في تقرير حالة سكان العالم ( 2013 ) أمومة في عمر الطفولة.. مواجهة تحدي حمل الصغيرات
عرض / بشير الحزميأوضح تقرير حالة سكان العالم 2013 الذي أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان في الـ 30 من شهر أكتوبر الماضي تحت شعار ( أمومة في عمر الطفولة.. مواجهة تحدي حمل الصغيرات) أن 20000 فتاة تحت سن الـ 18 في البلدان النامية ينجبن أطفالا في كل يوم ، وأن من أصل 10 حالات من هذه الولادات تكون 9 منها في إطار الزواج .وذكر التقرير أن الفتيات دون سن 15 سنة يمثلن مليونين من العدد الإجمالي السنوي للأمهات الصغيرات حديثات العهد بالأمومة والبالغ عددهن 7,3 مليون فتاة، وأنه لو استمرت هذه المعدلات الحالية على ما هي عليه ، فان عدد حالات الولادات لفتيات دون سن الخامسة عشرة سوف يزداد إلى 3 ملايين فتاة بحلول عام 2030م.وأبرز التقرير التحديات الرئيسية المتعلقة بحمل الصغيرات وآثاره الخطيرة على تعليم الفتاة، وصحتها، وفرصها في العمل في الأجل الطويل.ويبين التقرير أيضاً ما يمكن القيام به من أجل الحد من هذا الاتجاه وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالفتيات ورفاهتهن.[c1]فتيات المناطق الريفية[/c]وأشار التقرير إلى أنه في كل منطقة من مناطق العالم، تكون فتيات المناطق الريفية الفقيرات والأقل تعليماً أكثر احتمالاً لأن يصبحن حوامل عن نظيراتهن من ميسورات الحال الأكثر تعليماً في المناطق الحضرية. ولفت التقرير إلى أن الفتيات المنتميات لأقليات عرقية أو فئات مهمشة يتعرضن أيضاً لخطر حمل الصغيرات ، وهؤلاء اللاتي لا يتمتعن إلا بفرص محدودة للحصول على خدمات الصحة الإنجابية، أو تكون فرصهن منعدمة للحصول على هذه الخدمات.[c1]آثار خطيرة[/c]ووفقاً للتقرير، فإن الحمل يتسبب في آثار خطيرة على صحة الفتاة، وتحدث المشاكل الصحية على الأرجح إذا أصبحت الفتاة حاملاً فور وصولها سن البلوغ. وتموت نحو 70000 من الصغيرات في البلدان النامية سنوياً لأسباب تتعلق بالحمل والولادة . والصغيرات اللاتي يصبحن حوامل أميل إلى أن يكنَّ من أسر معيشية منخفضة الدخل ويعانين من ضعف التغذية.ويبين التقرير أن الفتيات اللاتي يواصلن دراستهن بالمدرسة لفترة أطول يكن أقل احتمالاً لأن تصبحن حوامل. فالتعليم يهيئ الفتيات لفرص العمل وكسب الرزق في المستقبل، ويعزز من تقديرهن لذاتهن ومن مكانتهن، ويتيح لهن أن يشاركن بالآراء في الأمور التي تؤثر على حياتهن. والتعليم أيضاً يقلل من احتمالات زواج الأطفال ويؤخر الحمل ويؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج صحية أفضل بالنسبة للولادة.[c1]عوامل عدة[/c]وجاء في ملخص التقرير أن التقرير يطبق إطاراً إيكولوجيا متعدد الطبقات يبين أن حالات حمل الصغيرات لا تحدث من فراغ. فهي نتيجة لمجموعة من العوامل تشمل الفقر، وقبول الأسر والمجتمعات المحلية بزواج الأطفال، وعدم كفاية الجهود المبذولة للإبقاء على الفتيات في المدارس. وإضافة إلى ذلك، فحالات الحمل هذه، وخاصة بالنسبة إلى الفتيات دون سن الخامسة عشرة، ليست نتيجة خيار مقصود، بل هي نتيجة لانعدام فرص الخيار ولظروف خارجة عن إرادة الفتيات. ولفت التقرير إلى أن حالات الحمل المبكر تعكس حالات من قلة الحيلة والفقر والضغوط - سواء من الشركاء أو الأقران أو الأسر أو المجتمعات المحلية. وفي حالات كثيرة جداً يكون هذا الحمل نتيجة للعنف أو القسر الجنسيين. والفتيات دون سن الخامسة عشرة معرضات بوجه خاص لخطر حمل الصغيرات.