إن النفس البشرية إذا استجاشت بكراهية الواقع المفروض عليها وتطلعت إلى الأفق فتحت لها الفطرة آفاقاً جديدة من آفاق الغيب.فتطلع الشعب اليمني اليوم بعد الانتهاء من الحوار والبدء بالعمل على مخرجاته، إنما يتطلع إلى آفاق جديدة تحقق له آماله ورغباته في الحياة بعد أن تخبط حول نفسه مدة من الزمن عاشها في التيه والتشرذم والحرمان، التي لم تحقق له شيئاً ولم تعط له ما يخفف عنه ولو بعضاً من معاناته أو حدة حيرته التي يعيشها ويمر بها يوماً بعد يوم، فقادة اليمن منذ عهد الثورة وقيامها وحتى يومنا هذا هم أكثر الناس حاجة إلى هذه التطلعات والآفاق الجديدة كي تنقذهم مما هم عليه من الشك والحيرة قبل شعبهم، وهذه ظاهرة واضحة الدلالة تعمل عملها اليوم في الكشف عن الزيف والفساد الذي واكب مسيرة هذه الثورة وهذا الشعب عبر نصف قرن من الزمن كي يتطلع إلى المستقبل لمواكبة العصر في التقدم البناء والتطور العلمي والعملي في الحياة ودحض كل الأكاذيب والوعود التي كان ومازال يسمعها منذ عهد بعيد جيلاً بعد جيل حتى يومنا هذا، ومازالت تتردد إلى أسماعه بأساليب وأشكال مختلفة ومازالوا يعاودون الكرة بعد الكرة في التدليس والتلبيس عليه بالزيف والأكاذيب والأباطيل لتثبيت ما هم عليه من باطل وقصورهم بالحكم حتى تتقبلها النفوس، فهيهات لهم إخفاء الحقائق على هذا الشعب.إن الشعب اليمني وعلى مسار خمسين سنة من ثورته ومع بريق النهضة العلمية والصناعية والتكنولوجية عند أكثر الشعوب اليوم وجد نفسه في العراء والعري والتخلف والجهل والفساد والفقر والمرض والضياع وتأخره في اللحاق بركب العصر ومسيرتهم نحو التطور والرقي.ولا شك ولا ريب أن أكثر الدول اليوم قد انتصرت في معركة التقدم العلمي والتكنولوجي ونالت السبق فيها على كثير من الشعوب واحتكرت هذه العلوم والتكنولوجيا لنفسها حتى تظل هذه الشعوب تبعاً لها.ولأن الحضارة الغربية قد فقدت ثقتها بدينها وتحررت منه وبأشخاصها وعلمائها ووصلت إلى مرحلة الطريق المسدود الذي لم تستطع تجاوزه ولم تطرح البدائل لإنقاذ الإنسان بفلسفة الإنسان الوضعية بعد أن تنكرت للميتافيزيقا (عقيدتها في الإيمان بالغيب السماوي) أي ما وراء الظاهر والمشاهد، وعكفت على المادية فبقيت في الدوران على ما هي عليه دون تقدم إلى الأمام حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من الحيرة والشك وعدم الثقة بنفسها وكثرة ظاهرة الانتحار لديهم.إن محاولة الغرب السيطرة بحضارته على العالم العربي والإسلامي وفرض نموذجها عليه وهي تعلم علم اليقين أنها لا تستطيع أن تلبي حاجيات النفس والروح البشرية وما خلقته المادة من أزمة وتدمير وتمزيق نفسي في شعوبها وكيف أنها دخلت فعلاً في طريق مسدود وبدأ الإنسان في دولهم يتطلع إلى بدائل جديدة للخروج من هذا النفق المظلم للبحث عن حياة جديدة مغايرة للحياة البهيمية من أجل إشباع رغباته الروحية التي فقدها.فينبغي على الشعب اليمني اليوم أن يواكب هذا التطور العلمي والصناعي والتكنولوجي ويحافظ على عقيدته ويبني دولته بصدق وإخلاص حتى لا يصنف ضمن الدول الفاشلة. ففطرة النفس البشرية لا تقبل بالظلم والقهر والاستبداد والتعسف وتتطلع إلى التغيير ولو على المدى البعيد فتثور عليه وهذه سنة كونية متبعة ومستمرة في الحياة البشرية.وبما أن النظام الحاكم الآن في بلادنا توافقي ويسعى إلى وضع خارطة طريق لبناء مستقبل يمن جديد ودولة مدنية حديثة وجديدة فلماذا لا يصطف الجميع حكومة وشعباً من أجل المساهمة في وضع لبنات هذه الدولة؟!
|
آراء
تطلعات وآمال إلى مستقبل يمن جديد
أخبار متعلقة