المخدرات آفة قاتلة، وقد راج انتشارها في العديد من المجتمعات، وابتلي بها شبابنا في الآونة الأخيرة بصورة لم يسبق لها مثيل، حتى أصبحت خطرا يهدد حاضر ومستقبل هؤلاء الشباب ويـهز أركان مجتمعنا وتقاليده المحافظة؛ لأن المخدرات كما أثبتت العديد من الأبحاث والدراسات العلمية تسبب أضرارًا وتحدث قلقـا بدنيـا أو نفسيـا وخللا في مظاهر النشاط والإدراك والسلوك والوعي، وتشل إرادة الإنسان وتذهب بعقله وتدفعه إلى ارتكاب أفعال تتنافى مع تقاليد المجتمع وقيم ديننا الإسلامي الحنيف.
وتعد مشكلة المخدرات من أعقد المشاكل التي تواجه المجتمعات البشرية باعتبارها خطرا محدقـا يهدد تلك المجتمعات بالتفكك والانحلال القيمي كما يهدد أمنها واستقرارها من خلال الجرائم وأفعال العنف التي يرتكبها مدمنو المخدرات كالقتل والسرقة والتقطع وإقلاق السكينة العامة. وغيرها من الأفعال التي تمارس تحت تأثير تعاطي تلك المخدرات.
وظاهرة تعاطي المخدرات في أي مجتمع لا يمكن فصلها عن مجمل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تسود ذلك المجتمع. وعليه فإن من يتناول مثل هذه الظاهرة ينبغي له ألا يتجاهل الظروف والخصائص التي تحيط بمتعاطي المخدرات، وعلى وجه الخصوص بين أوساط الشباب الذين يستهوون التجربة والتأثير كحالة فردية في بادئ الأمر، ثم يتحول ذلك إلى الاعتياد والإدمان والانتشار بين الأصدقاء والجلساء وتتحول بعد ذلك إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة.
ولعل من أهم الأسباب التي تكمن وراء إقدام الشباب على وجه الخصوص على تعاطي المخدرات ما يلي:
1 . يأتي الوازع الديني وعدم تمسك الشباب بتعاليم الإسلام وأداء فرائضه في مقدمة أسباب انحراف الشباب نحو المخدرات، ويرتبط به أيضـا الإهمال الأسري للجوانب التربوية والتفكك العائلي بما يسهل انحراف الأبناء.
2 . اختيار الأصحاب أو الجلساء، وعلى وجه الخصوص رفاق السوء، حيث أشارت العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية التي تناولت أسباب تعاطي المخدرات إلى أن عامل الفضول وإلحاح الأصدقاء كان أهم حافز على التجربة وكأسلوب من أساليب المشاركة الوجدانية مع هؤلاء الأصدقاء.
3 . الشعور بالفراغ: عدم توافر الأماكن المناسبة والصالحة والمتاحة في كل الأوقات للشباب كالنوادي والمتنزهات والمناشط الأخرى، التي يمكن أن يقضوا فيها أوقات فراغهم في التعبير عن طاقاتهم وإبداعاتهم من خلال ممارسة المناشط المختلفة، ولذا نجد على سبيل المثال في بلدنا أن العديد من الشباب يقضون جل أوقات فراغهم في مضغ القات سرا وعلانية في الأماكن العامة والخاصة، وقد يصحب ذلك تعاطي أنواع مختلفة من المخدرات، كما برز بصورة غير مسبوقة في الأعوام القليلة الماضية.
4 . يتسنى للعديد من الشباب السفر إلى الخارج لأي غرض كان، سواء أكان للدراسة أم العمل أو للسياحة، وهناك قد يجد الشاب من وسائل الإغراء وأماكن اللهو ما يدفعه إلى إشباع فضوله دون رقابة.
5 . يقوم بعض المراهقين بمحاولة إثبات ذاتهم ووجودهم من خلال تقليد من يكبرونهم سنـا في أفعالهم وتصرفاتهم لإضفاء طابع الرجولة على تصرفاتهم قبل أوانها أمام الزملاء أو أمام الجنس الآخر، فيمارسون خفية التدخين أو تعاطي المخدرات أو أفعال العنف وغيرها.
6 . السهر حتى أوقات متأخرة من الليل خارج المنزل دون رقابة الأسرة - سواءً في ارتياد أماكن اللهو أو الأماكن المشبوهة أو حتى في الحواري ويزداد التمادي في هذا التصرف عند من يتوافر لديه بعض المال الذي يستطيع من خلاله شراء ما يشبع نزواته من مخدرات ومسكرات ومتعة زائفة.
7 . تلعب أيضـا العديد من العوامل والمشكلات الاجتماعية داخل الأسرة أو على المستوى الفردي كانفصال الأبوين، العوز والحاجة، البطالة، وغيرها وما يترتب على من يعانون من هذه الأعراض في دفع من يتعرضون لها إلى تعاطي المخدرات بحجة الرغبة في نسيان ما يعانونه جراء تلك المشكلات.
8 . استخدام المخدرات في العلاج الطبي استخدامـا سيئـا، لا يتفق مع إرشادات الطبيب ما قد يسبب الإدمان.
9 . دورات الصراع السياسي في بعض الدول، أو بين بعض الدول وتنشيط تهريب المخدرات وترويجها واستخدامها لتحقيق مآرب قذرة.
أضرار المخدرات
1 . تفكك المجتمع والبنية الأساسية (الأسرة) ويمتد هذا التأثير إلى الجيران والأصدقاء في الدراسة والعمل.#3
2 . تحقير النفس حيث يتخلى مدمن المخدرات عن القيم والتقاليد ويهبط بسلوكه إلى مستوى بهيمي قد يمس دينه وعرضه، ويتصف سلوكه أيضـا بالغش والكذب والإهمال.
3 . تفشي الجرائم الأخلاقية والعادات السيئة من خلال ارتكاب الرذيلة، السرقة، والقتل في سبيل الحصول على المخدرات.
4 . عدم احترام القوانين والأعراف المنظمة لحياة المجتمع.
5 . اللجوء إلى الكسب غير المشروع، إما عن طريق المتاجرة بالمخدرات أو غيرها، من أجل توفير المال لشراء المخدرات.
6 . استنزاف أموال الأسرة، ما قد يهددها بالفقر والإفلاس.
7 . زيادة أعباء الدولة من خلال إنشاء مراكز ومصحات لرعاية المدمنين، وحراستهم في السجون، وكذا زيادة وسائل مكافحة تهريب المخدرات وتعقب المهربين.
* الأمين العام - جامعة عدن
المــــخــــدرات.. الآفــــة القـــاتلــــة
أخبار متعلقة