في افتتاح مؤتمر دعم الشراكة البناءة بين الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني
صنعاء / بشير الحزمي : بدأت أمس بالعاصمة صنعاء فعاليات مؤتمر دعم الشراكة البناءة بين الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني والذي تنظمه وزارة التخطيط والتعاون الدولة ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والبنك الدولي على مدى ثلاثة أيام في الفترة 4 - 6 مارس الجاري بهدف تمكين صناع القرار رفيعي المستوى ومنظمات المجتمع المدني في اليمن من الاستفادة من بعضهم البعض ومن التجارب الدولية في دعم المشاركة البناءة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني خلال المراحل الانتقالية والتحولات السياسية والاقتصادية .وفي افتتاح المؤتمر الذي شارك فيه نحو 120 مشاركاً يمثلون عدداً من الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وخبرات دولية من (إندونيسيا ،الفلبين ، غانا ، الهند ، البرازيل ، فلسطين ) الدول التي دعمت الجهود الرامية نحو مجتمعات أكثر انفتاحا لجني ثمار النمو الأكثر شمولا واستدامة لتعزيز الشراكات البناءة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد سعيد السعدي حرص الحكومة على تعزيز اطر الشراكة مع منظمات المجتمع المدني .وقال أن المسئوليات جسام وأن هناك حاجة للشراكة الوطنية والدولية في المسار المطلوب للمراحل القادمة.. موضحا أن ثمة قناعة راسخة لدى الحكومة بأهمية تعزيز دور المنظمات كشريك قوي ومستقل في تطوير أهداف التنمية وتحسين مستوى تقديم الخدمات العامة وجعلها أكثر استجابة لحاجات وتطلعات المجتمع اليمنى.. مؤكدا أن بناء شراكة قوية مع المجتمع المدني يمثل أولوية قصوى لدى الحكومة كونها تمثل حجر الزاوية في إنجاح الخطط التنموية وتحقيق التنمية المستدامة.وأشار السعدي الى أن الحكومة ومن منطلق حرصها على تعزيز الشراكة مع المنظمات غير الحكومية العربية والأجنبية التزمت خلال مؤتمر اصدقاء اليمن المنعقد في الرياض في سبتمبر 2012 وفي نيويورك 2013 بإعداد دليل الإجراءات الخاص بعمل المنظمات غير الحكومية والذي يعد خطوة تاريخية يهدف الى ترسيخ مفاهيم الشفافية والمساءلة وتمكين منظمات المجتمع المدني, وإرساء الأسس والبني التحتية لشراكة ناجحة ومستدامة.ولفت الى أن العالم اليوم أصبح جسماً يتأثر بعضه ببعض وأصبحت مصالحه متداخلة . وبالتالي فأن الشراكة تصبح ضرورية ومن يعزف عنها يعتبر خارج إطار الجسم العالمي الواحد.. موضحا أن الشراكة مع منظمات المجتمع المدني كانت احدى التزامات الحكومة قبل عامين في مؤتمر المانحين . وقد خطت الخطوات الاولى لانجازها غير أن الطريق طويل لكن البداية هي الاهم .. معتبرا أن التقدم الذي حدث في الجانب السياسي كان ضرورياً وهاماً وأساسيا لتهيئة أجواء الشراكة .ولفت السعدي الى أن إقامة هذا المؤتمر بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني وما خرج به من نتائج في طياتها مهام جسام ومستقبل واعد بالتحديات يعتبر منجزاً إضافياً ويؤسس لشراكة مستقبلية تتطلب وضوح الرؤية والمسار والاتفاق على آليات يمكن على ضوئها قياس ما يتحقق من انجازات بين فترة وأخرى .وقال أن التحولات التي حدثت في اليمن هي تحولات نوعية سواء كان على مسار الوحدة أو على مسار المستقبل التنموي أو على مسار الإدارة وتلافي الاخطاء التي وقعت فيها الحكومات أو المنظمات خلال المراحل الماضية .وهي تحولات جديدة جاءت نتيجة ثورة وتضحيات ونضال مستمر ومتراكم كان الهدف منه الوصول الى يمن جديد .. مؤكدا أن التحدي ليس صعبا اذا وجدة النوايا الحسنة والرؤى المشتركة وأن يعمل الناس من أجل يمن التنمية واستغلال الموارد .مجددا التأكيد بأن اليمن ليس فقيرا وإنما اُفقر بسوء الادارة .. وقال: لا نريد أن نحاكم شخصاً بنفسه لان المسئولية حتى وان كانت تقع في بعض الاحيان على شخص معين لكن البيئة المحيطة لهذا الشخص تساعد على النجاح أو الفشل .. مشيراً الى أن الحكومة تعمل في توافق بروح الفريق الواحد غير أن التحديات والتوقيت والصعوبات في الواقع وخصوصا في المجال الاقتصادي .. لافتا الى أن الشراكة الدائمة مع منظمات المجتمع المدني ستكون عاملاً مساعداً ليس من باب الوفاء بالالتزامات وإنما من باب حاجة الواقع .