لقد وضعت الحرب أوزارها وانتهت إن شاء الله إلى غير رجعة ويحفظ الله لنا بلادنا من كل مكروه ولكن .. بقيت الحسرات لم تنته بعد على من رحلوا أو اعتقلوا أو فقدوا أو أخفوا قسراً أو شاركوا في هذه الحروب أو كانوا ممن لا ذنب لهم فيها ، من سياسيين أو معارضين حزبيين أو جنود أو مدنيين ـ فلماذا كل هذا الليل لهم وحتى اللحظة لم تحل مشاكلهم بالشكل المطلوب والعادل مما أفقد ذويهم الأمل في تتبع أثرهم والعثور عليهم بعد أن طرقوا جميع الأبواب ؟ ثم جاءت ثورة الشباب فازداد الحمل كيلاً وأثقل العبء كاهل أسرهم حزناُ وكمداً وحسرة وندامة عليهم حتى أن بعض أولياء أمورهم قد اعتراهم المرض والجنون فقدوا عقولهم لفقدانهم فلذات أكبادهم أو من يعولهم ، فكم من المنظمات المحلية والدولية المعنية بالسلام وحقوق الإنسان قد عقدت من مؤتمرات عن هؤلاء المخفيين والمعتقلين ولكن لا جدوى ولا أمل في ذلك . بعد أن أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان موقفاً واضحاً من قضيتهم ، طالب رئيس المفوضية في صنعاء الحكومة اليمنية بالمصادقة على الاتفاقية الخاصة بالعهد الدولي لحماية المخفيين قسراً الصادر من قبل الأمم المتحدة التي لم توقع عليها بلادنا حتى الآن، وقد أكد رئيس مكتب المفوضية في مقابلة معه أن قضية المخفيين قسراً في اليمن قضية لا بد من التعامل معها في ظل الحديث عن قانون العدالة الانتقالية ويجب أن يشملها أي برنامج للعدالة الانتقالية لكون اليمن من الدول العربية الموقعة على معظم المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان باستثناء المعاهدة الخاصة بالاختفاء القسري أو اتفاقية روما فمازالت هذه القضية يشوبها الكثير من الغموض لعدم إحكام النظام الجديد السيطرة المحكمة على أطراف ومفاصل الجهة الأمنية والعسكرية حتى هذه اللحظة ، كل ذلك أدى إلى تأخر إطلاق سراح المئات من المعتقلين والمخفيين قسراً على ذمة الانقلابات والحروب السابقة كحرب يناير 1986م وما قبلها من الحروب التي جرت بين شطري الوطن سابقاً وحرب صيف 1994م ومعتقلي ومخفيي ثورة الشباب التي شهدتها البلاد عام 2011م فلا أحد يعرف مصيرهم حتى الآن ومع ذلك فقد تبادر إلى أسماعنا أنه قد أفرج عن البعض وما يزال الكثيرون منهم قابعين في السجون حتى إشعار آخر إلى أن يؤذن لهم بالخروج منها، فلابد من إدراج هذه القضية في قائمة اهتمامات حكومة الوفاق ممثلة بوزارة حقوق الإنسان بالتنسيق مع وزارة الداخلية والأمن السياسي والأمن القومي ووزارة الدفاع بالعمل على إخراج المعتقلين والإفراج عنهم وإعادتهم إلى ذويهم والبحث عن المفقودين والمخفيين منهم وتعويضهم التعويض العاجل على ما لحق بهم وبأسرهم من أضرار معنوية ومادية وتقديم من تسبب في ذلك إلى القضاء العادل وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع بما يكفل لهم الحياة الكريمة، فليس هناك مبرر لتأخير الإفراج عنهم أو المماطلة في ذلك ، وهذا مما يفقدهم ويفقد ذويهم الثقة بالحكومة الحالية في عدم مبادرتها بالتعاطي الجاد الفاعل في ملف هذه القضية الإنسانية المؤلمة.نأمل أن تتفاعل الحكومة وأن يكون تفاعلها جاداً وصادقاً لمعالجة هذه القضية في أسرع وقت ممكن رحمة بقلوب الأمهات وشفقة وعطفاً على الأولاد المحرومين من حنان الأبوة لأن من مهام هذه الحكومية ومسؤوليتها الاهتمام بالمواطن وتلمس همومه وحل قضاياه والحفاظ عليه وعلى حريته والتعبير عن تطلعاته وآماله وآلامه خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك شهر التسامح والعفو والصفح الذي تعلمناه من مبادئ وقيم الإسلام الحنيف على لسان الرحمة المهداة حين قال لمعارضيه ومخالفيه " اذهبوا فأنتم الطلقاء " وكما روي عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " وعفا الله عما سلف قال سبحانه وتعالى" ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم" الأنفال / 67.
|
آراء
متى سيرون الشمس.. ؟!!
أخبار متعلقة