إن الشباب هم العمود الفقري لهذه الأمة الذي يشكل عنصر الحركة والحيوية فيها والعطاء المتجدد، ولم تنهض أمة من الأمم ولا دعوة من الدعوات غالباً عبر التاريخ الا على أكتاف شبابها وحماسته المتجددة والمتدفقة، إلا إن اندفاع الشباب لابد أن تسايره الحكمة من الكبار والشيوخ والقادة وأهل العلم والخبرة والبصيرة بتسيير أمورهم في الحياة، فلا يستغني الشباب عن تجارب الكبار وأفكارهم ومشورتهم بل لا يستغني احدهم عن الآخر، حتى في زمن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كان للشباب دور ومكان بارز في صدر الإسلام كما كان للشيوخ مكان الصدارة في التوجيه والإرشاد والمؤازرة، وبهذا أنطلق الجميع بقيادة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لتأسيس دولة الإسلام الأولى في المدينة النبوية التي امتدت تعاليمها الى آفاق المعمورة. فينبغي على الدولة الاهتمام بشريحة الشباب، وذلك من خلال توجيههم الوجهة الصحيحة والسليمة لما يفيدهم ويعود بالنفع على مجتمعهم وبلادهم في احتضانهم وتشغيل العاطلين منهم عن العمل وتقبل آرائهم واستفساراتهم من منطلق الرأي والرأي الأصوب المنفتح على الرأي والرأي الآخر والحرص على تربيتهم وتنشئتهم النشأة الصالحة وإبعادهم عن الأفكار المنحرفة وتنقية أخلاقهم من الشوائب الدخيلة عليها والمعتقدات الضالة فإنها الحالقة، وذلك بعقد اللقاءات والندوات المستمرة بينهم وبين العلماء والمفكرين والقادة والمرشدين والموجهين وجميع فئات المجتمع المدنية بروح من الأخوة والمحبة والانفتاح على الآخر والثقة المتبادلة بين هؤلاء جميعاً لمعالجة القضايا المستجدة على ساحة الوطن ودراسة المشكلات وحلها قبل استفحالها في أوساط هؤلاء الشباب، وبهذا يحسن إفادة الشباب بربطهم بعلمائهم وقادتهم ومفكريهم وأمتهم ودينهم وإسلامهم وعقيدتهم، لأنهم عند الكبر سيحملون المشاعل بعدهم، ويواصلون المسيرة، أما البعد عنهم وتركهم تتجاذبهم الأهواء المضللة يتخبطون بها ويغرقون فيها، مما يعرضهم للانحراف والانجراف خلف هذه الأفكار المتكاثرة كالفيروسات في الساحة والتي جرت علينا الويلات من أفكار هدامة وتكفيرية للمجتمعات، تؤدي إلى استحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم من جراء تصوراتهم تلك وأفكارهم الخاطئة التي أدت إلى هذا الانحراف العقدي وسلوك طريق التطرف والغلو والحماس المفرط والزائد عن حده ، فتكون بعد ذلك النتائج عكسية على المجتمع بل على الوطن ككل هذا ما نعاني منه اليوم من بعض الجماعات التكفيرية المنحرفة والخارجة عن الدين والقانون في بلادنا وأكثر البلدان العربية والأجنبية .وإننا في مثل هذه الأيام في أمس الحاجة إلى كل طاقة وكل خبرة نستفيد منها في بناء وطننا والحفاظ على أمنه واستقراره. نأمل ونتمنى ان تتكاتف بل وتتضافر كل الجهود بين كل الأطراف ولا تتبدد او تتلاشى روح الأخوة بيننا بالخصومات والأحقاد والمكايدات الشخصية المفتعلة او بالخلافات الجانبية والفرعية المصطنعة التي تجاوزها الزمان وفرغت منها الأمة، وان نعتصم بحبل الله جميعاً ولا نتفرق إمثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) فلا يخفى هذا الأمر على أحد من الناس وخاصة من كان له علم او كانت له معرفة وخبرة وممارسة في الحياة السياسية او العلمية او الدعوية. فلذلك حينما عرف أعداء الأمة ان قوة العرب والمسلمين ائتلافهم هو في توحدهم العقدي والمنهجي والعملي وهو سبب عزتهم ومنعتهم، عملوا على هدم هذا الصرح وتمزيقه وتفتيته، فهدموا اولاً الخلافة النبوية وحولوها إلى صور وأشكال من نظم الحكم المختلفة كحكم القبائل والعشائر والمشايخ والأمراء والسلاطين وأنظمة الحكم الجمهورية والملكية والفيدرالية والكونفيدرالية وهلم جرا .. ونشروا مع ذلك كل ما يمكن ان يفرق الأمة الإسلامية والعربية من عصبيات للموطن والجهة والطائفة والمنطقة واللغة والمذهب والجنس والهوية بين الأقليات العرقية. والدليل ما نراه اليوم حاصلاً في بعض دول المنطقة العربية.وللأسف فأن الأمة الإسلامية قد استجابت سريعاً لمثل هذا الهدم والتمزيق وكأنها كانت على موعد معه او منتظرة لميلاده والتهيئة له منذ زمن طويل فأصبحت كالكرة في يد أعدائها يتفادونها فيما بينهم كيفما شاؤوا.فإذا فقد اليوم الشباب القدوة الصالحة من العلماء والمفكرين والقادة المخلصين والمراجع الحاضنة لهم تجاذبتهم البلوي الجائحة من انحرافات وأهواء ممزقة قاطعة لصلة الرحم وأواصر الأخوة. وربما تحول هؤلاء الشباب إلى إرهابيين ومجرمين. فلابد من طول النفس معهم حتى نحافظ عليهم من الضياع والبعد عن الله وعن شرائع الإسلام فإنها الرابطة الحقيقية التي تجمع المفترق وتؤلف المختلف التي تجعل المجتمع الإسلامي كله جسداً واحداً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. فلا ينبغي التفريط بهذه الرابطة او استبدالها بغيرها. من الروابط ولا ينبغي السماح لأي مخلوق ان يسعى في أوساط المجتمع إلى نفث سموم العداوة والبغضاء والتفريق بين الناس. بل عليه آن يسعى إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الخلافات فيما بينهم. فما أجمل ان نرى شعباً متماسكاً ومثقفاً ومتطوراً وقوياً ومسلحاً بالعلم والمعرفة يداً بيد لبناء وطنهم ومستقبلهم والارتقاء به نحو العلا وتطهيره من الفساد والفاسدين والمفسدين. فيالها من همة من بعد ان كادت ان تحل بنا النقمة. فهل من يد تأخذ بيد هؤلاء الشباب جذوة الحاضر وأمل المستقبل ؟ّ!
|
آراء
الاهتمام بالشباب اهتمام بالمستقبل
أخبار متعلقة