[c1]انتهاك لحقوق الإنسان[/c] وحسب التقرير، فإنه لم تبذل جهود كافية لفهم هذه التحديات المروعة والتصدي لها. والجهود التي تبذل لمنع حمل الصغيرات دون سن الخامسة عشرة، أو لدعم الفتيات الأكبر سناً سواء كن حوامل أو وضعن أطفالاً، قد لا تكون ملائمة للفتيات الأصغر سناً. فهذه الفئة من الفتيات المعرضة بوجه خاص لخطر الحمل تحتاج إلى نُهج خاصة تلائم حالاتهن الفريدة.وذكر التقرير أن حمل الصغيرات هو في ذات الوقت علة ونتيجة لانتهاكات حقوق الإنسان. وبين التقرير أن الحمل يقوض قدرة الفتاة على ممارسة حقها في التعليم وفي الصحة والاستقلال الذاتي. وحينما تعجز الفتاة عن التمتع بحقوقها الأساسية، فإنها تكون أكثر عرضة لأن تصبح حاملاً. وبالنسبة إلى قرابة 200 فتاة صغيرة يومياً، يتسبب الحمل المبكر في أفظع انتهاك لحقوقهن: ألا وهو الموت.وأشار التقرير إلى أنه وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل إن كل من هو دون سن الثامنة عشرة، يعتبر طفلاً. ويمنح الأطفال أشكالاً من الحماية الخاصة التي تتطلبها سنهم. ومن شأن دعم هذه الأشكال من الحماية أن يساعد في القضاء على الكثير من الأوضاع التي تسهم في حمل الصغيرات ويخفف من آثاره على الفتاة وأسرتها المعيشية ومجتمعها المحلي. ويساعد ذلك أيضاً على كسر الحلقة المفرغة التي تسودها انتهاكات الحقوق، والفقر، وعدم المساواة، والاستبعاد، وحمل الصغيرات [c1]إجراءات[/c]ويلاحظ التقرير أن بعض الحكومات والمجتمعات المحلية تمكنت من خفض معدلات الخصوبة بين الصغيرات من خلال اتخاذ إجراءات مصممة لتحقيق أهداف أخرى، من قبيل الإبقاء على الفتيات في المدارس، ووقايتهن من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وإنهاء زواج الأطفال، وتعزيز رأس المال البشري للفتيات، وتمكينهن من اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهن، ودعم حقوق الإنسان الخاصة بهن. وذكر التقرير أن بلداناً عديدة اتخذت إجراءات استهدفت على وجه التحديد منع حمل الصغيرات ، وفي بعض الحالات دعم هؤلاء اللاتي أصبحن بالفعل حوامل. بيد أن الكثير من هذه التدابير كان موجهاً في المقام الأول إلى تغيير سلوكيات الفتيات دون التصدي للأسباب الكامنة وراء حمل الصغيرات، بما في ذلك انعدام المساواة بين الجنسين، والفقر، والعنف والقسر الجنسيين، وزواج الأطفال، والضغوط الاجتماعية، والمواقف والقوالب النمطية السلبية إزاء الصغيرات. وكثيراً ما تجاهلت الاستراتيجيات الموضوعة أن تأخذ في الاعتبار الدور الذي يمكن أن يقوم به الفتيان والرجال لمعالجة ومنع حمل الصغيرات .