مطالبات بإعادة مكيراس إلى حضن أبين وإنصاف أبنائها



عدن/ 14 أكتوبر/ خاص:
عادل خدشي:
في مشهد يعكس عمق القضية الجنوبية وتفاصيلها المؤلمة، برزت قضية مديرية مكيراس مجددًا إلى الواجهة، من خلال تصريحات لقائد مقاومة مكيراس المستشار أحمد عبده أحمد العاقل، الذي وصف ما تعرضت له المديرية بـ«الذبح مرتين»، آخرها فصلها عن محيطها الطبيعي وضمها إداريًا إلى محافظة البيضاء، في خطوة اعتبرها ظلمًا تاريخيًا لا يزال أبناء مكيراس يدفعون ثمنه حتى اليوم.
وفي حديثه، استهل العاقل كلمته بتوجيه الشكر والتقدير لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، مشيدًا بما تحقق من انتصارات نوعية على امتداد الجغرافيا الجنوبية، مؤكدًا أن أبناء مكيراس يتقدمون بأسمى آيات التهاني للرئيس الزُبيدي الذي «صدق الوعد وأوفى به»، عبر تحرير أجزاء واسعة من أرض الجنوب من براثن الجهل والتخلف والفساد الذي جثم على صدور الجنوبيين لأكثر من ثلاثة عقود.
وأشار العاقل إلى أن الانتصارات التي تحققت في وادي وصحراء حضرموت والمهرة لم تكن إلا نتاج تضحيات جسيمة قدمها أبطال القوات المسلحة الجنوبية، الذين سطروا ملاحم وطنية خالدة، مؤكدًا أن ما تبقى من الاحتلال لا يتجاوز اليوم مديرية مكيراس، التي وصفها بـ«جولان الجنوب العربي»، بعد أن تُركت وحيدة تواجه مصيرها، وتعرض أهلها لأبشع صنوف الظلم والتهميش.
وأوضح قائد مقاومة مكيراس أن المديرية تعرضت لأول عملية «ذبح» عند إعلان ما سُمِّي بالوحدة عام 1990م، فيما تمثلت الجريمة الثانية بفصلها عن محافظة أبين وضمها إلى محافظة البيضاء، وهو ما أدى إلى تمزيق النسيج القبلي، لاسيما قبائل العواذل، إحدى أكبر قبائل أبين، والتي تم تقسيمها بين مديريتي لودر ومكيراس، رغم انتمائهما التاريخي لمحافظة أبين.
ومن داخل خيمة أبناء مكيراس في موقع الاعتصام الجنوبي بساحة العروض، وجّه العاقل نداءً عاجلًا إلى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي وكافة أحرار الجنوب، مطالبًا بالإسراع في تحرير مديرية مكيراس وإصدار قرار رسمي يعيدها إلى أحضان أهلها في محافظة أبين، إلى جانب إعادة النظر في مسألة الهوية الجنوبية لأبنائها، بعد أن تم إقصاؤهم إداريًا من الانتماء الجنوبي وإلحاقهم بمحافظة البيضاء.
وأكد العاقل أن هذا الوضع غير المنطقي انعكس سلبًا على حياة أبناء مكيراس، حيث يعانون من مضايقات في النقاط العسكرية، إضافة إلى حرمانهم من الالتحاق بالقوات المسلحة الجنوبية، بسبب البطاقة الشخصية ووثائق السفر التي لا تُعاملهم كجنوبيين، مطالبًا القيادة السياسية والعسكرية الجنوبية بوضع هذا الملف ضمن أولوياتها الوطنية.
كما ناشد قائد مقاومة مكيراس قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الاهتمام بكوادر المديرية في مختلف المجالات، والالتفات إلى أوضاع النازحين من أبنائها، الذين دُمرت منازلهم وفقدوا أراضيهم، مؤكدًا أن أبناء مكيراس لم يُعاملوا – وللأسف – أسوة ببقية النازحين من المناطق اليمنية الأخرى، رغم معاناتهم الطويلة.
وفي ردّه على سؤال للصحيفة حول القطاع الزراعي في مكيراس، قال العاقل إن المديرية تعرضت بعد ما يسمى بالوحدة المشؤومة لعملية تدمير ممنهجة طالت كل مقومات الحياة، من زراعة وصحة وتعليم أساسي وجامعي، إضافة إلى الطرق والمشاريع الحيوية، مشيرًا إلى أن التعاونيات الزراعية، التي كانت تُعد من الأفضل على مستوى الجنوب، جرى تدميرها وبيع معداتها، إلى جانب تصفية المشاريع الخدمية الأهلية كالكهرباء والمياه.
من جانبه، عبّر العقيد أحمد عبدالله محسن الجحافي، من أمن مطار عدن الدولي، عن اعتزازه بالمشاركة في الاعتصام المفتوح بساحة العروض في خورمكسر، مؤكدًا أن هذا الاعتصام يأتي تجسيدًا لمطالب شعب الجنوب في الحرية والاستقلال بعد احتلال دام أكثر من ثلاثة عقود.
وأوضح الجحافي أن التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء الجنوب، من آلاف الشهداء والجرحى، لا يمكن أن تُنسى أو تُمحى من الذاكرة الوطنية، معتبرًا أن تلك التضحيات كانت من أجل استعادة الكرامة والدولة التي سُلبت في حرب 1994م، مشددًا على أن دولة الجنوب كانت دولة معترفًا بها دوليًا وذات سيادة كاملة.
ودعا الجحافي المجتمع الدولي إلى الاستجابة لإرادة شعب الجنوب في استعادة دولته دون قيد أو شرط، حفاظًا على أمن واستقرار المنطقة والممرات الدولية، مشيرًا إلى أن الانتصارات التي تحققت في حضرموت والمهرة جاءت بفضل الله، ثم بفضل بسالة القوات المسلحة الجنوبية وحنكة القيادة السياسية للرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي.
وأكد الجحافي أن أبناء الجنوب يقفون اليوم صفًا واحدًا خلف قيادتهم السياسية، وأن الاعتصام في ساحة العروض، وما تشهده من قوافل جماهيرية من مختلف محافظات الجنوب، يمثل رسالة تأييد واضحة لمسار استعادة الدولة الجنوبية، والاستعداد لدفع الغالي والنفيس في سبيل تحقيق هذا الهدف الوطني.
وفي رسالة موجهة للعالم، شدد الجحافي على أن شعب الجنوب لم يتراجع يومًا عن حقه في استعادة دولته إلى ما قبل عام 1990م، مؤكدًا امتلاك الجنوب القدرة العسكرية على حماية أرضه الممتدة من باب المندب إلى المهرة، ومكافحة التطرف والإرهاب بما يضمن أمن الجنوب والمنطقة العربية برمتها.
وفي ختام تصريحه، تقدم العقيد أحمد عبدالله محسن الجحافي بالتهاني لشعب الجنوب وقيادته السياسية وقواته المسلحة، مثمنًا البطولات التي سُطرت في حضرموت والمهرة وشبوة، ومبتهلًا إلى الله أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته.
