عدد الجمعة الفائتة 30 نوفمبر 2012 كان رائعاً للغاية وجذاباً في الموضوع والشكل وطالعت فيه صوراً لوالدي لم أرها من قبل فاتصلت برئيس التحرير الأخ أحمد الحبيشي وقلت له «الله يسامحك ياحبيشي تكرمت فأهديتني منذ سنوات CD يضم صوراً لوالدي جديدة علي، والآن تفاجئني بصور جديدة أخرى! فهل حصلتم عليها مؤخراً أم أخفيتها عني؟ عموماً لن أتركك إلا بعد CD آخر تهديه لي هذا الأسبوع يضم كل صور والدي التي بأرشيفكم، وللعلم أنا مولت موقع الوالد من صوركم ومنها نسخت لبعض الصحف ومنها جعلت استوديو محترفاً ـ بعدن مول ـ يقوم بتكبيرها ووضعها في براويز من الخشب الفاخر، وهذه الصور له ولغيره لم تكن بأرشيفكم من قبل وتوفرت أثناء قيادتك للصحيفة” فأجاب بأنها صور لم تتوفر إلا مؤخراً بجهود السيدة / جميلة شبيلي مديرة الأرشيف الصحفي التي قامت بإنقاذ ما يمكن إنقاذه لتوثيق تاريخ ثورة 14 أكتوبر والاستقلال الوطني حيث تحصلت على هذه الصور في الأرشيف القديم الذي تعرض للإهمال. وأنا ـ أي نجيب ـ أتقدم إلى السيدة/ جميلة بتقديري فلم تعطنا مجرد صور فوتغرافية بل أسهمت في التوثيق لمرحلة هامة من تاريخنا الوطني بعثورها على تلك الصور النادرة.
[بيان حكومة الاتحاد]
بيان حكومة الاتحاد
صحيفة (14 أكتوبر) تصفع هواة تزوير تاريخنا
عنوان الملحق الخاص بالذكرى كان جذاباً هو الآخر ويعبر عن مسافة وطنية طويلة بكلمات قليلة هي «30 نوفمبر رحيل إمبراطورية وانتصار وطن»، الملحق يعتبر صفعات متتالية موجهة لهواة تزوير تاريخنا الوطني ومحاولاتهم اليائسة التي لم تنته منذ 45 عاماً عندما حقق مناضلو ثورة 14 أكتوبر من الجبهتين القومية والتحرير ـ وأسهمت معهم كل الفئات الشريفة حزبية ومستقلة ـ الاستقلال الوطني الناجز الذي ظل حلماً يراود الشعب منذ إحتلال بريطانيا لعدن في 1839م، والملحق يلطم أيضاً الدعوات التافهة المطالبة بعودة عدن للعدنيين التي عادت لتظهر على استحياء بعدما دفنتها الحركة الوطنية قبل نحو 10 سنوات من الاستقلال، والملحق يلطم أيضاً الدعوات التافهةً التي ينعق بها منذ شهور بعض أبناء حضرموت لفصلها ولم يجدوا ما يبرروا به مطلبهم الشاذ غير حجة اختلقوها لا تستند إلى أي دليل ولكنها الوقاحة فهم يرددون كالبغغاوات أن حضرموت لم تكن جزءاً من الجنوب قبل الاستقلال ولكن الجنوبيين احتلوها في 1967م! وهو ما دفعني لنشر بعض الحقائق التي يثبت كل منها زيف حجتهم فانبروا كلهم وللآن يكتبون مقالات لا يردون فيها على الحقائق التي أوردتها (وهذا طبيعي فهي حقائق مثبوتة لا كحجتهم البليدة) ولكن هم فقط يشتمونني ويشتمون كل الجنوبيين والشماليين (وأنا لا أحاول التأليب عليهم ولكن ما أقوله حقيقة وليزر القارئ أي موقع الكتروني حضرمي وسيتأكد من صحة ما أقول) ويزعمون بأن الجنوبيين ـ وكأن الحضارم ليسوا جنويين ـ لصوص احتلوا حضرموت في 1967م لينهبوا ثرواتها! دون أن يقولوا ما هي تلك الثروات (عدا النفط الذي لم يستخرج إلا بعد الوحدة اليمنية).
