وللإجابة عن هذا السؤال يجب علينا أن نعرف أن المسألة نسبية في تفسير مثل تلك الأحداث والظواهر الاجتماعية ولا يمكن تفسيرها أو الإجابة عنها بـ”صح أو خطأ” فنحن لسنا أمام مسألة رياضية.
الثورة هي إثارة أمر ما ظل راكداً لمدة طويلة وهذا ما حصل في اليمن وغيرها من البلدان العربية، قد تنجح الثورة أو تفشل أو يكون النجاح نسبياً أو حتى تكون نتائجها سلبية، ذلك مبحث آخر.
الثورة قد يشارك فيها أو يقودها فاسدون أو انتهازيون لأغراضهم الخاصة، هذا ممكن. لكن تظل ميزة أغلب الثورات أنها تكسر القيود والحواجز، وتخرج الكثير من الطاقات البشرية وتحررها من الجمود الذي أصابها لعقود، الثورات تضخ دماءً جديدة في الحياة السياسية والاجتماعية، الثورات تضخ الكثير من الأبحاث والدراسات والمقارنات وتحرك الفكر والمفكرين، وتجعل المواطن البسيط مهتماً بالشأن العام، الثورات تعطي الأمل بالتغيير، وتغير الكثير من المعادلات التي كانت ثابتة، الثورات تغير الكثير من أولويات مراكز القوى وتخلط الكثير من التحالفات وتطل من نافذتها قوى جديدة ظلت محاربة ومحظورة.
الثورة مطلوبة حتى ضد الأنظمة الديمقراطية والتي تحترم حقوق الإنسان، فاستقرار الأنظمة مهما كانت ايجابياتها يصيبها بالشيخوخة والترهل.
الثورة تقضي على فاسدين وتزيح مستبدين وتحرر فاسدين وتنصب مستبدين.
لكن الثورة لا يجوز أن تظل لسنوات تخزن القات في الأرصفة والخيام وتقطع الطرقات وتعطل مصالح الناس دون مبرر.
الثورة حركة وعنفوان، الثورة بركان هادر، لكن الثورة ليست ساحات ثابتة وخياماً عامرة ومجابرة، وأكلاً ونوماً وهكذا إلى أن تحجرت وتجمدت العقول، أعجب البعض ثورة التخازين في الساحات، ثورة سهلة بدون أتعاب أو مواجهات مع الأمن,،ثورة بدون رائحة الغازات المسيلة للدموع.
ما الفائدة من بقاء المعتصمين في الساحات؟
لماذا لا يقوم الثائرون بعمل اعتصامات مطلبية لعزل بعض رموز النظام أمثال غالب القمش وأحمد علي وعلي محسن وغيرهم؟
لماذا لا تنقل الاعتصامات إلى أمام الأمن السياسي أو الحرس أو الفرقة؟
أم أن الثورة مختصة بالدايري وتعطيل حي الجامعة؟
يكفي حي الجامعة ثورة، هناك أماكن أخرى متعطشة لها.
البقاء في الساحات بتلك الطريقة فيه اختزال للثورة، وتعطيل غير مبرر لمصالح الناس.
الساحات تستخدم الآن لتصفية بعض الخلافات السياسية بين شركاء النظام وللضغط لزيادة الحصص في المحاصصة هنا أو هناك .
هل يقبل الشباب أن يصبحوا وساحاتهم مطية لمطالب ومصالح خاصة؟
وهذا يقودنا إلى سؤال أهم وهو: هل أصبحت الساحات عبئاً على الثورة؟
فهي تعطي الانطباع أن الثورة مستمرة مع أنها خاملة، تعطي الانطباع بأن عجلة التغيير تدور مع أن الواقع يقول إنها مغروزة في الجامعة، البقاء في الساحات يوهم الناس أن هناك ثورة.