يقع الملف في (8) صفحات ويشكل في مضمونه المتنوع والدسم هدية ثمينة لرجلنا الكبير. والرجل فارس في عدة مجالات بدءاً من حقل التدريس ومروراً بالرياضة والفن وانتهاءً بالحياة النيابية قبل الوحدة وبعدها.
ما أن وقعت عيني على الملف حتى عتبت على نفسي لعدم المساهمة وأنا واحد من المقربين إلى هذا الرجل الكبير الذي أكن له تقديراً ومعزة كبيرين. سألت نفسي ما الذي يمكن إضافته إلى ذلك الملف الثمين فرست قناعتي على موضوع كتبه المرشد في "الأيام" المقهورة في عددها الصادر في 22 فبراير 1959م، أي قبل (53) عاماً وعنوانه (أغنية البدوية) وهي القصيدة الأطلس التي تحدث فيها عن جغرافية لحج وهوى حقات، وهي القصيدة التي عكست في العشرينات من القرن الماضي الثقافة السياسية الواسعة عند هذا العلم الجهبذ.
موضوع المرشدي الآنف الذكر يبين موقف الرجل وثقافته ويبين الخارطة السياسية والقومية الوطنية بكل تضاريسها .. ويتحدث عن مد قومي عارم كان وراءه شخص جمال عبدالناصر وكاريزميته.
في مدخل الموضوع يتحدث المرشد عن كوكبة أصدقاء أقنعوه بتلحين كلمات قصيدة "البدوية" للأمير أحمد فضل القمندان إلا أن مستجداً طرأ عقب الانتشار القومي والوحدوي على يد عبدالناصر فبرزت علامات العتاب وعدم الرضى عند تلك الكوكبة من الأصدقاء بل إن أحدهم جاهر بالقول أن ثمة مقاطع صارت لا تتفق والحس القومي المستعر والمتأجج لاسيما وأن الشاعر قد قال:
غن يا هادي
نشيد أهل الوطن
غن صوت الدان
ما علينا من غناء صنعاء اليمن
غصن من عقيان
غير أن مرشد ناجي أوضح أن ما ورد على لسان القمندان ينبغي فهمه في إطار الحدث وهو بعيد كل البعد عن الأبعاد السياسية التي راودت المعاتبين من أصدقاء المرشد.
في فعالية اجتماعية وفنية في أرض تبن احياها الفنان هادي النوبي (والد الراحل الكبير عبدالله هادي سبيت) الذي دأب على الدوام على تقديم أغان صنعانية، كان الأمير القمندان من ضمن كبار الحضور وضاق ذرعاً بالفنان هادي النوبي الذي قدم طوال الحفل أغان صنعانية وورد في إحداها (غصن من عقيان) فانفجر القمندان قائلاً:
غن يا هادي
نشيد أهل الوطن
غن صوت الدان
ما علينا من غنا صنعاء اليمن
غصن من عقيان
قصيدة البدوية طويلة وحملت كل شيء جديد وقد وردت في ديوان أحمد فضل القمندان الموسوم (المصدر المفيد في غناء لحج الجديد) وقراءة القصيدة مع سماع اللحن الشجي والأداء الشهي للمرشد وكذا قراءة موضوعه السالف الذكر يعد انتصاراً للأدب والفن والإبداع. وحتى لا نبخس الناس أشياءها تجدر الإشارة إلى دور الرجل الكبير عمر الجاوي في الدفاع عن الأمير أحمد فضل القمندان شاعراً وفناناً.