وبعضهم تفتق خياله الخصب عن الزعم بأن السلطة الوطنية عقب الاستقلال في 1967م نقلت إلى عدن مائة مليون جنيه إسترليني كانت في خزائن دولة حضرموت!! مع أنه:
1) لم يكن هناك وجود لدولة حضرموت فعند الاستقلال كانت حضرموت منقسمة إلى سلطنتين تحت الحماية والسيادة البريطانية.
2) لو صح وجود ذلك المبلغ ما كان وفد الجبهة القومية سيضيع أياماً من مفاوضات الاستقلال وهو يحاول الحصول على تعويضات عن الاحتلال البريطاني أو معونات مالية لحكومة الاستقلال.
3) ثم من أين للسلطنتين بذلك المبلغ الضخم جداً حينها؟ فحينئذ وعلى قول المصريين «لم يكن حيلتهم اللظى» أي فقراء.
وينعق انفصاليو حضرموت:
1) سلاطيننا الذين يحبوننا (صحيح يحبونكم، بدليل أنهم لم يسفلتوا لكم أي شارع بالعاصمة المكلا بما في ذلك الشارع الرئيسي، وسفلتته الحكومة الوطنية عقب الاستقلال).
2) سلاطيننا الذين يحبهم شعبهم (صحيح، بدليل أن الشعب بحضرموت أسقط سلطتهم).
3) سلاطيننا الذين كانوا يعيشون مثل رعاياهم (أي نعم، بدليل أن آخر سلطان للقعيطي ـ لا يزال حياً ـ سافر في أواخر 1967م للاستجمام في ربوع ومرابع أوروبا مصطحباً معه حقيبة تمتلئ بالنقود الورقية، والوثائق البريطانية الحقيقية تتكلم لا التي زيفها المدعو محمد سعيد باحاج وكشفته بمقال نشر منذ أيام بصفحتي بفيسبوك وبمواقع «عدن أونلاين» و «صدى عدن» و «حضرموت أونلاين»). والمذكور باحاج يحاول التزوير بغباء بل بشكل مضحك جداً فمثلاً المادة 17 من اتفاقية الاستقلال الموقعة بجنيف من قبل رئيسي وفدي الجبهة القومية والمملكة المتحدة تتحدث عن الديون المستحقة على الجمهورية والباقية إلى يوم الاستقلال، ففسر ذلك بأنه دليل على أن حضرموت لم تكن جزءاً من الجنوب كون المادة قالت «الجمهورية والباقية...» فالجمهورية تعني الجمهورية الجنوبية أما «الباقية» فتعني حضرموت! صحيح المجانين في نعيم.
الخلاصة أن كتاباتهم شخبطات لا يعتد بها. وبالطبع الوقائع التي تثبت جنوبية حضرموت قبل الاستقلال عديدة وكون السلطة في سلطنتيها أسقطت على يد مناضلي الجبهة القومية في سبتمبر وأكتوبر 1967 فهذا ليس احتلالاً والحمد لله أن المناضلين الذين أسقطوهما كانوا جميعاً من أبناء حضرموت الأبطال فبماذا إذاً كانوا سينعقون لو أن من أسقطوهما كانوا ـ أو حتى بعضهم ـ من خارج حضرموت؟! المضحك أن البعض يتوهم أن تأسيس دولة جديدة يكون بكتابة مقالات بل بأكاذيب وشتائم! الله يعينهم على ما هم فيه من أحلام اليقظة.
