عرفناه: وعرفه كل الناس .. هو صرح طبي وصحي وحضاري .. يقف شامخاً في مدخل جعار مستمداً شموخه وكبرياءه من جبل خنفر القابع خلفه في وضع غاضب.
يقف الصرح مرحباً بالقادمين، مودعاً المسافرين على الطريق الممتدة أمامه .. يلوح لهم بيديه بكل محبة هو ملجأ لكل مريض، بلسم انات الموجوعين، زارع الابتسامة بعد خفض، وباعث الصحة بعد هزال بمشيئة ربانية حانية.
هذا الكائن الأبيض المطلي بلون البيج يحتضن دوماً كل أبناء أبين وكذا القادمين من المخططات الأخرى الهاربين من المشافي الخاصة القادمين إلى حيث رخص العمليات وتلقائية العاطفة .. فينفخ فيهم روح الصحة، وأكسير العافية، ويمدهم بأمصال التعافي .. والعطاء القوي المتدرج، والقدرة علة الاستمرار .. كثير من يدخله .. محمولاً ويخرج وهو يمشي على قدمين ترافقه فرحة الأهل والأحباب .. ياه ما أجمل الصحة وتيجانها على رؤوس الاصحاء لايراه إلا المرضى.
هذا المعلم الطبي البارز الذي كان يعالج كل مريض .. فجأة يتحول إلى مريض وضع في غرفة الانعاش، أو كما لو كان احيل مبكراً على المعاش، هذا ان عاش.
ضربوه .. خربوه .. نهبوه حتى صامتين والموت. خرج عن الخدمة لسنة ونصف، واغلقت ابوابه مشكلة جراحاً غائرة في النفوس، وموتاً قاهراً لم يستطع ذووه نقله إلى عدن، أو كان اقاربه قادرين .. لكن الطريق مغلقة فيموح، ويموتون بحسراتهم وتوجعاتهم إنها شيء من جراحات الحصار، وشظايا الانكسار، ومخلفات الانفجار، وسرقة اقوات الصغار، وخدش كبرياء الكبار.
وعقب التحرير كانت الخرائب تصافح عينيك، وكان مستشفى الراوي أحد الأهداف المهمة التي ضربها الطيران غير مرة لتواجد عناصر الجهاد القاعدين، أو على ذمة تواجدهم، لكن الإرادة تنتصر فينطلق من رماد الدمار والموت، طائر الفينيق الذي يحترق ويتحول إلى رماد ـ كما تقول الاسطورة ـ وسرعان ما يستجمع قواه وينهض من بين الأكوام، صاعداً إلى الجو، وفارداً جناحيه، وسابحاً في الفضاء الفسيح.
كان ثمة رجل هناك وكاد اسمه يرتبط بفترات توهج عطاء مستشفى الرازي يظهر في أوقات المحن، واقتراب الأوضاع من حافة الانهيار، تجده في قلب المكان يدور ويوجه ويصغي، أو انهم يرمون به لمعرفة قدراته ليعالج الموقف، ويحل الاشكال، او يساهم بتصحيح الجزء الأكبر منه، يعرف بقوة الشخصية، ونفاذ القرار، وحدية العمل وانصاف المثابرين، ويظل في اوقات راحته مشغولاً بخدمات، وق يقوم بزيادات مفاجئة لضبط المقصرين في الرازي في اجباتهم ومد جسور التواصل مع كل الجهات حتى أعيدت الروح الغائبة إلى المستشفى، وبدأت رويداً رويداً تعود العافية إلى المشفى الجميل بلغة أهل الشام، وتتوفر كثير من الأجهزة الجديدة، وتشتغل غرفة العمليات، وماتزال الجهود مستمرة في المتابعة لتوفير المتطلبات الاخرى في الفترة القريبة القادمة، والأخ جمال ناصر العاقل محافظ المحافظة والدكتور الخضر السعيدي مدير عام مكتب الصحة مطالبان بمزيد من الجهد لتاثيت وتوفير كل الاجهزة الجديدة التي يحتاجها المشفى حتى يقدم خدمات أفضل تعويضاً لمعاناة أبناء جعار وبقية المناطق والمديريات المستفيدة من خدمات هذا المشفى الوحيد، وافضل كوادر الرازي على ثماني سنوات، المقصود بحديثنا السابق هو الأخ محمد فضل زيد المدير المالي والإداري للمستشفى.
