في ظل التوجه القائم لإرساء الدولة المدنية الاتحادية لماذا لا نبحث في تاريخنا عن دلالات مفيدة ننطلق منها وبها لإرساء ثقافة مدنية اجتماعية لتسهيل مسار البناء والتغيير؟ هذه الدلالات سنجدها في تاريخ عدن هذه المدينة ذات الطابع المدني والثقافة الإنسانية من حب وتسامح ورقي حتى وان تلاحظ اليوم طمس لبعض هذه المعالم لكنها موجودة ومتأصلة في نفوس و وجدان وثقافة أبنائها الأوائل وان تهيأ لك أنها انقرضت فهي لازالت موجودة لكنها مغمورة بغبار الفوضى وشوائب الصراعات ويحن لها الجميع هي بحاجة لنفض هذا الغبار وستجدها براقة مشعة تسود المجتمع بكامله.. عدن المدينة التي تفوح منها رائحة المدنية بكل معانيها لا يمكن أن تكون غير ذلك لكنها حزينة اليوم بسلوكيات لا تتناسب مع ثقافة ناسها ومحبيها .المدنية ليست وصفة سحرية لطبيب ماهر بل هي سلوك وثقافة تربى بها الإنسان ورضعها في طفولته من أمه وتجرعها من والده سلوكاً وهو ينمو شبرا بعد شبر وتحصن بها ثقافة وفكراً وتقاليد.. المدني هو ذلك العاشق للقانون والولهان للنظام هو ذلك الإنسان الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه هو الذي يحترم الأخر رأيا وحقاً و واجباً هو ذلك المؤمن بالمواطنة المتساوية ولا يقبل التمايز بكل أشكاله سياسيا أو اجتماعيا أو دينيا لو تمعنا جيدا في سلوك ابن عدن ستجده مثالا للمدني مهما حاولت قوى الشر أن تعبث بثقافة عدن وأهلها وان تخلق صراعات لتمحو ثقافة عدن الأصيلة اذا نجد ان عدن أكثر المدن تهيئة وقبولاً للمدنية فلماذا لم نبدأ من هنا انطلاقنا نحو المجتمع المدني .ان كنا صادقين وعازمين لبناء الدولة المدنية الاتحادية فلنبدأها من عدن التسامح عدن الحضارة عدن السباقة في كل ما يغذي الروح الإنسانية وينعش الأحاسيس الرقيقة والمشاعر الرفيعة التي تجعلك تتحسس آلام الآخرين وهمومهم وتستشعر جيدا دورك في المجتمع وتستوعبه وترفض الخروج عن القانون ولا تتحرك خارج النظام الملزم للجميع بكل فئاتهم وانتماءاتهم ومذاهبهم .أذا ماذا تحتاجه عدن لتنطلق ؟ وتستعيد مدنيتها وحضارتها وثقافتها المدنية نقولها بصراحة أن عدن بحاجة إلى من يفعل فيها النظام والقانون على الواقع المعاش ويفرغها من الصراعات المدمرة للمجتمع ويخليها من السلاح والمسلحين ومليشيات الموت والدمار وبلطجة الأشرار عدن يجب أن تكون مغلقة بالأمن والأمان ومفتوحة للحرية والسلام كل هذا لن يتم دون ان تكون هناك شراكة حقيقية لكل أطياف المجتمع و وعي ثقافي مجتمعي وسلوك راق خال من الشطط الحزبي والانتماء ألمناطقي والمذهبي بل يسود فيه الانتماء للوطن وتسعى لإرساء العدل والمساواة للجميع لا مجال للتسلط والهيمنة والتخوين والتكفير .كل هذا لن يحدث ما لم نصل إلى قناعة تامة أولا انه لن يصلح الجنوب ولا اليمن ما لم تصلح عدن وثانيا أن نقبل بعضنا بعضاً وان نؤمن أن للآخر حق كحقوقنا التي نطمح لبلوغها هنا نكون قد اقتنعنا أن الصراع لا يولد إلا صراعاً وان الدمار يولد خراباً وان جرح المشاعر يسبب شروخاً اجتماعية وآلاماً نفسية يصعب ترميمها بسهولة ويسر وان العيش معا يتطلب حباً وسلاماً وتوافقاً و وئاماً هنا نترك كل ما يحاك على الساحة اليوم من مؤامرات ضد بعضنا البعض ومهاترات وألفاظ نابية وشعارات جوفاء تمزقنا اجتماعيا .هنا سنتفق على ان نكون شركاء لا فرقاء وان نتوافق على أدارة شئوننا معا لان التركيبة الحالية للمجلس المحلي ومجالس المديريات لا تخدم الشراكة بل لازالت عدن تحت تسلط الأحزاب ولا زالت تنجر من حين لآخر لصراعات المركز الحزبي ولا زالت أيادي واذرع الشر من خارجها تعبث بها ولا زالت عدن مفتوحة للسلاح والمسلحين ولازال هناك من يبث سموم الفرقة والتشرذم .فل نتفق على صيغة مشتركة ندير بها عدن وفق نظام مدني وقانون سار على الكل وعادل للكل وان نرسي معايير للوظيفة ومقاييس عادلة دون تقاسم او محاصصة او ماباة التعيينات يجب ان يستفيد منها الجميع بمعاييرها العادلة وفق قانون العمل و وزارة العمل لا كما هو حادث بعشوائية وانتقائية ومحسوبية حزبية كانت أو شخصية .فعدن لن يستقيم حالها ولن تستعيد مدنيتها ما لم نرس فيها النظام والقانون والعدالة والمساواة هذه القيم التي ثرنا من اجلها ولازلنا لم نطلها او نتمتع في حلاوتها وهي أساس المجتمع المدني نواة الدولة المدنية.
|
آراء
عدن مجتمع مدني
أخبار متعلقة