بعض التصحيحات لما نشرته (14 أكتوبر)
وأتوجه بمشاعر الاحترام والتقدير لكل العاملين بصحيفة (14 أكتوبر) بقيادة الأخ أحمد الحبيشي الذي أجده لم يغير مواقفه مثلما فعل أدعياء النضال ممن حكموا الجنوب وقادوه إلى الوحدة اليمنية ثم حولوا الانفصال فهو لا يزال متمسكاً بإيمانه بيمنية الجنوب وضد تسميته بالجنوب العربي وضد فصل الجنوب عن الجمهورية اليمنية فأنا مثله في ذلك ولا يغير من موقفي أنني لست مع وحدة فشلت ويستحيل إصلاح إعوجاجها، فأنا بالمقابل لست مع الانفصال فقد نشأت في أسرة مناضلة يؤمن رجالها بالوحدتين اليمنية والعربية، فأنا مع بقاء الجنوب اليمني في الجمهورية اليمنية والأخذ بنظام فدرالي من ولايتين هما دولتي اليمن السابقتين، ليس أخلاقياً أن يطالب المرء بوحدة اليمن ثم عندما يفقد مصالحه الشخصية يطالب بالانفصال بل ويقول لك نحن جنوب عربي مع أنه لا يفهم معنى التسمية ولا متى ظهرت ولا لماذا ظهرت! خلاص سمع بحكاية الجنوب العربي وسيفلق رؤوسنا بها!
وفقط أود تصحيح بعض المعلومات بالملحق الذي حصلت على نسخة منه بالصدفة ففي المناسبات الوطنية تنفد نسخ 14 أكتوبر لدى الباعة خلال ساعة، فأصحح الآتي:
أولاً : الصورة بصفحة 4 التي يظهر فيها من اليمين السادة : أبوبكر قطي، محمود عشيش، سيف الضالعي، فيصل عبداللطيف وأحمد سعيد صدقة، يقول التعليق أسفلها «أثناء مفاوضات الجبهة القومية مع الوفد البريطاني المفاوض في جنيف» والصحيح هو الآتي «أثناء مفاوضات بعدن في مايو 1968 بين ممثلي حكومة عدن ووفد رسمي بريطاني جاء وفقاً لاتفاقية الاستقلال لاستكمال مفاوضات جنيف حول الشؤون المالية».
ثانياً : العنوان الرئيسي لصفحة 9 يتحدث عن خطاب وبيان وقرارات للقيادة العامة في يوم الاستقلال ألقاها نيابة عنها عبدالفتاح اسماعيل، والحقيقة أنه لا يوجد خطاب فهناك بيان وقرارين للقيادة العامة.
لبوزة قتل قبل ثورة 14 أكتوبر.. ومراسلاته مختلقة
ثالثاً : في مقال الأخ الحبيشي «الاستقلال الوطني لم يكن جلاءً لقواعد أجنبية غير استعمارية» يجيء الآتي «رفض هؤلاء المقاتلون وعلى رأسهم المناضل غالب بن راجح لبوزة الخضوع لأوامر السلطات الاستعمارية بتسليم أنفسهم مع أسلحتهم لغرض التحقيق معهم وكان ذلك إيذاناً ببدء مواجهة مسلحة بين مواطني ردفان والقوات البريطانية التي قصفت منازلهم ومزارعهم بالطائرات والمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى استشهاد المناضل غالب بن راجح لبوزة صبيحة يوم الرابع عشر من أكتوبر 1963م» ويبدو أن الأخ الحبيشي لم يطالع ما كتبته منذ نحو عامين وكررته منذ شهر ونصف في ذكرى 14 أكتوبر وإلا ما كتب تلك الفقرة للأسباب التالية:
1) ليس صحيحاً أبداً ما ينشر منذ سنوات بأن السلطات الاستعمارية أمرت لبوزة ومجموعته بتسليم أنفسهم مع أسلحتهم وفي حكاية أخرى تسليم أسلحتهم ودفع غرامات وفي حكاية ثالثة تسليم أسلحتهم ووضع مبلغ كضمان لعدم عودتهم للشمال، وليس هناك أي وثيقة بريطانية أو لحكومة الاتحاد الفدرالي للجنوب أو لأية جهة رسمية تتحدث عن ذلك. وقد قدمت ما يثبت أن مراسلات الضابط السياسي البريطاني المدعو «ميلن» (والصحيح «مينل») ولبوزة التي تتحدث عن تسليم أسلحة ودفع غرامات (وفي نصوص أخرى دفع ضمانات، وهذا التضارب لأن المراسلات مختلقة) تلك المراسلات وحكاية طلقة الرصاص كتحد للسلطات الاستعمارية، كل ذلك اختلق بعد سنين من مقتل لبوزة، انظر الأدلة في «عدن أونلاين» الجزء 2 من مقالي «لبوزة قتل قبل ثورة 14 أكتوبر، ومراسلاته مختلقة»، ويمكن إستخدام الرابط التالي :
