قصة قصيرة
رائد عبده عثمان مقطريقدماه توقظان حبات الرمال الباردة وينوش سكونها قرع نعليه المتعفرتين جرح دامع يرقد خلف شفتي رجل مسن يؤلمه كلما فتقتها ضحكة حزينة يملؤها الندم أو ابتسامة لا تشمله ببعض السعادة ابدا. لن أقف على مشاهدته بسحنته الذابلة وثيابه المدعوكة ونعليه المشققتين حينا وحيناً حافي القدمين اشعث لئلا يدركني الألم ويلوكني ويستبد بي حين يضحك أو يبتسم ، طول النهار .. سأغذ مسرعاً كما قال لي أخي و أوسعني نصحاً كي لا ألقاه في طريقي وهو على ذلك النحو. وما زالت قدماه تجهدان في السير وتبتلعان التواءات الطريق الذي تبدى وكأنه أفعى قد استلقت وسكنت بعد أن هدها الجوع وآلمها التعب. لم يلهه شيء عن مواصلة السير بدأب سوى هاتف هتف به، فالتهبت حناياه مرارة وألما وتحشرجت أنفاسه الساخنة ، فوقع على الأرض يبكي بصوت متهدج وقد التصق بعض التراب على وجهه ، وتحلق حول شفتيه فردد قائلاً : كيف يمكن لي أن اتجشم كل هذا العناء وأنا في الثامنة عمرا .هامش سأغذ .. سأهرول مسرعاً