نيويورك / 14 أكتوبر / متابعات :
تنطلق، اليوم الأحد، قمة المستقبل، مع دعوة الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة إلى المشاركة في رسم مستقبل أفضل للبشرية التي تعاني من الحروب والفقر وتأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري، على أن تتبنى ميثاقا بتطلعات كبيرة تحوم الشكوك حول إمكانية بلوغها.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أطلق في العام 2021 فكرة «قمة المستقبل» التي قُدِّمت على أنها «فرصة فريدة» لتغيير مسار تاريخ البشرية.
وكمقدِّمة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنطلق الثلاثاء، يتوقع أن يتبنى العشرات من رؤساء الدول والحكومات «ميثاق المستقبل» اليوم الأحد.
لكن بعد مفاوضات شاقة حتى اللحظة الأخيرة، كشف غوتيريش عن بعض الإحباط، اذ دعا الدول إلى إظهار «البصيرة» و«الشجاعة» وأيضا «أقصى الطموح» لتعزيز المؤسسات الدولية «التي عفا عليها الزمن» والتي لم تعد قادرة على الاستجابة بفعالية لتهديدات اليوم.
وفي أحدث نسخة من الميثاق، يلتزم القادة بتعزيز النظام المتعدد الطرف لـ«مواكبة عالم متغير» و«حماية احتياجات ومصالح الأجيال الحالية والمستقبلية» المهدّدة بـ«أزمات متواصلة».
وبحسب النصّ، يؤمن هؤلاء القادة «بوجود طريق نحو مستقبل أفضل للبشرية جمعاء».
ويعرض الميثاق في أكثر من 20 صفحة، 56 إجراء في مجالات تتراوح بين أهمية التعددية واحترام ميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على السلام، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية ومجلس الأمن الدولي، أو حتى مكافحة تغير المناخ ونزح السلاح وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وأكد ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية، لوكالة فرانس برس، أنه حتى لو كانت هناك بعض «الأفكار الجيدة، إلا أن هذه ليست وثيقة ثورية لإصلاح التعددية بشكل كامل بناء على ما كان قد دعا إليه أنطونيو غوتيريش».
ويشاركه دبلوماسيون هذا الرأي، إذ يعربون عن تبرم وعدم اقتناع عندما يُسألون عن الأهداف التي وضعها هذا النص وتأثيره.
ويستخدم أحد هؤلاء الدبلوماسيين عبارات مثل «باهت» و«مخيب للآمال»، مضيفا أن «من الناحية المثالية، كنا نأمل في أفكار جديدة».
وأفاد مصدر دبلوماسي فرانس برس بأنه بعد مفاوضات شاقة في الأيام الأخيرة، لا تزال روسيا تعرب عن اعتراضات على النسخة النهائية للنص التي نُشرت السبت، غير أن ذلك لا يعني أنّها ستحول دون اعتماده الأحد خلال الاجتماع.
وكانت مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري إحدى النقاط الحساسة في المفاوضات، حيث غابت الإشارة إلى «الانتقال» بعيدا من الوقود الأحفوري من مسودة النص على مدى أسابيع.
ويعتبر دبلوماسي غربي أنه رغم الانتقادات وضرورة عدم توقع أن يؤدي هذا «الميثاق» إلى تحقيق السلام «بين عشية وضحاها»، إلا أنه يشكل «فرصة لتأكيد التزامنا الجماعي بالتعددية، رغم الإطار الجيوسياسي الصعب حاليا»، معربا في الوقت ذاته عن أمله في تعزيز الثقة بين الشمال والجنوب.
وتطالب الدول النامية بالتزامات ملموسة من قبل المؤسسات المالية الدولية لتسهيل حصول بعضها على تمويل للتعامل مع آثار التغير المناخي.
بدورها، رأت منظمة هيومن رايتس ووتش أن المشروع يتضمّن بعض «الالتزامات المهمة» في مجال التغير المناخي، مرحبة أيضا بعناصر تتعلق بـ«مركزية حقوق الإنسان».
لكن مدير قسم الأمم المتحدة في المنظمة غير الحكومية لويس شاربونو اعتبر أنه «يجب على قادة العالم أن يظهروا أنهم مستعدون للعمل لضمان احترام حقوق الإنسان».
ومهما كان محتواه، يبقى «الميثاق» وملاحقه (الميثاق الرقمي العالمي وإعلان الأجيال المقبلة) غير ملزمة، ما يثير التساؤلات بشأن تنفيذها بينما تسجل انتهاكات يومية لبعض المبادئ المطروحة، مثل حماية المدنيين في الصراعات.
وقال غوتيريش، أمس السبت: «الأمر متروك لنا لبث الروح في هذه النصوص، لتحويل الكلمات إلى أفعال، ولاستخدامها من أجل وضع البشرية على طريق أفضل».