والأشول خبر الوزارة طويلا، فهو تربوي مجرب ومزود بخبرات علمية وفنية كثيرة، وإذا أراد الإصلاح، فهو الآن صاحب القرار الأول في الوزارة، ويتعين عليه أن لا يضع على رأس قائمة أولوياته كيفية استبعاد الآخرين لتمكين حزبه في المؤسسات التربوية، فحزب الإصلاح متمكن فيها أصلا وكفاية منذ وجد “الإخوان المسلمون” في اليمن، وقلد الله الغباري!
الأولوية ليست قلع بصل وغرس بقل، بل مكافحة الفساد وتحسين البيئة المدرسية والمنهج التعليمي العلمي والرصين. خمسون سنة مرت والتعليم الذي يسمى بالحديث لم يكن منتجا، تخرج ملايين الطلاب، وأحسن ما لدينا أن أكثر من نصف أبناء المجتمع صاروا متعلمين، والتعبير الصحيح أنهم لم يعودوا أميين، أما العقول الفذة القليلة التي عرفناها فهي هبة الخالق أو من نتاج مثابرة وجهد شخصي، وليس من إنتاج المؤسسة التعليمية التي ليس فيها درس عن التفكير العلمي.
في الوزارة أكثر من ربع مليون تربوي، والعجز في المعلمين يكبر، والجهاز الإداري يتضخم.. وهذه تجليات للفساد المستحكم. قبل شهرين تقريبا علقت في حارتنا صورة عسكري استشهد في أحداث وزارة الداخلية، بينما كان معروفا عندنا أنه موجه تربوي في محافظة غربية.. وهناك موظفون في الوزارة لا تربطهم بها سوى الرواتب. في رمضان الماضي طرد من السعودية تربوي سابق بعد أن ظل يقيم فيها بطريقة غير قانونية مدة سنوات، كان هنا يعمل مدرسا، لكنه ترك وظيفته وهاجر لتحسين شروط حياة أسرته.. والآن بعد طرده من السعودية اكتشف أنه ارتكب خطأً عندما ترك وظيفته في وزارة التربية والتعليم، فقد كان بإمكانه الإبقاء على هذه الوظيفة حتى وهو في المهجر، وبنفس الأسلوب الذي اتبعه آخرون كما قال.. أن يتخلى عن المرتب الشهري أو الجزء الأكبر منه لأي موظف صاحب قرار في الإدارة التي يعمل فيها، بمقابل القيام بواجب التستر عن هذا المهاجر.
أعرف زميلا في إدارة شؤون موظفين كان يقبض المرتب الشهري لموظف آخر مهاجر في السعودية منذ عدة سنوات.. وصارحني زميلي هذا أنه يأخذ من المرتب حصة ويوزع بقيته على آخرين تكفلوا ببقاء وظيفة الموظف المهاجر إلى أن يعود أو يتقاعد!!