حتى دستور الإخوان المعطَّل كان يقدم في مادة من مواده آلية اتهام الرئيس بالخيانة العظمى وطريقة محاكمته بتلك التهمة.
لكن لم يكن يتخيل أحد أبدًا أن يأتي يوم تتهم فيه مصر رئيسًا لها بالخيانة العظمى.
رؤساء مصر منذ الجمهورية كلهم من مدرسة الوطنية المصرية، ومع ذلك فإن مادة الدستور عن الخيانة العظمى كانت موجودة ومطروحة، للتحسب المستحيل ربما، للرغبة في رقابة وطنية شعبية على أداء ومواقف الرئيس كذلك.
لكن محمد مرسي الرئيس المعزول وارد جماعة الإخوان، كان حالة تؤكد أنه ليس وحده المتهم بالخيانة العظمى، بل الجماعة كلها.
نعم، فالجماعة التي لا تعترف بالوطن ولا تضع انتماءها إلى مصر موضع العقيدة الوطنية، وترى أنه «طظ في مصر»، ثم إن الإخوانى اليمني أو الأفغاني أو السوري أقرب إلى الإخواني المصري من جاره المصري المسلم وزميله المصري المسيحي. يبقى نتحدث من اللحظة الأولى عن جماعة غير وطنية.
ثم عندما تكون هذه الجماعة تحت حكم وإمارة وولاية تنظيم دولي عالمي يشمل في قيادته جنسيات أجنبية لا تمتّ بصلة إلى مصر ولا تعتبر مصر وطنًا لها أصلًا، فكيف يمكن وصف هذه الجماعة إلا بأنها جماعة غير مصرية ذات ولاء أجنبي.
ثم عندما لا تكتب هذه الجماعة في وثائقها أبدًا عن أنها مصرية، ولا تقدّم الوطنية المصرية في دروسها التي تربِّى عليها أبناءها وأعضاءها، فهي لا تربِّى مصريين ينتمون إلى الإخوان المسلمين، بل تربّى إخوانًا مسلمين يسكنون في مصر.
«كما قلت منذ فترة طويلة إن مصر لنا وطن وعند الإخوان سكن»، لهذا يبدو واضحًا مدى الاضمحلال الوطني في نفوس هؤلاء من قاطني بؤرة رابعة العدوية، حيث لا توجد لديهم ذرة من صراع بين مصير بلدهم ومصير جماعتهم. إنهم في حاجة إلى تأهيل نفسي وإلى تربية وطنية فعلًا.
أليس لدينا في مناهج التعليم مادة اسمها التربية الوطنية. نعم، فالوطنية تحتاج غرسًا في النفوس وزرعًا في أرض قلوب الإخوان القاحلة من الوطنية.
أما الطامة الكبرى فهي تورُّط المعزول في التخابر مع دول أجنبية قبل وبعد الحكم. من يوم تعاونه مع تنظيم حماس وحزب الله لاقتحام السجون المصرية وتهريب الإخوان والإرهابيين ومعهم ستة وعشرون ألف سجين، لبثّ الذعر والرعب في مصر وتحطيم قدرة الشرطة المصرية ووصمها بالخيانة لشعبها.
هذه الجريمة شارك فيها مرسي بصفاقة مذهلة، فضلًا عما تقوله اتهامات أخرى بشعة عن تورّطه في حماية قتلة الجنود المصريين في سيناء وتستره على الإرهابيين المتورطين في قتل أبنائنا، فضلًا عن تسريب معلومات للخارج وإذاعة أسرار الدولة لجهات أجنبية، وهو اتهام بالتخابر والخيانة يكفي وحده لعزل مرسي عن وظيفته التي خانها بفظائع أخرى من الجهل والفشل والعجز.
لقد جاءت ثورة 30 يونيو مكملة لثورة يناير، تكملها وتتوّجها حين تطهرها من جماعة غير وطنية سرقتْها، ومن رجل متهم بالخيانة العظمى أهانها بوجوده.