خالد الشهاري لم تتمالك الأم نفسها عندما سألها امتلأت عيناها بالدموع وأجهشت بالبكاء ،تناثرت الدموع على خديها المقسم بالتجاعيد من قسوة الدهر وجور الزمان أخذت تنهيده مصحوبة بصوت تملؤه الحشرجة الصدرية من شدة المعاناة لا سامح الله من كان السبب هدى ابنة الـ16 من العمر والتي اختارت لنفسها اسما مستعاراً كانت مركونة في إحدى زوايا المنزل المتهالك تتصارع مع ابنتها التي لم تتجاوز 3 سنوات ذات الوجه الشاحب والجسم الهزيل ،هدى التي لا تملك في رصيدها غير حطام متراكم من ماض اليم وحاضر مر ، هدى واحدة من مئات الضحايا جراء زواج الصغيرات في المجتمع اليمني بسبب . العادات والتقاليد الاجتماعية والحالة الاقتصادية التي تعد من الأسباب الرئيسية لتفشي هذه الظاهرة . يعد زواج الصغيرات من المشاكل الرئيسية التي تواجه المرأة في المجتمعات اليمنية على مر الأوقات إلا انه تغيب من الظهور والانتشار لعدة عوامل ساهمت في غيابه أو التقليل من حجم المعاناة التي تتعرض لها القاصرات ومن هذه الأسباب غياب دور وسائل الأعلام التي لم تكن بالمستوى لتغطية كافة المشاكل التي يعاني منها المجتمع وبعدها عن تناول القضايا الاجتماعية وكذا دور منظمات المجتمع المدني التي لم تكن موجودة أصلا والثقافة الاجتماعية السائدة في فرض القيود على المرأة ما جعلها ترضخ للواقع الاجتماعي وتحمل تبعاته ولو كان على حساب حياتها. ويرجع انتشار زواج الصغيرات أو القاصرات إلى أسباب تقليدية وثقافية واقتصادية ودينية ونحن هنا بمناسبة حملة” الـ 16يوما لمناهضة العنف ضد المرأة» بصدد الحديث عن هذه الأسباب والمخاطر التي تواجه المجتمع جراء انتشار وتفاقم زواج القاصرات دون تحريك ساكن من الجهات المعنية بوضع التشريعات التي تحد من هذه الظاهرة التي باتت تهدد حياة كثير من الفتيات اليمنيات. ووفقاً لإحصائيات الحكومة اليمنية والدراسة التي أجرتها منظمة اليونيسيف فقد أظهرت النتائج أن 52 بالمائة من الفتيات تروجن قبل سن الـ 18 من العمر و 14بالمائة قبل 14 من العمر وبالتالي هناك مخاطر كبيرة تنتظر هؤلاء الفتيات ومصير محتوم في تعريض حياتهن إلى مخاطر صحية ونفسية نتيجة التحول المفاجئ الذي طرأ على حياتهن ناهيك عن الحرمان من مواصلة التعليم وتحمل أعباء المسؤولية التي لا تتواءم مع أعمارهن فتفشي زواج الصغيرات في اليمن يرجع بالدرجة الأساسية إلى العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة والحالة الاقتصادية ناهيك عن المخاطر الصحية التي تلحق بالأم والجنين من خلال ازدياد نسبة الولادة قبل الأوان ونقصان وزن المولود واحتمال وفاته والمضاعفات التي تحدث للاماً القاصر أثناء الولادة لذا فقد صنفت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ظاهرة انتشار الزواج المبكر في اليمن شكلا من أشكال العنف ضد المرأة . وبهذه المناسبة أدعو وسائل الإعلام كافة و خاصة المرئية التي يكون لها الأثر المباشر في التأثير على المجتمع إلى أن تقوم بدورها في ترسيخ ثقافة المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث وان تمارس دورها الايجابي لا أن تزيد الفجوة بين الرجل المرأة من خلال المسلسلات المبنية على الدونية للمرأة ما يجعلها شخصية سلبية معرضة للأخطاء دائما فإن مثل هذه الأعمال تخلق حالة من التشكيك بقدرة المرأة وإمكانياتها في المشاركة الفاعلة في الحياة المجتمعية .لذلك لابد علينا إذا أردنا محاربة ظاهرة تفشي الزواج المبكر من أن نضع سياسة لمواجهة هذه الظاهرة من خلال تبني تشريعات سياسية شاملة ووضع خطط وتوجهات في مجال التشريعات وبرامج لمكافحة زواج القاصرات بمشاركة الجهات الرسمية والمنظمات المحلية والدولية ذات الاختصاص لرسم سياسات وآليات لحماية المرأة وكذا العمل على إنشاء مراكز لحماية وتأهيل النساء المعنفات وإجراء دراسات وأبحاث لمعرفة الدوافع والأسباب للعنف الذي تتعرض له القاصرات من اجل وضع حد لتلك الانتهاكات وبهذا يتحقق الشعار “ من السلام في البيت إلى السلام في العالم لنحد النزعة المسلحة وننهي العنف ضد المرأة ».
زواج الصغيرات أسبابه وآثاره الصحية
أخبار متعلقة