قصة قصيرة
عبد الجبار ثابت الشهابياسودت السماء.. زأرت العواصف .. دمدمت الرعود .. وأنا كنت هنالك أبكي .. أرتعد في حر الصيف ؛ خائفاً من .. لا أدري .وفجأة .. التفَّت قطعان القبائل للتو كمطرٍ عاصف .. حشدَت كل الأوثان .. نصبت صرحاً للرمل .. نسيت كل مدارسها .. رقصت فيما قالوا للعدل .. غنت فيما زعموا للسلم .. أعلنت الوحدة .. لهد السقف .. ودمار المعبد حتى الخسف .. صفقوا، لكن بالكلاشنكوف، وبالمدفع .. هتفوا بالموت لمن خالف .. حتى يركع !!ثمة يتامى يبكون الآن .. وثكالى ودموع .. ووجوهٌ أكلت لحمَها السنونَ ، ولهيب الجوع .. أطفالٌ يدعون بأعلى الأصوات .. دونما صوت مسموع :ـ لم يبقَ غير الموت ..الرحمة يا ناس !!.ـ دعوا شيئاً للعقل !!ـ نريد خبزاً .. أزهاراً .. وملاعب . ـ لا للطاغوت !!ـ عودوا بالرمل إلى الصحراء !!ـ عودوا لقراكم بالبارود !! لن نأكل عنفاً !!ـ رجاء يا كل قبائلنا الشجعان !! نريد الأمن .لم تسمع آذان الصحراء شيئاً من كل الأصوات .. هذا الظاهر .. لكنّ أحدهم نادى من عنق الحقد المتدلي على الأكتاف :ـ صمتاً .. صمتاً .. لا للإسفاف !!أطلق زخات من حقد أسود .. ابتل لباس الأطفال .. حبست أنفاس الموجودين ..انتثر الرعب كئيباً جوفه الصحراء .. أضاف الرمل الحاقد:ـ انتم لا تدرون مصالحكم .. العقل هنا .. في فوهة هذي النيران .. لا داعي أبداً للتفكير !! رفعوا الأصوات .. حيوا الأموات .. اشتد التصفيق القبلي تفجيراً، وعواء .عاد الرقص سريعاً .. لكن من إيقاع آخر .. حل الليل كئيباً .. قتل آخر بسمة .. داس الرمل الأزهار .. لبست الأرض جلباباً كالكحل.. رقصوا لعدالة القتلة .. غنوا لبسالة السفلة .. وكالعادة : باسم المستقبل، والعدل ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان !! ثم انفجر الفرح القبلي في الآفاق كعادته .. كبركان حبس كل الأنفاس .. ثم رقصوا حتى الإفلاس .كنت أنظر في عجلة .. من أبعد ما ينظر خائف .. لمحتني عين أحدهم .. هاجت من حولي الصحراء .. وفي الميدان كان الحكم سريعاً : ـ أنت وحدك ؟ـ نعم، وحدي ..ـ سحقاً للوحدة .. للخونة !!ـ وأين العدل يا قاضي ؟!التفتَ بوجهٍ كالظلمة .. صرخ باسم الجلادين ، والسدنة .. سدد سهم عدالته .. ومضى يرقص في عجبٍ ، ويذم الظلم ، والطغيان !! .