أصبح جليا تماما ولا مجال للشك أن التدخين وتعاطي كافة أنواع التبغ ضار بالصحة مُسبب للمراضة والوفاة وله تأثيرات كبيرة جداً على النواحي الاجتماعية والاقتصادية. إنه لا يزال يمثل السبب الرئيسي للوفاة الذي يمكن توقيه، فهو يقتل أكثر من خمسة ملايين إنسان سنوياً، أي أكثر مما يسببه الايدز والسل والملاريا مجتمعة من وفاة ، هذا ما يؤكده تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير الذي يُضيف أن 80 % من الوفيات قبل الأوان سوف تقع في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، أي من الدول التي يتعذر عليها تحمل هذه الخسائر الفادحة. كثير من الناس يدخنون ومن ثم يعرضون أنفسهم لخطر الأمراض والوفاة التي تنجم عن التدخين، والوفاة المُبكرة التي يمكن تلافي مسبباتها والتي يروح ضحيتها ملايين الأفراد من ذوي التدريب العالي والخبرات الجيدة في منتصف عمرهم وذروة إنتاجهم، تُعتبر خسارة جماعية تتجاوز حدود البلدان ويتعرض الكثير من غير المدخنين لا إرادياً لدخان التبغ، مما يُعرضهم أيضاً للأمراض المتعلقة بالتدخين.وفي استفتاء في بريطانيا أُجري مُنذ عدة سنوات، عبّر معظم المدخنين (حوالي80 %) عن أسفهم من الإقدام على التدخين أول مرة وأنهم ما كانوا ليفعلوا ذلك لو أن التاريخ أعاد نفسه.ومن بين أشهر الأمراض التي يسببها التدخين هو سرطان الرئة، غير أن الواقع أن التدخين يُسبِّب وفيات أكثر وأسرع من أمراض أخرى غير سرطان الرئة وهي ناجمة عن أمراض القلب وغيرها من الأمراض الوعائية التي يسببها التدخين وأكثرها فتكاً جلطات القلب والدماغ. .وقد أظهرت الدراسات التي أُجريت في المملكة المتحدة أن المدخنين الذين هم في العقد الثالث والرابع من عمرهم معرَّضون للنوبات القلبية أكثر من غير المدخنين بمعدل خمسة أضعاف.وهناك إجماع علمي يستند إلى دراسات عديدة تثبت أن تعرض الأطفال والبالغين لدخان التبغ القسري (السلبي) يسفر عن أمراض خطيرة ومُميتة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الرئة والربو وغيرها. حيث تُشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي نصف أطفال العالم يستنشقون هواءً ملوثاً بدخان التبغ (السجائر والشيشة وغيرها) في الأماكن العامة والخاصة وخاصة في المنازل. لذلك فان الخلو من دخان التبغ في مجتمعنا هو الخيار الطبيعي والواجب على كل عاقل أن يحرص على بيئة خالية من الدخان له ولأطفاله ولأهله جميعاً. وقد منعت السلطات البريطانية قبل سنوات زوجين من تبني طفل، لأن الزوج مُدخن ولأنه لا يحق للمدخنين تبني الأطفال حفاظاً على صحتهم. وكون التعرض للتدخين القسري/السلبي يُسبب أكثر من 600 ألف وفاة قبل الأوان كل عام وأعداداً كثيرة من الأمراض المؤدية إلى العجز والتشوهات، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية التي تتجاوز عشرات البلايين من الدولارات كل عام، فان المنظمة تؤكد أنه لا يوجد مستوى مأمون للتعرض لدخان التبغ، وأنه لا تنفع النوافذ المفتوحة أو مراوح التهوية، والفطرة السليمة تعاف رائحة دخان التبغ و يُجمع عليه المدخنون أنفسهم على أنه ذو رائحة كريهة مُنفرة. والتدخين من الخبائث فإن كنت لا ترى انه من الخبائث فلم تؤنب أو تعاقب ابنك أو أخاك الصغير عندما تراه يُدخن. والتدخين فيه إسراف والإسلام نهانا عن الإسراف في الأكل والشرب فما بالك بما هو ليس طعاماً ولا شراباً وإنما أنفاس ذات رائحة كريهة ينفر منها حتى المدخن نفسه إذا وجدها من غيره. راجع نفسك واخلص النية وحاول مُصمماً أن تترك هذه العادة المُميتة، قال الله سبحانه وتعالى «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» النساء 29، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: «لا ضرر ولا ضرار». وجميع منتجات التبغ مُصمَّمة بعناية لتقويض أي جهود تُبذل للإقلاع عن تعاطيها. ولذلك فالإقلاع عن التدخين ليس مجرد مسألة اختيار لمعظم متعاطي التبغ، بل هو يتطلب مجاهدة النفس للتغلُّب على الإدمان علماً بأن تعاطي التبغ يشكِّل عادةً جزءاً من نسيج الحياة اليومية، ويمكن أن يقوم بدَوْر تعزيزي على الصعيد الفسيولوجي والنفسي والاجتماعي. وهنالك عوامل كثيرة تُضاف إلى تسبيب التبغ للإدمان تجعل من الصعب الإقلاع عن تعاطيه، ومن هذه العوامل الصور التي يظهر بها التدخين في وسائل الإعلام، والقبول الثقافي والاجتماعي لتعاطي التبغ.مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدخين
يجب الإقلاع عن التدخين فورا
أخبار متعلقة