إلى الأمس القريب كانت الناس في عدن تنام وأبواب بيوتها مشرعة ، لا وجود لشيء أسمه الخوف من أي كان بأن يتجاوز حرمة هذا البيت او حتى بمن يفكرمجرد تفكير في التلصص على ساكنيه أو إختلاس النظر اليهم. وإلى الأمس أيضا كانت كثير من العائلات العدنية أو الزائرة لعدن تفترش رمال الشطآن الناعمة في فصول الصيف ،بأمن و أمان لا يحرسها سوى الله في علاه ومن ثم القمر والنجوم في كبد السماء ، وكان الجميع من مرتادي هذه الشطآن يحرصون على ان تستمتع هذه العائلات بنوم هادئ فلا يفكر أحد منهم حتى بالمرور من جوارها كيلا يقلق نومها وراحتها.حالة خيالية من الامن والطمأنينة كانت تعيشها عدن بالأمس تحولت اليوم وبقدرة قادر إلى حالة من الخوف والقلق والرعب ،صارت معه الأسر لاتنام إلى بعد ان تغلق كل الأبواب والنوافذ ،بل ان بعضها يضع المتارس والاكياس المملوءة بماثقل وزنه خلف الأبواب فيما تخشى بعضها ان تتعرض لإنزال جوي من سطح المنزل ان كانت هناك إمكانية للوصول إليه .فكل ما شهدته وتشهده عدن من جرائم بشعة غريبة ،على الناس والمجتمع هي مبعث ودافع للوجع ،والاستهجان ،والإدانة لكل من يقف متفرجا على تفشي هذه الظواهر السلبية وكأنه إنما يباركها وما حدث للطفلة اليتيمة ماريا المعروفة بشيماء، ذات الثمانية أعوام من قتل ربما سبقته عملية اغتصاب من حيوان بشري ، تضعنا أمام حقيقة ان المدينة المسالمة والوديعة والآمنة عدن لم تعد كذلك ،طالما وجدت فيها نماذج من الوحوش البشرية التي ارتكبت جرائم اغتصاب وقتل لعدد غير قليل من الأطفال من الذكور والإناث لم يبلغ عمر كثير منهم العاشرة من السنين.ولو ان الجرائم البشعة ، التي اهتزت لها عدن لبشاعتها ،نالت ما تستحق من الاهتمام وتم ضبط الجناة ومحاكمتهم وإصدار الأحكام الرادعة لهم وفق القانون والشرع لما تواصل واستمر ارتكاب مثل هذه الجرائم ولو ان أجهزة السلطة التنفيذية ومعها الأجهزة الأمنية تحركت لضبط مجرم وحاكمته وفق القانون وطبقت عليه حدود الله في هذه الجرائم ما تجرأ مجرم على الإقدام على ارتكاب جريمة بهذا الحد من البشاعة والتجرد من الإنسانية.ما ينبغي الإشارة اليه والتأكيد عليه ،في إطار الحديث عن جرائم اغتصاب وقتل الأطفال والتي باتت ظاهرة ملموسة وليست حالات فردية ،هو مخاطبة منظمات المجتمع المدني والمجتمع ككل ،للنهوض بدور هم ،لتغطية غياب الدولة أو تراخيها إزاء هذه الجرائم .على كل مواطن ان يدرك ان أطفاله لن يكونوا بمنأى عن هذا الخطر الداهم ،في ظل توسع رقعة انتشار هذا النوع من الجرائم ، والذي جعلها تتعدى الأحياء الفقيرة أو المهمشة لتغزو الإحياء الأكثر رقيا وتنويرا ،ما يعني ان المجتمع بشكل عام في خطر داهم وبات من الملح عليه ان ينهض من سباته وان يدافع عن ذاته ،دون انتظار لدور الأجهزة الرسمية ،لأن الوقائع والشواهد الماضية دللت على أن هذه الأجهزة لاتملك سوى تلقي بلاغات الجرائم وقيدها ضد مجهول.
|
آراء
شيماء ..شاهد آخر ..
أخبار متعلقة