بمناسبة مرور (21) عاماً على رحيله
عبدالعزيز الدويلة:نود أن نستعرض هذه المرة وبمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لرحيل الشاعر والصحفي والدنا عبدالله الدويلة رحمه الله وطيب ثراه بعضاً من حياته وسيرته الذاتية كما سنسلط الضوء على جوانب من سيرته النضالية والشخصية والإبداعية في فترة من أصعب الفترات التي مر بها الشاعر عبدالله الدويلة ابتداءً من محطته الأولى في مدينة زنجبار أبين حتى انتقاله إلى مدينة عدن ومروراً باعتقاله وسجنه منذ عام 73 ـ 1978م في سجن المنصورة كما سنسلط الضوء على نشاطاته الثورية والكفاحية في مدينة عدن وزنجبار حتى تعيينه بعد الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر رئيساً لنقابة عمال الجمهورية، ومن ثم تقديم استقالته نتيجة للمماحكات والصراعات التي كانت بين أجنحة الحكم والتنظيم السياسي الجبهة القومية الأمر الذي أدى إلى مطاردته وملاحقته وسجنه وعند خروجه التحق بالعمل الصحفي في صحيفة (14 أكتوبر) عام 1980م كمشرف إداري ومالي بـ (مؤسسة 14أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر).في أواخر الخمسينات كانت بدايات انخراطه ونشاطه في إطار حركة القوميين العرب فرع زنجبار أبين والتي تشكلت من اجل مقارعة ومناهضة الاستعمار البريطاني في ظل أوضاع متردية عانى منها الفقيد الدويلة الإقصاء والتهميش والاضطهاد وسلب حقوقه المالية من قبل السلطة والجهات الحاكمة آنذاك الأمر الذي أدى إلى إبعاده ونفيه من أبين إلى عدن في عام 1964م إلا أن نضاله لم يتوقف بل استمر في نشاطه السياسي في عدن في العمل الفدائي والعسكري ثم انتقل إلى المجال الإعلامي مع القعطبي حيث ساهم في كتابة المقالات في النشرة اليومية (المقاومة) الناطقة باسم الجبهة القومية في مدينة الشيخ عثمان أواخر عام 1967م وكان احد محرريها ..وبعد تحقيق الاستقلال الوطني تولى المناضل عبدالله الدويلة منصب رئيس نقابات الصناعات الخفيفة في ظل صراعات واختلافات تكتنفها الاتهامات والبحث عن المناصب والمؤامرات والدسائس وكذا المواقف الوطنية والآراء النقابية التي كانت تطالب باستقلال العمل النقابي عن السلطة إلا أن مثل هذا التوجه أزعج الوصوليين والمتطرفين مما أدى إلى تعرض النقابي والرجل الوطني عبدالله الدويلة للملاحقات والمضايقات والمطاردات ومداهمات زوار الليل والفجر منزله أكثر من مرة حيث اختفى بعد أن شعر بخطر يهدد حياته في منزل احد أصدقائه في مدينة كريتر، وبعد مرور عام ونصف 73 ـ 74م تقريباً عاد الفقيد عبدالله الدويلة إلى منزله في منطقة الدرين ثم تم مداهمة البيت ومحاصرته من جميع الاتجاهات واعتقاله وترحيله إلى سجن المنصورة وتم بعدها الإفراج عنه في 79م ليعود إلى عالم الصحافة (السلطة الرابعة).وعلى الرغم من أن شعر الفقيد عبدالله الدويلة والذي كان غزير العطاء والإنتاج الأدبي المتميز في فترتي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي والذي تجسد من خلال تجربته المتسمة بالخبرة الأدبية والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمراحل نضاله التي عبر عنها في مجمل إبداعاته وكتاباته الثقافية والاجتماعية والسياسية الصادقة وبدون زيف أو نفاق، إلا أن تاريخ ونضال وإبداع ومعاناة هذا الرجل من خلال مسيرة حياته النضالية والإبداعية لم تحظ بالتقدير أو التكريم المناسب بل وحتى يومنا هذا لم يصدر له ديوان أو كتاب رغم الإنتاج الأدبي الغزير كما أنه لم يحظ بالرعاية والاهتمام الكامل من أجهزة السلطة المحلية والثقافية وعلى الصعيد المادي والإعلامي أيضاً لم يعط التعويض المناسب خصوصاً وأن فترة اعتقاله كانت من دون حكم وذلك بسبب خلافات في الرأي او الموقف السياسي.