وقال : في اجواء الحرية تنشأ المنظمات وهناك مقاصد متباينة .ونحن في وزارة التخطيط نعمل على انجاز دليل اجرائي للمنظمات المحلية والدولية وقد بذلت فيه جهود كبير من قبل الخبراء المحليين والدوليين وسينجز قريبا .. مطالبا المنظمات وخصوصا ذات التمويل الكثيف بالشفافية .. موضحا أن من واجب الحكومة أن تراقب الانشطة والأعمال والأموال التي تصرف .ودعا الى ايجاد سكرتارية تنفيذية لمتابعة التوصيات والقرارات التي سيخرج بها هذا المؤتمر والتى يأمل أن تكون واقعية وقابلة للتنفيذ. معربا عن شكره للبنك الدولي لدعم انعقاد هذا المؤتمر .من جانبها أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة أمة الرزاق علي حُمد أهمية إيجاد شراكة حقيقية في إطار تنظيمي يسهم في وضع وثيقة للشراكة تمكن الحكومة والمانحين من تنفيذها وبما يحقق تنمية مجتمعية تواكب التطورات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وترقى الى مستوى التجارب الاقليمية والدولية الناجحة .وأوضحت أن البذرة الاولى لفكرة خلق شراكة فاعلة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني كانت قبل أكثر من خمس سنوات برعاية من البنك الدولي وقد شكلت مجموعة عمل وعقدت عدة ورش في عدة محافظات وتم الخروج برؤية موحدة حول احتياجات ومتطلبات تفعيل هذه الشراكة .. معتبرة عقد هذا المؤتمر تدشين رؤية عملية متطورة لهذه الفكرة .وقالت إن الدور الذي تؤديه منظمات المجتمع المدني ، وإسهاماته في مجالات النشاطات المتنوعة والخدمات الانسانية والخيرية يأتي انطلاقا من الحق الذي كفله الدستور ومنح المواطنين الحق في تنظيم انفسهم سياسيا ومهنيا ونقابيا وفي تكوين منظمات المجتمع المدني .وأكدت التزام الدولة بضمان هذا الحق من خلال اصدار ثلاثة قوانين لتنظيم وتأسيس وتشكيل منظمات المجتمع المدني.وأشارت حُمد الى أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قد شجعت من خلال برنامجها الحكومى منظمات المجتمع المدني على تأطير جهودها وتنظيم عملها بتأسيس شراكات نوعية متمثلة في الائتلافات والتحالفات والشبكات التنموية ، وقد حققت نجاحات كبيرة كان لها دور فاعل في الارتقاء بخبرات وقدرات كوادرها ، وتحسين ادائها والتوسع في انشطتها وبرامجها ما مكنها من الشراكة في النهضة التنموية.وأكدت أن التوجهات الدولية آمنت بأنه لا يمكن أن تكون هناك نهضة تنموية حقيقية للمجتمعات بدون شراكة منظمات المجتمع المدني .. موضحة أن القوانين اليمنية مكنت منظمات المجتمع المدني أن تفرض وجودها في اللجان المعنية بوضع الخطط التنموية والاستراتيجيات الوطنية ، كما تساهم في تنفيذها .ولفتت حمد الى أن دور منظمات المجتمع المدني بالرغم من إسهاماتها وشراكتها مع الحكومة خلال العقدين الماضيين وبصماتها الواضحة في تنمية المجتمعات المحلية والإسهامات التنموية الا أنها لم تكن على المستوى المطلوب لغياب وضوح الرؤية ، انعدام الثقة ، عدم وجود رؤية تنظيمية تؤطر لهذه الشراكة .وقالت : نحن اليوم نشهد ميلاد رؤية متطورة تبلورت في وثيقة الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني اكتسبت شرعيتها من إقرارها في مجلس الوزراء ، وتقديمها الى مؤتمر المانحين وهي تقوم على التنسيق والتعاون وتكامل الجهود ، معتمدة على الثقة والاحترام والشفافية والمساءلة التى تقود الى تعزيز ثقافة المشاركة ومبادئ الديمقراطية وتعمل على بناء القدرات المؤسسية لكوادرها وتحسين كفاءتها المهنية والإدارية وتلتزم بالحوكمة الرشيدة في أطرها التنظيمية وهياكلها الادارية .