[c1]نهج جديد[/c]ويدعو تقرير حالة سكان العالم 2013 إلى التحول من التدخلات التي تستهدف الفتيات إلى الأخذ بنُهج تعزز رأس المال البشري للفتيات، وتساعدهن على اتخاذ القرارات بشأن حياتهن، بما في ذلك الأمور المتعلقة بصحتهن الإنجابية، وتتيح لهن فرصاً حقيقية بحيث لا تصبح الأمومة هي قدرهن الوحيد. وهذا النهج الجديد يجب أن يركز على الظروف والأوضاع والقواعد والقيم والقوى الهيكلية التي من شأنها إدامة ظاهرة حمل الصغيرات ، من جهة، وتعزل وتهمش الصغيرات الحوامل، من جهة أخرى. وتحتاج الفتيات إلى أن تتوفر لهن فرص الحصول على الخدمات والمعلومات المتعلقة بالرعاية الصحية والإنجابية. وهن في حاجة إلى الانفكاك من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي كثيراً ما تترجم إلى حالات حمل، وأيضاً ما تجلبه هذه الحالات من فقر واعتلال وعجز عن تحقيق الإمكانات البشرية.ولفت التقرير إلى أن التصدي لحالات الحمل غير المرغو بفيه بين الصغيرات يتطلب الأخذ بنُهج كلية. ولأن التحديات التي ينطوي عليها الأمر ضخمة ومعقدة، فليس بمقدور قطاع وحيد أو منظمة وحيدة أن يتصدى لها بمفرده ، ولكن عن طريق العمل من خلال الشراكات وعبر القطاعات وبالتعاون مع المراهقين أنفسهم يمكن التغلب على العقبات التي تعترض سبيل المضي قدماً.[c1]منع حمل الصغيرات[/c]وفي تصديره للتقرير قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتور باباتوندي أوشيتيمن أن تغييراً جذرياً يطرأ على حياة أي فتاة حينما تصبح حاملاً، ونادراً ما يكون هذا التغيير إلى الأفضل. فقد تكون تلك نهاية تعليمها، وقد تتبدد فرصها في العمل، وسوف تتكاثر مواطن ضعفها إزاء الفقر، والاستبعاد، والتبعية.وأضاف : لقد تصدت بلدان كثيرة لقضية منع الحمل بين الصغيرات، وغالباً ما يتم ذلك من خلال اتخاذ إجراءات تهدف إلى تغيير سلوك الفتاة. وتنطوي هذه التدخلات ضمناً على اعتقاد مفاده أن الفتاة هي المسئولة عن منع الحمل وعلى افتراض بأنها إذا أصبحت حاملاً فإن الخطأ يعود إليها. وهذه النُهج وسبل التفكير مضللة لأنها تخفق في أن تأخذ في الاعتبار الظروف والضغوط المجتمعية التي تتآمر ضد الصغيرات وتجعل من الأمومة مجرد نتيجة محتملة لانتقالهن من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد. فحينما ترغم فتاة شابة على الزواج، على سبيل المثال، نادراً ما يكون لها رأي في ما إذا كانت ستصبح حاملاً، ومتى سيحدث ذلك، وكم من المرات سوف تصبح حاملاً. ولذلك، فإن أي تدخل لمنع الحمل، سواء أكان حملة إعلامية أو برنامجاً لتوزيع الرفالات، هو أمر لا يعني في كثير أو قليل أي فتاة لا حيلة لها لاتخاذ أي قرارات مؤثرة بشأن حياتها.وشدد باباتوندي على ضرورة إتباع أسلوب جديد في التفكير إزاء التحدي المتمثل في حمل الصغيرات . [c1]الطريق الصحيح[/c]وقال: بدلاً من النظر إلى فتاة باعتبارها المشكلة وأن تغيير سلوكها هو الحل، ينبغي للحكومات، والمجتمعات المحلية، والأسر، والمدارس، أن تنظر إلى الفقر، وعدم المساواة بين الجنسين، والتمييز، وانعدام فرص الحصول على الخدمات، والآراء السلبية إزاء الفتيات والنساء باعتبارها التحدي الحقيقي، والسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ، والتنمية المنصفة، وتمكين الفتيات على اعتبار أن ذلك يمثل الطريق الصحيح صوب التقليل من حالات حمل الصغيرات . وأشار إلى أن الجهود - والموارد - الرامية إلى منع حمل الصغيرات قد درجت على التركيز على