أكد القسم الأكبر من المعارضة السورية موافقته على الذهاب إلى مؤتمر جنيف 2 في ختام مناقشات طويلة ومتعبة، استمرت طويلا داخل أطراف سياسية وعسكرية في المعارضة، بينها الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية وجبهة ثوار سوريا وغيرهما، وجاءت تلك الموافقة مضافة إلى موافقات سابقة أبدتها قوى معارضة بينها هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وإن تكن الأخيرة أعلنت مقاطعتها للمؤتمر لأسباب إجرائية كما هو معروف. وتمثل موافقة المعارضة على الذهاب إلى جنيف 2 نقطة تحول سياسي في مواقف وسلوك المعارضة، التي اتسمت مواقفها بالتشدد في المفاوضات مع نظام الأسد بعد طول تجربة مرة معه في محاولات معالجة الأزمة في سوريا، التي اقترنت بإصرار النظام على المضي عمليا في خياره العسكري - الأمني، مما عزز قناعة المعارضة وعموم السوريين بأن النظام غير جدي مع المساعي السياسية التي بذلت في المستويات الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية لحل الأزمة السورية.والأساس في تحول موقف المعارضة إنما يستند إلى معطيات داخلية وخارجية. الأهم في المعطيات الداخلية وصول الأزمة السورية إلى نقطة اللاحسم عسكريا وسياسيا، مما يؤكد أن تطورات الأزمة في سوريا مفتوحة فقط على بوابة المزيد من القتل والتهجير للسوريين والدمار لسوريا، فيما الأهم في المعطيات الخارجية تزايد التدخلات الخارجية مقرونة مع عجز المجتمع الدولي عن حل عاجل للقضية السورية سواء عبر المساعي السياسية أو من خلال حل عسكري.وبفعل تقاطع المعطيات الداخلية - الخارجية، فقد أصبح الخيار الممكن والوحيد أمام المجتمع الدولي هو الذهاب إلى حل سياسي، يلقى فيه العبء على القوى المحلية بمشاركة القوى الخارجية وبمساعدة الأمم المتحدة والجامعة العربية عبر دور مباشر يقوم به المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي وفريقه.والأساس في فكرة الحل السياسي عبر جنيف 2، استناده إلى جنيف 1 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 لعام 2013 القاضي بمرور الحل عبر هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، تتشكل بمفاوضات بين النظام والمعارضة، تكون مهمتها خلق ظروف انتقال سياسي في سوريا نحو إقامة نظام جديد معبر عن طموحات ومصالح الشعب السوري، ويكون بديلا للنظام الحالي.ورغم أن محتوى جنيف 2 يفتح الباب نحو التغيير الشامل في سوريا، فإن من الصعب تصور أن المعارضة سوف تحقق تقدما سريعا على هذا الطريق عبر مشاركتها في المؤتمر، والسبب في ذلك جملة من الوقائع الداخلية والخارجية، منها توازنات القوة الميدانية بين النظام والمعارضة، ودخول الجماعات المتطرفة على خريطة الصراعات الداخلية وتأثيراتها الإقليمية، كما أن بين الوقائع حجم التدخلات الإقليمية والدولية في الأزمة السورية، ولا سيما تدخلات حلفاء النظام وبينها روسيا وإيران وحزب الله اللبناني.ولأن الأمر على هذا النحو، فإن ما يمكن أن تحققه المعارضة على نحو عاجل في ذهابها إلى جنيف 2، سيكون جملة من الإنجازات البسيطة، في مقدمتها تأكيد وجودها باعتبارها قوة في مواجهة النظام في أزمة سوريا، وليس كما يقول النظام إنها مجرد عصابات مسلحة وتنظيمات إرهابية، وتأكيد أنها قوة سياسية ذات قدرة على خوض صراع سياسي تستخدم فيه كل إمكانياتها وتحالفاتها في مواجهة النظام وإمكانياته وتحالفاته، وسوف تستفيد المعارضة من فرصة انعقاد جنيف 2 للقيام بحملة إعلامية - دعائية، تكشف فيها سياسات وارتكابات وجرائم النظام ضد السوريين.وبخلاف الإنجازات البسيطة، فإن ذهاب المعارضة إلى جنيف 2 يمكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر تعقيدا وأثرا في القضية السورية ومستقبل سوريا، لكن الأمر في هذا سوف يكون بحاجة إلى جهد ودأب وتراكم ووقت، وهذه بعض من الاحتياجات اللازمة لإنجاز مهمات من طراز المهمات التي تطرحها الأزمة الراهنة في سوريا.
ماذا تحقق المعارضة في الذهاب إلى جنيف 2؟
أخبار متعلقة