المتابع لأحلام الناس وتطلعاتهم، يجد انها تقلصت كثيرا لحد اصبح المجتمع مشغولا بالراتب وتدني المستوى المعيشي، فقد المواطن حلم نهضة الوطن والتنمية المستدامة التي تضمن له ولأسرته واحفاده مستقبلا افضل ومضمونا.
ولم يجد هذا المواطن الانظمة الحيوية القادرة على ان ترسم له مستقبلا آمنا، و وطنا ضامنا لحياة كريمة ومعيشة هنيئة، فقدان هذه الحيوية الحياتية، ساهم في عدم حفظ طبيعة الحياة التي عشناها، تلك الحياة ومقوماتها التي انهارت في لحظات متفاوتة وبتسارع غير مسبوق.
والسبب الرئيسي انها منظومة فاسدة، وجشعة تبحث عن مصالحها الضيقة وطز بالوطن، هذه المنظومة تجد المواطن عبارة عن سلعة استهلاكية، وتبتزه وتعصره حتى يزداد ربحها، وتثقله بالجبايات وتنهكه بالخدمات، فيبقى مهموماً بالبحث عن لقمة عيش و راتب وكهرباء وماء واتصالات .
هذه المنظومة الفاسدة سيطرت على الواقع بتحييد العقول القادرة على رسم سياسات التنمية المستدامة، من كادر الامس اصحاب الخبرات والكفاءات وهم كثر خليك بالبيت، سياسة احتكار السلطة والغاء الآخر.
ولهذا غاب عن اهتمام تلك السلطة قضية الانتاج (الثروة الزراعيةـ والثروة السمكية ـ والثروة الحيوانية ـ والثروة المعدنية والبترولية ـ والصناعات التحويلية)..
الاهتمام بالإنتاج الذي يساهم في بناء قاعدة اقتصادية ترفد البلد بالمال، بمعنى ان يكون بلدا منتجا.
وبذلك ستتوفر كل مقومات النهضة، وسيعم الاستقرار، لان الكل سيكون مشغولا بعمل انتاجي، مع توفر النظام والقانون الضابط لإيقاع الحياة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية وتوفير الفرص، بحيث لا احتكار مناطقي ولا طائفي ولا حزبي ولا فئوي او عرقي و...... الخ، ولا تبنى إمبراطوريات اقتصادية داعمة لاحتكار السلطة ونهب الثروة.
كل مجتهد له نصيب، وكل عقل سيجد امامه متسعا للإبداع، في نظام استثماري عادل ومنصف و وطني، لا يتدخل فيه النفوذ التسلطي أكان عسكريا، قبليا أم سياسيا.
قاعدة اقتصادية قادرة على تموين الخدمات الاستهلاكية( نهضة تربوية ـ واصلاح وضبط ادوات الامن العام والقوات المسلحة ـ ضبط البنوك والمصارف ـ وضبط عملية المتاجرة بالعقار).
نحن اليوم عاجزون عن حل المشكلات، ونريد توفير كل السبل الاستهلاكية، دون الاهتمام بالسبل الانتاجية، التي ستمون كل مشاريعنا الخدمية، ومشاريع تحسين المستوى المعيشي والبنية.
المنظومة التي تدير البلد تائهة، تسير دون أي استراتيجية تنموية، بعد ان فرطت بالعقول والكوادر والخبرات والكفاءة، واصبحت المؤسسات مبنية على اسس الانتماء والتقاسم السياسي، حتى ضاقت حلقات ذلك التقاسم للاحتكار المناطقي والطائفي، واصبح اصحابنا معيارا للتعيين والترقية .
لهذا كل منتجاتنا الزراعية والسمكية والحيوانية والبترولية تستنزف وتنهب ولا تخدم التنمية بالبلد ولا ترفد خزينة الدولة الا بالقليل وما تيسر.
ولهذا تجدنا عاجزين عن حل أي مشكلة تحتاج لتموين، وهذا ما يصنع فوضى تمكن الفاسدين من الاستيلاء على ايرادات وضرائب وجمارك ومعونات وهبات وقروض، واستمرار صناعة المشكلات وتأجيجها مما يزيد من الفوضى التي تخدم الفساد والفاسدين، ومع تعدد السلطات، تبدأ عملية البحث عن تمويل للأعمال والمشاريع الخاصة، وتزداد الجبايات، وتتعمق جذور المشكلات والمواطن هو الوحيد الذي يدفع ويخسر وينهك ويبتز ويحرق في كل هذه الفوضى وهذا العبث.
سيظل املنا بالقيادة السياسة والحنكة السياسية في سحب البساط من تحت اقدام الفساد والفاسدين، واتخاذ قرارات تاريخية تعيد للإنتاج اهميته وللدولة هيبتها، وتدفع لرفد خزينة الدولة بالمال، حتى تتمكن الدولة من الايفاء بالتزاماتها تجاه المواطن والوطن.