ولعلنا في هذه الذكرى الحادية والعشرين لرحيل المناضل والأديب عبدالله الدويلة نقتطف بعضاً من مفردات الدراسة الممنهجة والموضوعية للناقد الدكتور أحمد علي الهمداني في تجربة الفقيد عبدالله الدويلة الإبداعية والتي نشرت في مجلة المنارة الصادرة عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وهي كالآتي:< ينتمي الشاعر عبدالله الدويلة إلى أكثر من مكان والى أكثر من بيئة وينتمي إلى مراحل زمنية مختلفة في التعبير عن نفسها وعن موقعها في حياة هذا الإنسان والشاعر، تشكلت حياته وفيما بعد تجربته الإبداعية داخل هذه البيئات المختلفة، وداخل هذه المراحل المختلفة كل بيئة من هذه البيئات تسبغ على حياته وعلى تجربته الإبداعية طابعاً خاصاً وتلقي كل مرحلة من هذه المراحل المختلفة ظلالاً معينة على أعماله الأدبية والفنية.* عرف عبدالله الدويلة إندونيسيا التي ولد في إحدى مدنها (سورابايا) عام 1932م المدينة التي ولد فيها الشاعر والمسرحي الكبير والروائي علي احمد باكثير، ونشأ في حضرموت بمناطقها المختلفة وخاصة تريم والشحر منها وعاش في أبين مايقرب من عقد كامل، وانتقل إلى عدن التي احتضنته والتي عاش في ظلها وأبدع في كنفها، وكتب فيها أجمل قصائده ورسم أنقى لوحاته.* لم يكن يوماً من الأيام يعرف معنى الإقليمية الضيقة والمناطقية التعيسة لقد شاهد هنا وهناك الكثير من الأحداث والأعاصير التي هبت على الوطن اليمني وكان شاهداً حياً على آلام الناس ومعاناتهم على امتداد فترة زمنية طويلة، وعاصر البدايات الأولى للحركة الوطنية وذاق طعم الانتصارات والهزائم الأولى وعانى مخاض الثورة المسلحة وكان واحداً من رجال العمل الفدائي الذي اقض مضاجع الأجانب المحتلين.يانجمة الحزبمهداة إلى مؤتمر منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة عدنيانجمة بزغت من ظلمة اللجببعد التململ، والإعياء والنصب،أتيت .. يانجمتي ..من قلب عاصفةفكنت كالطود، لا رتلاً من الحطبأتيت، والليل ..في أشلائنا صخب،يعوي، يزمجر كالمسعور بالكلبفذاك ينعى ..زمانا قد مضى عفنا،لكن في عرفه أشهى من الرطبلانه استمرأ الإذلال في خورفعنده الجيفكالريحان والطيبوذا يزمجر في لظى غضبويشتري السيف بالأغلال والذهبلكنه الشعب،في يوم ثورتهوفي ظلها .. يسقط (الكولاك) مندحراًوتنتهي دولة الطغيان والكذب ..شعر عبدالله الدويلة16 يونيو 1982معموماً نأمل أن نكون قد وفقنا وأسهمنا في كتابة إعداد ذكرى مرور (21) عاماً على رحيل والدنا الفقيد الشاعر والمناضل/ عبدالله علي مولى الدويلة والتي تحمل في طياتها مرآة لتاريخ الثورة اليمنية في الشعر والنضال الدامي والكفاح في تحقيق الحرية والممارسة الديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، وكذا في أفراح الوطن وأحزانه آملين أن تجد أعمال المناضل الشاعر والصحفي عبدالله الدويلة من يساهم ويبادر في طباعتها حتى تكون مفيدة ونافعة للأجيال ولأولئك الطيبين والمخلصين من أبناء هذا الوطن.