بقيت أسعار النفط والغاز مستقرة في الأسواق الأوروبية ولو أن سعر برميل نفط «برنت» انخفض دولاراً يوم الثلاثاء الى ١٠٨ دولارات، على رغم أزمة روسيا وأوكرانيا وتهديد أوروبا بالعقوبات على روسيا. إن هذا الاستقرار في أسعار الطاقة في الأسواق الأوروبية يعكس قناعة اللاعبين في أسواق النفط والغاز بأن أوروبا عاجزة عن وضع عقوبات نفطية وغازية على روسيا، لأن روسيا ليست إيران من حيث إمداداتها النفطية لأوروبا، فروسيا بين أكبر منتجي النفط في العالم ومزود أساسي للنفط والغاز لأوروبا. واستقرار أسعار النفط عند مستوياتها الحالية لسعر برميل «برنت» يظهر أن المتعاملين في أسواق النفط والغاز في أوروبا غير مقتنعين بأن أوروبا ستفرض عقوبات نفطية أو غازية على روسيا إذا ضمت القرم وبسبب أزمة أوكرانيا. إن مما لا شك فيه أن سلاح الغاز والنفط وارد وهو بتناول الأوروبيين لو أرادوا ذلك. ولكن الكلفة على اقتصادات هذه الدول باهظة. فالأوروبيون والأميركيون سيبدأون بعقوبات مرتبطة بإجراءات رفض تأشيرات لبعض الشخصيات الروسية ووضع إجراءات معينة قد تكون مصرفية ولكن من المستبعد أن يلجؤوا إلى عقوبات نفطية. فروسيا ليست إيران، فهي مصدر أساسي لأوروبا من النفط والغاز. صحيح أن هناك مصادر تصدير بديلة للنفط والغاز لأوروبا، فبالنسبة للغاز هناك الغاز القطري والجزائري، ولكن التصدير قد يأخذ وقتاً، خصوصاً بالنسبة لقطر مع إنهاء المصنع والمرفأ في بولندا ويكون أكثر كلفة بالنسبة للجزائر. أما بالنسبة للنفط، فوحدها السعودية حالياً تملك طاقة إضافية زائدة بحوالي مليونين ونصف مليون برميل في اليوم من النفط. وفي غياب النفط الإيراني والليبي ومشاكل نيجيريا وفنزويلا، وكلها دول ضمن «أوبك» ستكون الطاقة المتوافرة لتكون بديلة للنفط الروسي إلى أوروبا محدودة ولو أنها موجودة. والاتحاد الأوروبي عاجز عن الاستغناء عن الطاقة الروسية لأن معظم اقتصاديات أوروبا باستثناء ألمانيا تعاني من تراجع وضعف.إن سلاح الطاقة الذي تحدث عنه بعض الأوساط الإعلامية الأميركية، خصوصاً دفع الولايات المتحدة إلى اعطاء المزيد من رخص تصدير الغاز لتكون بديلة للغاز الروسي لأوروبا سيكون سابقة لو استخدم وسيشجع دولاً نفطية أخرى أساسية على العمل بالمثل في قضايا أخرى أساسية لها، فالولايات المتحدة قد تعطي رخصاً إضافية للتصدير ولكن ليس كسلاح للضغط على روسيا، لأنها ستفتح باباً أغلقته منذ أن فرضت الدول العربية الحظر النفطي في حرب 1973.وامتنعت الدول الأوروبية عن شراء النفط الإيراني ولكنها كانت مدركة أن مصادر استبداله متوافرة بما يكفيها. أما الآن، فالوضع مختلف بالنسبة لروسيا. ولسوء الحظ، فلاديمير بوتين مدرك ذلك ويزداد تحدياً للولايات المتحدة وأوروبا في أزمتي أوكرانيا وسورية. إن تعامله في الملفين يُظهر ضعف رئيس القوة العظمى باراك أوباما على الساحة الدولية، فأولوية أوباما هي للانسحابات العسكرية من أفغانستان، والتي تمت في العراق، ولكنه فشل في الاثنين، إذ ترك نوري المالكي يسلم العراق للنفوذ الإيراني، وفي أفغانستان هو الآن في صراع مفتوح مع الرئيس حامد كارزاي، الذي أراده أوباما حليفاً فأصبح عدواً. والآن بوتين بسياسته التوسعية والداعمة لنظام بشار الأسد لا يبالي بما يطلبه منه أوباما الذي جعله يتصور أنه استعاد موقع روسيا السوفياتية. ولكن في نهاية المطاف فإن الأسواق المالية الروسية والاستثمارات الروسية في أوروبا هي التي ستفرض القيود على بوتين الذي لا يمكنه إلا أن يأخذ بعين الاعتبار أوضاع بورصة موسكو وقيمة الروبل الروسي، فبوتين لن يكون المنتصر الأبدي في تعامله مع الغرب لأن أوضاعه الاقتصادية الداخلية قد تتأثر بشكل خطير.
سلاح الغاز والنفط لن يستخدم لأوكرانيا
أخبار متعلقة