سطور
فكرة ليست أكثر هي التي أوجدت كل هذا الضجيج والموسيقى والصراخ من حولنا .. فكرة فقط هي التي جعلت الله يمنحنا هذه الأرض ويرسل الشياطين إلى السماء تمارس شغبها علينا .فكرة فقط هي التي صنعت الموت كي يعيد أجسادنا إلى تفاصيل أكثر دقة فيما نقوم به .. الفكرة هي التي صنعت منا أرواحاً جائعة تتبعثر في رؤوسنا وتصلي صلاة الخوف والبحث والانتظار وهي ذاتها الفكرة التي جعلتهم يقودونا إلى عالمهم المتسارع نحو الانتحار والاكتشاف.فكرة فقط أسقطت علينا كل تلك المشاعر والغرائز التي تحركنا مع الطبيعة وتخلق الأضواء والكره والحقد والأمل والظلم والانتقام ، ولكونها فكرة فقط فهي لاشيء سوى أنها ابنة الحظ والفلك والأرقام فهي تشكل الأحداث والاختراعات والرقصات والأموال ، وتعيد تشكيل الكتابة والنهاية والهزيمة والانتصار .. هي التناقضات المميتة والجائعة والغريبة والمتهورة والاحتفال أيضاً.الفكرة هي الواقع الذي تنفش ريشها وأحلامها ووجعها وغبائها أيضاً، ومع هذا كله لا نزال نبحث عن أصولها وحقيقتها وسيناريو تاريخها .. ربما لأنها مجرد فكرة وجدت من اللاشيء فخلقت كل الأشياء واحتفظت بأسرارها في جعبة الطبيعة التي أنشأتها .كذلك هي فكرة التي ألهمتني لكتابة هذه الكلمات ومحاولة تنفسها كفكرة أيضاً وفي النهاية اكتشفت أنني أيضاً مجرد فكرة ، ويقول أحد الفلاسفة المفكرين أن “الفكر هو ابن الواقع”، لابد أنه أسقط التاء المربوطة لفكرة ما خطرت بباله .