إعداد/ هناء هويديتمثل النزاعات المسلحة سواء كانت دولية أم داخلية صورة الواقع الأكثر وحشية خاصة في وقتنا الحاضر، وذلك لما تسفر عنه من نتائج خطيرة لا يمكن تجنبها من قتل واعتقال وتعذيب وتشريد أشخاص، لأنها بحق الحرب العزيزة العدوانية لدى الإنسان.لقد قضت الحرب العالمية الأولى على عشرة ملايين إنسان، دون الأخذ بالحسبان (21) مليون وفاة ناجمة عن الأوبئة التي انتشرت بعد الحرب، وفي الحرب العالمية الثانية قتل أربعون مليون إنسان بنسبة التعادل بين العسكريين والمدنيين، وبين عامي 1945 ـ 1984م أصبحت نسبة الضحايا تقدر بعشرة مدنيين مقابل عسكري واحد.وفي السنوات الأخيرة ازدادت ظاهرة الاعتداء على النساء والأطفال إما عن طريق استهدافهم في القتل أو عن طريق اشراكهم في الأعمال العدائية نتيجة التطورات الحديثة في فنون القتال وتكنولوجيا الأسلحة التي وسعت ميدان القتال، حتى شمل كافة مناطق الدول المتحاربة، وتفاقمت مسألة تجنيد النساء والأطفال وإشراكهم في الأعمال الحربية بفعل التغيير النوعي لطبيعة النزاعات ونطاقها، فمنازعات اليوم أغلبها داخلية وفي حالات الحرب الشاملة هذه يتجاهل أطراف النزاع في معظم الأحيان القواعد الدولية التي تحكم المنازعات فتتعرض الفئات الضعيفة إلى العنف أو يصبحون هم أنفسهم أدوات لها فيجندون أو يخطفون ليصبحوا جنودا في حرب لا يعلمون عن حيثياتها وتبعاتها شيئا.على الرغم من متابعة الأمم المتحدة للمعاملة القاسية التي تتلقاها النساء والأطفال أثناء النزاعات المسلحة، إلا أنها لم تغير في واقع هذه المعاملة شيئا, إذ شتان ما بين الأحكام المفصلة التي وضعها الخبراء والحياة اليومية للنساء والأطفال الذين وقعوا ويقعون في دوامة الحرب، ويبدو أن اعتداء المقاتلين على حقوق النساء والأطفال آخذة في الازدياد يوما بعد يوم حتى في ظل القوانين والندوات الإنسانية التي تجرم هذا الاعتداء.[c1]لماذا حماية الفئات الهشة والضعيفة (النساء والأطفال)؟:[/c]ـ تعد أهمية حماية النساء والأطفال أثناء النزاعات واجبا دينيا وإنسانيا وأخلاقيا يجب التعاطي معه بحرص ومسؤولية.ـ إن النساء هن أساس بقاء النوع الإنساني وحمايتهن والاهتمام بهن أثناء النزاعات هو جزء من الحفاظ على النسل البشري كما أن الاهتمام باجيال الغد يعني الاهتمام بالموارد البشرية التي تنهض بواسطتها الدول والمجتمعات.لقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين تحولات وتغييرات في الخارطة العالمية بسبب سقوط وانهيار احد أقطاب القوى الرئيسية في العالم (المعسكر الشرقي) الذي كان يشكل توازنا في ميزان القوى العالمية وبسبب الاضطرابات الداخلية التي شهدتها معظم الدول النامية التي كانت ترتكز على اقتصاديات هشة وأنظمة دكتاتورية متعفنة أذاقت شعوبها صنوفا من العذاب . لقد كانت الحروب التي دارت بعد عام 90م ولازالت من أشد الحروب ضراوة سواء التي دارت على المستوى الدولي أو داخل الدول نفسها بسبب خلافات طوائف عرقية أو دينية أو سياسية.إن الفئات الضعيفة مثل الأطفال والنساء في أكثر من خمسين بلدا في العالم هم أكثر الفئات التي تضررت من النزاعات المسلحة أو من تأثيراتها، ولقد شردت الحروب حتى اليوم 22 مليون طفل داخل أو خارج بلدانهم، ومن أصل أربعة ملايين شخص توفوا بسبب الحرب منذ عام 1990م كانت نسبة المدنيين 90 % منهم 80 % من النساء والأطفال، ويتعرض الأطفال والنساء عادة للإصابة أو للخطف والتعذيب، وفي بعض الأحيان يجندون كمقاتلين اما إجباريا أو اختياريا، ويدربون على استعمال الأسلحة الخفيفة ويخوضون تجربة الحرب وهي بعيدة عن مجالات اهتماماتهم وقدراتهم الجسمية والنفسية.وما حدث ويحدث في فلسطين والصومال والسودان ونيجيريا والعراق وباكستان وأفغانستان وبورما وسريلانكا وغيرها من الدول على مساحة الخارطة العالمية من قتل وتعذيب واعتقالات لهذه الفئة الهشة لهو أكبر دليل على عملية الانتهاك لحقها في العيش بأمن وسلام.