ورغم هذا أجدني أمام أكذوبة كبيرة تحت رعاية الحكومة الأمريكية, يؤكدها أن قائد المعارضة السورية أصدر بيانا يرفض فيه المبادرة المقدمة من روسيا لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية ووضعها تحت الرقابة الدولية. لذلك أصبح على أمريكا البحث عن وسيلة جديدة لإثبات كذبها الذي يبدو أنه صورة بالكربون من الكذب الإخواني. ولا أعرف ايهما تعلم من الآخر وإن كان الأرجح أن كليهما ينهل من منبع واحد وهو أن الغاية تبرر الوسيلة, وأن الكذب والافتراء داء يرفضون أن يكون له دواء لأنه أسلوبهم الوحيد للحصول على ما يريدون. ويظهر هذا جليا فى ممارسات امريكا لإجراءات تريد اتخاذها بناء على الأكاذيب التي اختلقتها، حول استعمال أسلحة كيماوية من قبل النظام السوري وبالتالي إعلان انتقال أمريكا إلى الدعم العسكري للمعارضة المسلحة في سوريا في المرحلة الأولى من تسويق الاكذوبة والذي كان السبيل الوحيد لتفعيل قرار ضرب سوريا. مع الوضع فى الاعتبار أن المعلومات الأولى التي صدرت عن فرنسا قالت ان المعارضة السورية هي المتورطة في استخدام اسلحة كيماوية، وتم نقل المعلومات الى أمريكا حيث تبدلت الى اتهام الحكومة السورية باستخدامها دون وجود أدلة دامغة على الموضوع، فضلا عن العينات، وكذلك المبررات الموضوعية التي تدفع الى استخدام مثل هذه الأسلحة.
على الجانب الآخر نجد أن التقرير الأمريكي الذي صدر بهذا الشأن في المرة الأولى أضحوكة (ففي مذكرة صادرة عن البيت الأبيض, أكد مدير الاستخبارات الأمريكية أن 1429 شخصا لقوا حتفهم اثر هجوم كيميائي واسع النطاق على نحو عشر قرى في 21 أغسطس 2013) ولكن بياناً صادراً عن وزارة الدفاع الفرنسية أكد عجز أجهزة الاستخبارات الفرنسية عن القيام بإحصاء عدد الضحايا في الميدان ومنظمة «أطباء بلا حدود» - منظمة فرنسية غير حكومية - أكدت أنها أحصت 355 ضحية في المستشفيات، وهو الامر الذي دفع روسيا الى تكذيب أمريكا صراحة بهذا الخصوص، لأنه يسير فى نفس اتجاه اكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي كانت ذريعة لغزو أمريكا للعراق.
وهذا ما أكده النائب اليكسي بوشكوف في تغريدة على حسابه على تويتر: «المعلومات حول استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية مختلقة في المكان نفسه الذي اختلقت فيه الاكاذيب حول اسلحة الدمار الشامل لدى (صدام) حسين».. وبذلك تكون روسيا قد كسبت الجولة من أمريكا وأنقذت الأسد الذي ترعاه.. والطريف أن الأمريكان استخدموا نفس أسلوب الإخوان فى التركيز على صور الأطفال ولكن يبدو أن جميعهم لا يملكون حرفية تزييف الحقائق والتي ظهر كذبهم فيها من خلال النسبة العالية من الأطفال من مجموع الضحايا. فقد أحصت الولايات المتحدة 426 طفلا, أي ما يزيد على الثلث. ولكن جميع الأطفال كانوا من عمر واحد تقريبا, ولم يكن أي من أهاليهم إلى جانبهم, إلى جانب أن الغازات السامة التي ضربت الغوطة نالت من الأطفال والرجال دون أن تصيب النساء بأذى. (يبدو أنها غازات صديقة للنساء)!.
كما أوضحت الفيديوهات المنشورة أن الرغوة الموجودة حول أفواههم لونها ابيض في حين أن غاز السارين يفرز رغوة صفراء اللون. الى جانب أن نشر الصور أدى الى تعرف العديد من الأسر العلوية في ريف اللاذقية على أطفالهم الذين اختطفهم «المسلحون» قبل أسبوعين. (وهذا فعله الاخوان فى مصر فى الاعتداء على الاتحادية عندما نشرت صوراً لأطفال قتلى كانوا يرتدون بيجامات فوقها بلوفرات صوف مع أننا فى عز الحر ثم اكتشف ان الصور لأطفال سوريين ماتوا فى سوريا).
يضاف الى ذلك أن التحاليل المخبرية التي يمكن أن تجريها الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا, لمعرفة استخدام الاسلحة الكيماوية من عدمه غير معروفة في الأوساط العلمية, التي ترى أن معالجة عينات من هذا النوع يتطلب وقتا أطول مما تم الاعلان عنه.. وخاصة أن موقف أمريكا من الجيش الحر يتطابق مع موقفها من الإخوان.. وخاصة أن هؤلاء ليسوا ثوارا وإنما هم جزء من تنظيم القاعدة التي يوجد جزء منها فى سيناء المصرية، فالثورة السورية بدأت بالثوار وانتهت باستيلاء العناصر المسلحة لتنظيم القاعدة.
ولأن أوباما مثل الاخوان يعتقد أنه مازال مبهرا فى الرقص على الحبال فإنه فى الوقت الذى ينادي فيه بضرورة منح تفويض له للقيام بعمل عسكري ضد سوريا ردا على هجوم مزعوم بأسلحة كيميائية, نجده يصرح بأن الاقتراح الذي قدمته روسيا للعمل مع دمشق لوضع أسلحتها الكيميائية تحت السيطرة الدولية ينطوي على احتمالات إيجابية.. وبالطبع روسيا مستفيدة من منع الحرب لأنها ستكون بطلة السلام، ومن المحتمل أن يحوز بذلك بوتين على جائزة نوبل للسلام كما حاز أوباما في سابق الأيام. وأيضا سيكون ذلك تثبيتا لوضع روسيا العالمي كدولة تعود تدريجيا إلى القطبية.