بيروت / تل أبيب / 14 أكتوبر / متابعات :
استأنفت المقاتلات الإسرائيلية اليوم الأربعاء، غاراتها على ضاحية بيروت الجنوبية بعد أيام من الهدوء في تلك المنطقة. وأشارت أنباء إلى شن غارتين إسرائيليتين، وذلك بعد دقائق على إنذار بالإخلاء وجهه الجيش الإسرائيلي لسكان مبنى محدد في حارة حريك في الضاحية.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه "وقف إطلاق النار من جانب واحد" مع "حزب الله" في لبنان، وذلك بعدما شدد نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم على أن ذلك هو الحل الوحيد لإنهاء التصعيد بين الجانبين.
موقف نتنياهو الذي جاء خلال اتصال هاتفي، أمس الثلاثاء، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أتى بينما أكدت الولايات المتحدة أمس أنها أبلغت حليفتها إسرائيل معارضتها الغارات الجوية المكثفة على بيروت، وذكرتها بضرورة تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من ضمن موجبات قانون المساعدات العسكرية الأميركية.
وأفاد بيان صادر عن مكتب نتنياهو بأن "رئيس الوزراء قال خلال المحادثة (مع ماكرون) إنه يعارض وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، لا يؤدي إلى تغيير الوضع الأمني في لبنان، ويعيده فقط إلى ما كان عليه".
ومنذ بدء تبادل القصف بين إسرائيل و"حزب الله" قبل عام، تشدد إسرائيل على وجوب إبعاد عناصره عن حدودها الشمالية وتفكيك بنيته العسكرية في جنوب لبنان، بشكل يسمح لعشرات الآلاف من سكان أنحائها الشمالية بالعودة إلى مناطقهم التي نزحوا منها.
وأكد بيان نتنياهو أن الأخير "أوضح (لماكرون) أن إسرائيل لن توافق على أي ترتيبات لا تفضي لذلك ولا تمنع (حزب الله) من إعادة التسلح وإعادة رص صفوفه".
وأتى موقف نتنياهو بعد ساعات من تأكيد قاسم في كلمة متلفزة مسجلة قدرة "حزب الله" على استهداف "أي نقطة" في إسرائيل، مشدداً على أنه "لن يهزم".
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أمس، إن الولايات المتحدة تعارض حملة القصف التي نفذتها إسرائيل في بيروت خلال الأسابيع القليلة الماضية، وعبرت على نحو خاص عن قلقها في شأن عدد القتلى في صفوف المدنيين.
وأضاف ميلر، "هناك ضربات محددة من المناسب لإسرائيل تنفيذها. ولكن عندما يتعلق الأمر بنطاق وطبيعة حملة القصف التي شهدناها في بيروت خلال الأسابيع القليلة الماضية، فهذا شيء أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بالقلق تجاهه ونعارضه".
وتابع من دون الخوض في التفاصيل أن عدد القتلى من المدنيين كان ضمن بواعث القلق لدى واشنطن.
وأوضح ميلر أن واشنطن شهدت تراجع القصف الإسرائيلي لبيروت في الأيام القليلة الماضية، مضيفاً أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة الوضع. وقال، "رأينا تراجعاً لها (عمليات القصف) خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما لا يمثل تنبؤاً بما سيحدث في المستقبل".
ومساء أمس الثلاثاء أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل تسعة أشخاص بضربات إسرائيلية على قرى عدة في جنوب لبنان. كذلك أعلنت الوزارة أن غارة إسرائيلية على منطقة رياق في شرق البلاد أوقعت خمسة قتلى، بينهم ثلاثة أطفال.
في الأثناء، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي استعداد السلطات لتعزيز عديد الجيش في الجنوب. وقال لوكالة "الصحافة الفرنسية"، "لدينا حالياً 4500 جندي في جنوب لبنان ويُفترض أن نزيد بين 7 آلاف إلى 11 ألفاً".
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، إنه تم رصد طائرتين مسيرتين تعبران من لبنان إلى إسرائيل بعد انطلاق صفارات الإنذار في الجليل الأعلى، مضيفاً أنه لم ترد أنباء عن وقوع إصابات. وذكر الجيش أنه تم رصد سقوط هدفين في المنطقة.
من جانبه، أعلن "حزب الله" أنه أسقط طائرة مسيرة إسرائيلية من طراز "هرمس 450"، هي الثانية في يوم واحد.
كما أعلن أن عناصره قصفوا بالصواريخ دبابة وجرافات إسرائيلية عند أطراف بلدة راميا الحدودية، واستهدفوا مواقع عسكرية في شمال إسرائيل.
وبعد تأكيد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أمس الثلاثاء أن الحزب دخل في حرب مباشرة مع إسرائيل ولم يعد في مواجهة إسناد لقطاع غزة فقط، مشدداً على أن لا عودة للمستوطنين الإسرائيليين إلى الشمال إلا عبر وقف إطلاق النار، جاء الرد الإسرائيلي.
أكد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أنه سمع خطاب قاسم، معتبرا أنه "أخطأ كأسلافه الذين سبقوه".