لقطات
يلاحظ ان الدكتور الخضر السعيدي مدير عام مكتب الصحة والسكان المنتمي إلى لودر دعومات اجهزة، مخيمات مجانية الخ .. ونهمس في أذنه، إنك مسؤول عن مكاتب ومشافي ومراكز إحدى عشرة مديرية وليس عن مديرية واحدة، ثم ان المشفى الرئيس في أبين هو الرازي، وهو الاول بالرغم وكان اكثر تضرراً مع مدينة جعار، وتعرف ما نالها من تدمير وتخريب.
يقود إدارة المشفى بعد الحرب الدكتور خالد فضل الدوبحي، وقد كان نائباً للمدير في فترة سابقة مما يعني ان هناك خبرة طيبة في التعامل مع المستجدات، ومعه في موقع المدير الإداري والمالي الأخ محمد فضل زيد الذي تناولنا عطاءه في بضعة في بضعة سطور سابقة من هذه المقالة.
تسعون بالمائة من دكاترة وكوادر المشفى يعملون خارجه في محافظات اخرى وربما خارج الجمهورية رواتبهم من المشفى وتأهلوا على حسابه، وحصة أبين وتخرجوا بدرجات عليا .. فادارو ظهورهم للرازي، ومطلوب من الادارة الجديدة ومكتب الصحة ومحافظ المحافظة أن يعملوا على إعادتهم، أو على الأقل عودة أكثرهم والورقة ـ المرتبات، واشياء اخرى لان هذا فساد .. والأن نحن نعيش اجواء تغيير في مقدمة أهدافها دك اوكار الفساد ننتظر.
أكثر دكتور لمع أمه وذاع صيته أكثر خلال فترة ما قبل الأزمة والحرب حلال إشرافه على مركز أطباء بلا حدود .. في بريد جعار بعد اغلاق المشفى كان الدكتور الجراح الشاب أكروم عبدالله سعد، وقد عاد المركز إلى المشفى، وما تزال عطاءاته تتوهج فتحية شكر وتقدير وعرفان له.
أحقاقاً للحق وعطفاً على نقطة سابقة مهمة تتعلق برفض أكثر دكاترة المشفى بعد تخرجهم بشهادات ودرجات عليا، كتبت مقالاً قوياً استناداً على معلومات مؤكدة من الراوي إلى صحيفتي الطرق و22 مايو قبل حوالي عامين، وفور قراءته والتأكد من صحة المعلومات .. قام الدكتور الخضر السعيد علي مدير عام مكتب الصحة بايقاف مرتباتهم حتى يباشروا، وكما قال لي: انهالت علي الاتصالات والواسطات من كل جانب فأوقفت أمري، ونقول له الآن .. كان ذلك في ظل ظروف مشرعنة للفساد، اليوم تغيير ومحاربة للفساد بادر، رعاك الله بايقاف معاشاتهم حاول صدقني يا دكتور الكل معك وسترة ثمار القرار.
عنفوانية التاج المفقود
ليعلم القارئ أننا نصدق مع نفوسنا ولا نطري إلا المجهودات الجزيلة البارزة، ولا نبخس صاحبها حقه في ظل زمن الجحود والنكران .. ثم التذكر للمحاسن في الاربعينية .. نشير إلى ان صاحبنا محمد فضل زيد حقق نجاحات في كثير من المرافق والمؤسسات التي عمل بها مديراً للشؤون المالية والإدارية ومنها مكتب التربية والتعليم بأبين، ومكتب الصحة والسكان، ومشروع مكافحة الملاريا.
ثم نائباً لمدير مؤسسة المياه بالمحافظة للشؤون الإدارية والمالية وانتهى به المكاف إلى مشفى الرازي الذي عمل فيه لثماني سنوات، وعاصر أربعة من مدرائه.
قسم الطوارئ واجهة المشفى، وأهم قسم يواجه ضغط الحوادث والحالات المرضية الطارئة .. بحاجة إلى اهتمام أكثر فلا يعقل أن يكون الطبيب المناوب .. مساعد طبيب مع وجود عدد كبير من الاطباء.
إيماءة
رماد حرائق المشفى حولته السواعد السمراء والعقول اللامعة إلى افعال بلون الورد، وقد حانت ساعد الجد.
أخر الكلام
ثلاثة يجهل مقدارها * الأمن والصحة والقوت
فلا تثق بالمال من غيرها * لو أنه در وياقوت
الكائن الأبيض بلون البلسم
أخبار متعلقة