومية طرد وتصفية جبهة التحرير رديفتها في النضال والكفاح ضد المستعمر البريطاني وكان عنفوان الثورة وشبابيتها يطغيان على المشهد وما ان أطل عام 1968 بعد اقل من عام على الاستقلال حتى تشكل ما سمي بالوحدة الوطنية بين صفوف الجبهتين القومية والتحرير وبعض الفصائل الاخرى والمسرحين من موظفين وعسكريين تم تصفيتهم من اعمالهم المدنية والعسكرية بعد الاستقلال .
ودخلت البلاد في حروب اهلية في عدد من مناطقها وتم القضاء على هذه الحركة تحت غطاء عنفوان الثورة وحركتها الشبابية وفي عام 1969 انقلبت الجبهة القومية على نفسها بما عرف بحركة 22 يونيو وتم تصفية ماسمي بالجناح اليمني في الجبهة ومارافق هذه الحركة ولحقها من تصفيات سياسية ومعنوية وجسدية لابرز قادة الثورة وتم ترحيل تبعات هذا الصراع لينظم الى ماسبقه من تراكمات.
واستمر العنفوان وحركة التغيير وقد حققت الثورة نجاحات كبيرة برغم الفقر وشحة الامكانيات وثقل الموروث ومرارة الصراعات كل ذلك قاد الثورة الى مواقف واحداث عنيفة تمثلت في احداث سالمين ورفاقه 79 والتصفيات التي تمت حتى الوصول الى الاعنف على الاطلاق في 13 يناير عام 1986 وكل ذلك بسبب ترحيل وتراكم مخلفات الماضي الاستعماري وما لحق بذلك الماضي من آلام جديدة ولم يتم مراجعتها ومعالجتها وظلت تتراكم حتى جاءت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 وسارت الوحدة على الخطى السابقة نفسها في ترحيل الازمات والمخلفات ليس مماكان في الجنوب بل اضيف الى الوحدة ماتراكم عبر سنوات طويلة في الشمال لتتحمل الوحدة اثقال الشطرين على عاتقها وبالرغم من انها كانت يمكن ان تكون وقفة تاريخية للمراجعة والتصحيح الا ان قادتها واصلوا الترحيل لكل قضايا اليمن المتراكمة شماله وجنوبه حتى تفجرت الحرب في عام 1994 ومالحقها من حروب وفتن ومآسٍ وصراعات وحركات حتى انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي تجري اعماله اليوم في صنعاء حيث لم يعد امام المؤتمرين اي عذر اليوم لترحيل اي قضية اطلاقاً.
كل عاقل في شمال اليمن او جنوبه يتذكر تلك الاحداث وترحيلها وما الحقته بالشعب والوطن من اضرار فادحة فإنه يتمنى اليوم من هذا المؤتمر الذي انعقد بعد اكثر من خمسين عاماً من الصراعات بدون توقف او تحاور حتى انعقاده اليوم ويتزامن اختتامه مع اعياد سبتمبر واكتوبر ونوفمبر فانه يلزم المتحاورين بالتوقف امام القضايا المرحلة والمستجدة والتي تشكل في مجموعها الغاماً وباروت تحت الرماد تنتظر الصاعق الذي سيفجرها وتمتلكه عدة جهات جاهزة لتفجيره اذا تم اختتام المؤتمر دون وفاق جميع الاطراف ويبحثون بجدية واهتمام غير مسبوق عن حلول وضمانات تنفيذية من جانب الرجال والنساء المتحاورين اولاً وتاثيرهم في مكوناتهم السياسية والشعبية فيما بعد والتجربة التي اشرت الى ابرز احداثها في الجنوب ومثلها واكثر منها في الشمال تضع على عواتق المتحاورين اليوم عدم اغلاق الحوار حتى وضع الحلول العملية والعلمية للدولة اليمنية الاتحادية المنشودة التي تسودها الحرية والعدل والسلام وليعذرني القراء على سرد هذه الاحداث التي لااقصد نبشها ولكن لنستفيد منها فقط ونحن لاول مرة نحكم العقل ونحتكم للحوار .
((انني اعلنها صرخة مدوية لليمنيين في شمال اليمن وجنوبه بان اي نوايا حسنة او سيئة تدعو الى اختتام المؤتمر دون حلول متكاملة وتوافقية ومضمونة التنفيذ محليا وقليميا ودوليا سيكون اليمن واليمنيون في الجنوب والشمال والوحدة والفيدرالية وغيرها في مهب الريح وتنتضر من سيفجر الالغام والباروت التي زرعناها تحت اقدامنا على مدى اكثر من خمسين عاما ونحن نرحلها)) .
وختاما فانني بمناسبة ذكرى الثورة اليمنية ازف آيات التهاني لشعبنا في جنوب اليمن وشماله باعياد الثورة وعيد الاضحى المبارك وادعو الله عزوجل ان يتغمد شهداء الثورة وضحاياها بالمغفرة والرضوان.