كما أضاف خلال زيارته لجنود أصيبوا في غارة لحزب الله، في حيفا، أن دوره آت أيضا. وقال: "هو ليس مخطئاً فحسب... بل أعتقد أن يومه سيأتي أيضاً".
كذلك رأى أن قاسم يحاول أن ينسي العالم حقيقة أن الحزب وأصدقاءه (في إشارة إلى إيران) جلبوا الكارثة على لبنان.
وكان القيادي في الحزب، توجه إلى الإسرائيليين، في كلمة مسجلة هي الثالثة له منذ اغتيال إسرائيل الأمين العام للحزب حسن نصرالله في 27 سبتمبر في الضاحية الجنوبية لبيروت، قائلا "أقول للجبهة الداخلية الإسرائيلية الحلّ بوقف إطلاق النار، ولا أتحدث من موقع ضعف لأنه إذا كان الإسرائيلي لا يريد فنحن مستمرون". وحذّر في الوقت ذاته من أن استمرار الحرب يعني عدم عودة سكان الشمال، وبقاء مئات الآلاف بل أكثر من مليونين في دائرة الخطر"، وفق قوله.
فيما دعا النازحين اللبنانيين جراء الغارات الإسرائيلية إلى الصبر، والاستمرار في بذل التضحيات كما فعلوا دوما.
ومنذ سبتمبر الماضي، كثفت إسرائيل غاراتها العنيفة على مناطق مختلفة في لبنان، لاسيما الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تعتبر معقل الحزب، فضلا عن الجنوب والبقاع (شرقا).
كما وجهت ضربات مؤلمة لحزب الله، عبر تنفيذ العديد من الاغتيالات، كان أبرزها اغيال نصرالله بغارات على حارة حريك، فضلا عن علي كركي الذي كان يشغل مهام قائد جبهة الجنوب في الحزب بغارة استهدفته في 23 سبتمبر.
كذلك اغتالت قبل ذلك، فؤاد شكر الذي يُعد من الجيل المؤسس لحزب الله وأحد أبرز قادته العسكريين، في ضربة استهدفت الضاحية في 30 يوليو الماضي.
ثم قضت على من خلفه أيضا. إذ اغتالت في 20 سبتمبر ابراهيم عقيل قائد وحدة الرضوان، الذي كان يعتبر الرجل الثاني عسكريا في الحزب بعد شكر، مع 16 آخرين من الوحدة.
ولاحقا اغتالت إبراهيم قبيسي، قائد وحدة الصواريخ في الحزب (25 سبتمبر) فضلا عن محمد سرور، قائد الوحدة الجوية في 26 سبتمبر، بالإضافة إلى نبيل قاووق العضو في المجلس المركزي للحزب والمسؤول عن الأمن، في 28 سبتمبر بغارة على ضاحية بيروت الجنوبية أيضا.
بينما لا يزال مصير خليفة نصرالله المحتمل، هاشم صفي الدين مجهولا، بعد أن استهدفته غارات في الضاحية في العاشر من الشهر الحالي (أكتوبر 2024)، بالإضافة إلى وفيق صفا، مسؤول التنسيق والارتباط في الحزب، بعدما أكدت إسرائيل أن غاراتها على منطقة النويري في بيروت استهدفته.
ووسط التصعيد المستمر بين إسرائيل وحزب الله، أعلن الجيش الإسرائيلي أن 50 مقذوفاً أطلقت من لبنان باتجاه شمال إسرائيل فجر اليوم الأربعاء.
وأضاف في بيان أن "بعض المقذوفات تم اعتراضها وسقطت مقذوفات أخرى في المنطقة"، وفق فرانس برس.
في حين قال حزب الله إنه قصف مدينة صفد الواقعة شمال إسرائيل بـ"رشقة صاروخية كبيرة".
إلى ذلك أفادت الأنباء بأن حزب الله أعلن استهداف مدفعيات إسرائيلية في مستوطنتي دلتون وديشون.
أتى ذلك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي بوقت متأخر من مساء الثلاثاء أنه تم رصد طائرتين مسيرتين تعبران من لبنان إلى إسرائيل بعد انطلاق صفارات الإنذار في الجليل الأعلى.
كما أوضح أنه تم رصد سقوط هدفين في المنطقة.
فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 9 أشخاص بضربات إسرائيلية على قرى عدة في جنوب لبنان.
وأضافت أيضاً أن غارة إسرائيلية على منطقة رياق شرق لبنان أوقعت 5 قتلى، بينهم 3 أطفال.
يذكر أنه منذ سبتمبر الماضي، صعدت إسرائيل حملتها ضد حزب الله وشنت غارات عنيفة على العديد من المناطق سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت، أو الجنوب، فضلاً عن البقاع (شرق البلاد)، وحتى الشمال.
كما شنت ما وصفته بـ"عملية برية محدودة" في الجنوب، محاولة التوغل في عدد من البلدات.
فيما أدت تلك الغارات حتى الآن إلى مقتل أكثر من 1300 مدني.
بينما دفع القتال منذ الثامن من أكتوبر 2023 بين حزب الله والقوات الإسرائيلية إلى نزوح مليون و200 ألف من منازلهم، أغلبهم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.