وأكدت أهمية الوصول الى نتائج مثمرة لهذا المؤتمر تتواءم مع التوجهات المستقبلية وتفيد من التجارب الرائدة وتحدد الخطوات العملية التي سوف تلتزم بها الحكومة كمخرجات تهدف الى توفير البيئة التشريعية والقانونية الملائمة لعملية الشراكة القائمة على بناء جسور الثقة ، الارتقاء بمستوى رسم السياسات والبرامج والخدمات بما يلبي احتياجات المجتمع وأهداف التنمية والعمل على تنفيذها وتقييمها ، بناء قدرات منظمات المجتمع المدني والارتقاء بمستواها ودعم جهود الحكومة لتعزيز وتفعيل إطار الشراكة ، تأسيس المجلس الاعلى للشراكة .من جهته أكد مدير مكتب البنك الدولي باليمن وائل زقوت أن الشراكة ستسهم في تحسين نتائج التنمية وستساعد الحكومة على فهم التحديات والفرص بشكل أفضل وبما يتفق مع السياق اليمني.وقال أن اليمن تواجه تحديات تنموية معقدة يجب معالجتها عبر الشراكة بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص .. موضحا أن مشاريع البنك الدولي ( مشروع الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني ومشروع دعم منظمات المجتمع المدني ) هي اداة لتهيئة المناخ لشراكة بناءة غير أن الدور الأكبر يقع على اليمنيين لتفعيل وتعزيز هذه الشراكات التنموية من أجل مستقبل أفضل لليمنيين .. معتبرا أن التزام الحكومة في مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض في سبتمبر 2012 بالعمل مع منظمات المجتمع المدني كشريك رئيسي في التنمية ، ولا سيما في المجالات التى تؤثر على المرأة والشباب والفئات المهمشة يعد مؤشرا على الاعتراف المتزايد للمشاركة البنائة لمنظمات المجتمع المدني .وأشار زقوت الى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في فترة نحن في أمس الحاجة الى الاستفادة القصوى من الطاقات والإمكانيات والخدمات التي يمكن أن تقوم بها منظمات المجتمع المدني في مجال التنمية .. آملا أن يتم من خلال هذا المؤتمر الاستفادة من تجارب الدول المشاركة من اجل إرساء مجتمعات أكثر انفتاحا ، شمولا واستدامة .وأكد أن انعقاد هذا المؤتمر يعتبر الخطوة الأولى في مسيرة بناء شراكات فعالة من أجل التنمية.ولفت الى أن الخطوة الثانية التي تأتي في السياق نفسه هو المشروع الذي تم اعتماده الأسبوع المنصرم من قبل مجموعة البنك الدولي والذي يهدف الى تعزيز كفاءات منظمات المجتمع المدني ودعم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في تطوير عملية التسجيل للمنظمات ودعمهم فنيا فيما يخص دراسة قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية.. منوها بأن لليمن تأريخاً طويلاً في مجال التكافل الاجتماعي .. مفصحا أن اليمن هي الدولة الوحيدة في العالم العربي التي طلبت من البنك الدولي دعم منظمات المجتمع المدني .وكان وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد يحيى الحاوري قد استعرض في كلمته الترحيبية طبيعة الجهود التي تبذلها الحكومة ممثلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي في تعزيز اطر التعاون والشراكة مع منظمات المجتمع المدني.وأكد أن تعزيز الشراكة بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية يمثل أحد ابرز الأولويات التي تصدرت توجهات الحكومة .ونوه بالدور الذي تضطلع به المنظمات المجتمعية في دعم تنفيذ الخطط التنموية الحكومية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.وكان الخبراء الدوليون قد استعرضوا في جلسة العمل الأولى يوم أمس تجارب بلدانهم في بناء شراكات بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني. كما ناقش المشاركون في جلسة العمل الثانية ورقة عمل حول المشاركة البناءة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في واقع الممارسة. وسيواصل المؤتمر جلسات أعماله اليوم وغدا لتسليط الضوء على تجارب من الشرق الأوسط وشمال افريقيا من فلسطين واليمن تستحضر تجربة التنظيم الذاتي لمنظمات المجتمع المدني والحوار الوطني ، وسيتم توزيع المشاركين الى مجموعات عمل لتناقش مجالات موضوعية من شأنها أن تسهم في خلق بيئة أكثر ملاءمة للشراكات بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني .حضر افتتاح المؤتمر وزير الشباب والرياضة معمر الإرياني وعدد من وكلاء الوزارات والمسئولين وقيادات منظمات المجتمع المدني والمهتمين .