ولكن المتابع للثورة التركية يرى مما لا يدع مجالا للشك أن الثورة المصرية ستظل دوما وأبدا الملهم الحقيقي لثورات الشعوب الأخرى، وها هنا اليوم تتجلى الثورة التركية بمشاهدها التي كادت أن تكون نسخة طبق الأصل من مشاهد الثورة المصرية، سواء بمشهد تصدى أحد المتظاهرين لمدرعة شرطة لتفريق المحتجين بخراطيم المياه، خلال المواجهات في إسطنبول، على غرار ما حدث يوم «ثلاثاء الغضب» 25 يناير 2011. أو بمشهد عازف الجيتار في مواجهة قوات الأمن التركية، مثلما عزف أحد المحتجين بـ«أكورديون» في مواجهة الشرطة بأحداث الذكرى الثانية للثورة في يناير 2012، ومشهد تكسير الرصيف لدفاع المتظاهرين عن أنفسهم أمام العنف الجارف من قوات الأمن.
وأمام كل هذه المشاهد التركية - المصرية، تأتى تصريحات أردوغان، رئيس الوزراء التركي، حول موجة الاعتراضات التي تجتاح تركيا على غير المتوقع منه ومن حكمته المعهودة، فقد سلك نفس مسلك مبارك والإخوان وتجاهل حق الشعب في التظاهر، وأن ذلك يكون دفاعا عن مبادئ ومطالب مشروعة، ووجه اتهاماته كالمعتاد للمعارضين وسعيهم إلى الفوضى والإعلام والأجندات والقوى الخارجية، والتأكيد على أن الأتراك يعيشون الآن مناخا من الديمقراطية، وهنا تذكرت نصيحة أردوغان لمبارك بأن «يستمع لصيحات شعبه، فنحن بشر فانون»، كما طالب أردوغان في هذه الآونة المجلس العسكري المصري بعدم التسبب في إراقة الدماء «فهل تذكر أردوغان كلماته لمبارك والمجلس العسكري وهو الآن مع جهازه الأمني يتسبب في إصابة الآلاف من المتظاهرين الأتراك واعتقال الآلاف الآخرين أم أنه كعادة الإخوان الذين يقولون ما لا يفعلون؟».
إن ما يحدث الآن في تركيا من قبل الداخلية واستخدامها العنف ضد المتظاهرين، إشارة مبكرة لفشل معالجة أردوغان للتظاهرات التي ربما تتحول أسرع من المتوقع إلى احتجاجات واسعة لا ندرى إلى أين ستصل، وهذا ما جعل الثوار الحقيقيين في مصر وتونس وتركيا يبدؤون بالفعل للتنسيق من أجل أن يكون يوم 30 يونيو يوما للثورة على تنظيم الإخوان الدولي في كل من مصر وتونس وتركيا.
ورغم أنني لا أظن أن ما يحدث في تركيا من حراك سياسي احتجاجي سيؤدي بسهولة إلى سقوط نظام أردوغان، ولكن بالتأكيد سيساهم ويساند في كشف وفضح فشل المشروع الإخواني وكيف أنه بعيد كل البعد عن الإسلام وتعاليمه وروح الشعوب المسلمة.