في زمن تتقاذف فيه الشعوب أمواج الأزمات الاقتصادية، وتضيق فيه سبل العيش أمام المواطن البسيط، يسطع نور الإصلاح كأمل يبدد ظلمات المعاناة. فحين تتخذ الحكومة أو إحدى مؤسساتها خطوات جريئة لإصلاح الخلل في المنظومات البنكية والاقتصادية، فإن ذلك لا يكون مجرد قرار إداري أو إجراء روتيني، بل قد يكون شريان حياة لشعب بأكمله.
ومن هنا، فإن من كان سبباً في تلك الإصلاحات المباركه أياً كان موقعه أو منصبه قد حمل على عاتقه أمانة عظيمة، وترك أثراً سيذكره التاريخ بصفحات من النور. لقد كانت تلك القرارات البنكية والحكومية نافذة أمل، ساعدت على تثبيت العملة الوطنية، وضبط الأسواق، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن، وأعادت الثقة في قدرة الدولة على حماية قوت الناس وحقوقهم.
إننا نقولها بصدق..أصلح الله عمله ووفقه.. فقد كان بما قدمه سبباً في إنقاذ شعب بأكمله من الهوان، وانتشاله من حافة الانهيار الاقتصادي. لقد أعاد للناس شيئاً من الطمأنينة على مستقبلهم، وفتح أمامهم باب الرجاء بأن الإصلاح ممكن إذا وُجدت النية الصادقة والإرادة الحكيمة.
ويبقى الأمل قائماً أن تستمر هذه الجهود، وأن تتوسع دائرة الإصلاح لتشمل كل جوانب الحياة، لأن رفعة الشعوب وكرامتها تبدأ من ضمان لقمة العيش الكريمة، وصيانة الحقوق، ومحاربة الفساد، وتوجيه المال العام لخدمة المواطن لا إثقاله.
عمل شجاع لحماية الاقتصاد الوطني
في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها بلادنا، يأتي التوجيه الصادر عن ديوان النائب العام كإجراء وطني شجاع، يهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني ومنع المضاربة بالعملة الأجنبية في المعاملات التجارية الداخلية، وإعادة الاعتبار للعملة الوطنية الريال اليمني..باعتبارها رمزًا للسيادة الاقتصادية وأحد أهم ركائز الاستقرار المالي.
إن ما ورد في التعميم من ديوان النائب العام يؤكد الحرص الكبير على وقف نزيف العملة المحلية الناتج عن التوسع في استخدام العملات الأجنبية في عمليات البيع والشراء داخل الوطن، وهو ما يضعف من قيمة الريال اليمني ويؤثر سلبًا على حياة المواطن اليومية. كما أن هذا القرار يعكس وعيًا حكوميًا متناميًا بأهمية تحصين السوق المحلية من المضاربة والتلاعب بأسعار الصرف، وضمان أن تبقى عمليات التداول المالي داخل الجمهورية محكومة بالقوانين الوطنية التي تحمي حقوق المستهلك والتاجر على حد سواء.
إن حظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات الداخلية، باستثناء الحالات الضرورية التي نصت عليها اللوائح مثل الرسوم الدراسية والعلاجية وتذاكر السفر، يعد خطوة إصلاحية تصب في صالح استعادة الثقة بالعملة الوطنية، وتحقيق الاستقرار في أسعار السلع والخدمات، ومنع الاضطرابات الاقتصادية التي تهدد حياة المواطن.
كما أن هذا التوجه يتناغم مع دعوات الاقتصاديين وخبراء المال إلى ضرورة تعزيز مكانة الريال اليمني، وتحصينه من التأثيرات السلبية الناتجة عن فوضى السوق والتعامل المفرط بالعملات الأجنبية، وهو ما يسهم في تقليل التضخم وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
إننا إذ نثمن هذا القرار، ندعو جميع الجهات الرسمية والتجار والمواطنين إلى التعاون في تطبيقه بوعي ومسؤولية، لأنه لا يخدم طرفًا دون آخر، بل يصب في مصلحة الوطن بأسره، ويعزز مناعته الاقتصادية أمام التحديات الداخلية والخارجية.
ويبقى التزام الجميع بتنفيذ هذه التوجيهات هو الضمان الحقيقي لأن يستعيد الريال اليمني مكانته وقيمته، ولأن يستعيد المواطن ثقته باقتصاده الوطني، في طريقنا نحو بناء يمن قوي مستقل اقتصاديًا، يحمي قراره السيادي ويمتلك زمام أموره المالية.