غضون
* تتوافر محافظة عدن على مميزات لا وجود لها في أي محافظة يمنية أخرى، ويقول عنها الزائرون القادمون من وراء الحدود إنها من مدن الدنيا المثيرة للدهشة من حيث موقعها وجبالها وبحرها وبرها، وكذلك ناسها، فضلاً عن كونها عنوانا للمدنية والتعدد والتنوع والتعايش، وهي اليوم في هذا البلد المرهق بالمتاعب تعد المحافظة الأكثر استقراراً وأماناً، والمكان المفضل لمن يرغبون في السياحة الداخلية أو قضاء إجازة براحة بال، أو شغل أوقات الفراغ بتلاوة آياتها.ترى لماذا يحاول بعض المؤذين ضرب هذه المقومات الآن بعد أن كانت ايديهم قد كفت بعد حرب صيف 1994م التي عربدوا فيها بذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكأن عدن ساحة لممارسة الرذائل والمعاصي، وسلوكهم هذا ينطوي على اتهام الناس في ضمائرهم وعفتهم واستقامتهم، والشك في ذمة أي ذكر وأنثى يجتمعان في أي متنزه أو ساحل عدني.* بعد نحو أسبوع من التعدي على حريات وكرامة بعض المواطنين في ساحل أبين من قبل جماعة يتأمرها عبدالحكيم الحسني ومساعده وائل سيف لم نسمع أن السلطات المعنية في عدن استدعت أحداً من المعتدين وحققت معه، رغم أن ما قام به هؤلاء من سب وشتم واعتداء على مرتادي الشاطئ والتحقيق في هوياتهم والطعن في أخلاقهم يعد جريمة معاقب عليها في القانون، خاصة أن الفاعلين منحوا أنفسهم صلاحيات وسلطات ليست لهم، ولا حتى لأي احد غيرهم، فالحريات العامة والخاصة والحق في الأمان الشخصي والحق في شغل أوقات الفراغ والصحبة العائلية حقوق مكفولة في الدستور وقوانين البلاد ولا يجوز لأي هيئة في الدولة أن تنتهك تلك الحريات والحقوق أو تقيدها، فما بالك عندما يقوم بذلك اشخاص لا ولاية ولا صفة رسمية لهم، بل مجرد أفراد يعادون الحياة ومهووسين دينياً وجنسياً. إذا كانت عدن لا تروق لهم فليخرجوا منها ويلتحقوا بمن سبقهم إلى الكهوف التي أوى إليها عناصر تنظيم القاعدة.. «ولو كانوا قاعدين»! يقال إن الجماعة إياها يقودها شخصان أحدهما خطيب جامع في خور مكسر ورئيس جمعية الاحسان الخيرية ، والآخر ضابط شرطة في أمن البريقة، وهذا لو صح أمر خطير لانهما موظفان عموميان.. فكيف يمارس موظف عمومي مثل هذا السلوك المعاقب عليه في القانون؟ وإذا كانا كذلك أليس من باب أولى أن يساءلا على ذلك السلوك؟! من حق الشياطين أن «يشطنوا» لكن ليس «على كيفهم»!.* إن ما يقوم به المحافظ الجفري ونائبه شائف ومدير أمن عدن وغيرهم من المسؤولين في الهيئات المحلية والهيئات التنفيذية والقضائية في محافظة عدن يشكرون عليه، فجهودهم المتضافرة تؤدي إلى جعل عدن على الصورة التي نحب، وعليهم في الوقت نفسه أن يستمروا بالوتيرة نفسها من أجل التغلب على المظاهر والتحديات التي تعترض طريقنا للوصول إلى الهدف الكبير.. ان تكون عدن مستقبل اليمنيين.. وليست فقط مستقبلة للسياح ولخليجي عشرين.من أجل ذلك يقتضي الأمر ايضا التعامل بشجاعة ومن دون رهبة او حرج ديني مع الذين يشهرون الدين في وجوهنا ويمررون عبر لافتاته رغائبهم التي يستوحونها من تزمتهم وكراهتهم للحياة وللناس والجمال ومن شكوكهم الأزلية في المرأة حتى لو كانت تجلس إلى جانب زوجها في شاطئ البحر، أو تداعب أولادها في الساحل الرملي الناعم في جولد مور.