كما أن دول ثورات الربيع العربي شهدت هي الأخرى صراعا عنيفا دفعت ثمنه شعوب هذه الدول الكثير من التضحيات وعانت أيضا الكثير من الويلات ومازالت معظمها لم تستقر الأوضاع فيها مثل اليمن ومصر وتونس وليبيا وتعتبر ثورة سوريا هي أكثر الثورات دموية، فقد وصل عدد القتلى إلى أكثر من 100 ألف معظمهم من المدنيين وشردت مئات الآلاف من شعبها إلى دول الجوار ومازالت رحى هذه الحرب دائرة إلى حد الآن ولا نعرف إلى ما ستنتهي إليه. وبالعودة إلى دراسات سابقة أجرتها منظمات دولية منها اليونيسيف سنجد أن الأطفال في الدول التي شهدت نزاعات مسلحة قد دفعوا الثمن قتلاً وتشديداً ويتماً وإعاقة حرب والأرقام التالية توضح ذلك: ـ 300.000 طفل جندوا إجباريا في الحرب.ـ مليونا طفل قتلوا.ـ 20 مليون لاجئ ومهجر من بلدانهم.ـ 5 ملايين طفل معاق.ـ مليون طفل يتيم.ـ 10 ملايين أصيبوا إصابات بالغة في الحرب.[c1]أوضاع النساء أثناء الحروب:[/c]والنساء أيضا لم يكن بأفضل حال من الأطفال بل أن أوضاعهن تكون أكثر سوءاً وأشد مرارة.ولا أحد يجهل ما تعرضت له النساء والفتيات من اعتداءات متكررة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وما قاسين من تعذيب وتنكيل وعنف جسدي ومعنوي وخروقات سافرة لحرمتهن، فقد تجاوز عدد المدنيين القتلى فقط في الحرب العالمية الثانية 23 مليون شخص كان أغلبهم من النساء والأطفال، وقد اغتصبت وعذبت وشوهت ملايين النساء من مختلف الجنسيات وأجبرت ملايين أخريات على الحمل القسري وعلى التشريد والانتحار والضياع.وأثناء الحرب العالمية الثانية شاركت النساء في الحرب بشكل أكبر وبكثافة أكثر من أي وقت مضى فمنذ عام 1993م شغلت المانيا أكثر من مليون امرأة في معامل لإنتاج الأسلحة والعتاد الحربي ، وفي نفس الفترة كانت هناك 300ألف امرأة منخرطة في القوات الاحتياطية.وكان 20 ألف منهن في القوات البحرية و130 ألف في القوات الجوية وفي إنجلترا كانت الوحدات العسكرية من النساء عام 1943 تضم حوالي 450 ألف امرأة كما أنه في هذه الحرب لوحدها قتلت الآلاف من النساء وتم اختطاف واغتصاب الآلاف منهن أيضاً.ومن الجدير بالملاحظة أن العنف الجنسي هو اشد أنواع العنف الذي يطال المرأة أثناء النزاع المسلح وهو سلوك غير إنساني وحشي أصبح وسيلة حرب فعالة لإذلال الخصم وتحطيم معنوياته خاصة أن لهذا السلوك آثاراً نفسية واجتماعية وصحية خطيرة جداً قد ترافق المرأة أو الفتاة المغتصبة لمدى الحياة بالذات في المجتمعات المحافظة.والعنف الجنسي أو الإجبار على الدعارة لا يعتبر ممارسة حديثة فقد لجأ إليها المتحاربون منذ ان وجد الإنسان حيث كانت تعتبر نساء الأعداء وفتياتهم على الخصوص ، أهم غنائم الحرب فيتحولن منذ إلقاء القبض عليهن إلى إماء وجوار طوع أيدي أسيادهن الذين يحق لهم أن يتصرفوا فيهن بالاستغلال بمختلف أشكاله أو بالبيع أو بالرهن أو حتى بالقتل أو التعذيب حتى الموت.وهذه الممارسات فاقت كل حدودها المتوقعة أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث تحولت ملايين النساء قسرا إلى دور الدعارة والبغاء وأجبرت ملايين أخريات على بيع أجسادهن أو على الحمل بأطفال غير شرعيين ، ناهيك عما لحق بهن من إذلال وتحقير وعذاب نتيجة استعلالهن لأغرض الحرب كالتجسس أو الإيقاع بالخصم.[c1]أثر النزاعات على النساء والأطفال ( حالة اليمن) :[/c]تعتبر اليمن من الدول التي يغلب عليها التوترات والنزاعات المسلحة الداخلية هذا فضلاً عن تأثرها بالنزاعات في دول الجوار وبالذات دول القرن الإفريقي وخاصة الصومال وارتيريا .[c1]اللاجئون في اليمن:[/c]اليمن هي الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي وقعت على اتفاقية اللاجئين والبرتوكول التابع لها عام 67 وقد بدأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عملها في اليمن عام 87م ولكن توسع عملها بشكل أكبر عام 1992م عندما بدا التدفق الكبير للاجئين الصومال حيث وصل عددهم في اليمن إلى مئات الآلاف وما زال التدفق متواصلا إلى الشوطئ اليمنية فقد ذكرت الإحصائيات أن عدد اللاجئين الذين وصلوا من القرن الإفريقي في عام 2012م (107.532) لاجئاً في عام 2013م ووصل إلى اليمن حتى 1 إبريل (29.469) نازحاً.
|
اشتقاق
حماية النساء والأطفال أثناء النزاعات المسلحة
أخبار متعلقة