الفتيات ما بين سن15 و 19 سنة. ومع ذلك، فإن الفتيات الأشد ضعفاً واللاتي يواجهن أكبر المخاطر لحدوث مضاعفات وللوفاة بسبب الحمل والولادة هن الفتيات في سن14 سنة أو أقل. وهذه الفئة من صغار الفتيات عادة ما تغفلها، أو لا تصل إليها، المؤسسات الوطنية في مجالات الصحة والتعليم والتنمية، لأن هؤلاء الفتيات غالباً ما يرغمن على الزواج، ويمنعن من الدراسة أو من الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.وقال : في ضوء ما يلزمهن من احتياجات هائلة، يجب على الحكومات والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية والمجتمع الدولي أن يبذلوا جهوداً فائقة لحمايتهن ولدعم انتقالهن المأمون والصحي من مرحلة الطفولة والمراهقة إلى مرحلة الرشد. وبين بأنه لدى التصدي لمسألة حمل الصغيرات، فإن المعيار الحقيقي لنجاح - أو فشل - الحكومات والوكالات الإنمائية والمجتمع الدولي والمجتمعات المحلية يتمثل في مدى استجابتنا، قوية كانت أو ضعيفة، لاحتياجات هذه الفئة المهملة.[c1]حرمان من الحقوق[/c]ولفت إلى إن مسألة حمل الصغيرات تتشابك مع العديد من قضايا حقوق الإنسان. فالفتاة الحامل التي تضطر أو ترغم على ترك دراستها، على سبيل المثال، تحرم من حقها في التعليم. واوضح أن الفتاة التي تمنع من فرص الحصول على وسائل تنظيم الأسرة أو حتى من الحصول على المعلومات المتعلقة بتنظيم الأسرة تحرم من حقها في الصحة. وعلى العكس من ذلك، فإن الفتاة التي يتاح لها التمتع بالحق في التعليم والبقاء في الدراسة تواجه بدرجة أقل احتمال أن تصبح حاملاً عن نظيرتها التي تنقطع عن الدراسة أو ترغم على تركها. ولذلك، فإن تمتعها بأحد الحقوق يجعلها في وضع أفضل للتمتع بحقوق أخرى.ومن منظور حقوق الإنسان، قال باباتوندي : الفتاة التي تصبح حاملاً - بصرف النظر عن الظروف أو الأسباب التي أدت إلى ذلك - هي فتاة أهدرت حقوقها. وتحظى الاستثمارات في رأس المال البشري بأهمية حاسمة في حماية هذه الحقوق. فهذه الاستثمارات لا تساعد الفتيات على تحقيق كامل إمكاناتهن فحسب، لكنها تشكل أيضاً جزءًا من مسؤولية الحكومة عن حماية حقوق الفتيات والامتثال لمعاهدات وصكوك حقوق الإنسان، مثل اتفاقية حقوق الطفل، وللاتفاقات الدولية، بما في ذلك برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لعام 1994 ، الذي لا يزال صندوق الأمم المتحدة للسكان يقتدي به في عمله حتى اليوم.[c1]خطة جديدة[/c]وأشار باباتوندي إلى أن المجتمع الدولي يعد خطة جديدة للتنمية المستدامة لتخلف إعلان الأمم المتحدة للألفية والأهداف الإنمائية للألفية المرتبطة به لما بعد عام 2015 . وقال :على الحكومات التي التزمت بخفض أعداد الحمل بين الصغيرات أن تلتزم أيضاً بكفالة إيلاء الاعتبار على النحو التام في هذه الخطة الجديدة للتنمية للاحتياجات والتحديات والتطلعات ومواطن الضعف والحقوق المتعلقة بالمراهقين، وبخاصة الفتيات.وذكر باباتوندي أن عدد الصغيرات في العالم الآن يبلغ 580 مليون فتاة. ومن أصل كل خمس من هؤلاء الصغيرات، تعيش أربع منهن في بلدان نامية. ومن شأن الاستثمار فيهن أن يطلق العنان لكامل إمكاناتهن من أجل تشكيل مستقبل البشرية.