aden-online.com/articles/2413.htm
2) السبب الحقيقي لمقتل لبوزة هو أن مجموعته أقامت حاجزاً على الطريق الرئيسي بردفان الموصل بين عدن والضالع وشمال اليمن وأخذت تحصل رسوماً غير قانونية على السلع التجارية المارة بالطريق، وقام نائب مشيخة القطيبي بردفان الشيخ محمود حسن علي لخرم بإزالة الحاجز فحاولت مجموعة لبوزة إغتياله في 12 أكتوبر لكنه نجا وجاء في اليوم التالي 13 أكتوبر 1963 بصحبة قوات اتحادية إلى موقع لبوزة وجماعته وأصلتهم القوات الاتحادية ناراً حامية وسقطت قذيفة عشوائية بالقرب من صخرة يتوارى لبوزة خلفها فانفجرت وأصيب بشظاياها فمات من فوره. وهناك وثيقة رسمية لحكومة الاتحاد تثبت مقتله في 13 أكتوبر 1963 والوثيقة هي بيان صادر عن وزارة الإرشاد القومي والإعلام (وقد نشرها العقيد محمد عباس ناجي الضالعي بكتابه عن انطلاق ثورة 14 أكتوبر بعدما تصرف فيها ببتر السطور الأولى من البيان وتتحدث عن وقوع معركة في 13 أكتوبر 1963 وقتل فيها لبوزة، لقد بتر ذلك الجزء ليبقى الناس مخدوعين بأن لبوزة فجر الثورة في 14 أكتوبر!)، ومرفق صورة للسطور الأولى من بيان حكومة الاتحاد أرجو نشرها مع مقالي هذا ليطالعها القراء فيعرفوا حقائق هامة ويدركوا بأنهم كانوا لسنوات فريسة لمزوري تاريخنا الوطني، تقول السطور الأولى ما يلي:
“وكمثال على المشاكل التي يتحتم على النائب محمود أن يواجهها ما حدث يوم السبت 12 أكتوبر الماضي عندما أطلقت على النائب وحرسه أثناء زيارته لوادي مصراح النار من عصابة من أفراد القبائل المرتزقة الذين عادوا مؤخراً من اليمن، وبعد أن صد النائب هذا الهجوم بدون خسائر عاد ورجع في اليوم التالي برفقة فرقة مؤلفة من الجيش والحرس الاتحادي وتعرضت هذه الفرقة لنيران فريقين من رجال العصابات كانا يطلقان النار من مراكز تقع في الجانب الجبلي ويتألفان من 8 و30 رجلا على التوالي وكان هؤلاء بقيادة قائد رجال العصابات الرجعي والمفسد من جبل ردفان وهو راجح غالب لبوزة الذي عاد مؤخراً من اليمن”.
ثم يوضح البيان نتيجة تبادل إطلاق النار بالآتي :
“وقد خسر رجال العصابات اثنين منهم كان أحدهما راجح غالب نفسه بينما أُصيب أربعة آخرون ولم تصب القوات الاتحادية بأية خسائر”.
تنويه : بيان حكومة الاتحاد نشر برقم 1061 / 63 باللغتين العربية والإنجليزية في نشرة “خدمة صحافة الجنوب العربي” التي كانت تصدرها وزارة الإرشاد القومي والإعلام بعدن.
وهكذا، فإنه بعد أن نشرت للقراء ذلك الجزء من البيان، يصير بإمكان القارئ الكريم إذا وجد من يزعم بأن لبوزة فجَّر أو قاد ثورة 14 أكتوبر المجيدة أن يضع أصابعه في عينيه ويقول له “أنت كذاب أو جاهل فلبوزة قتل قبل أن تبدأ ثورة 14 أكتوبر وفي معركة لا علاقة لها بالثورة”.