د. زينب حزام مأزق الثقافة اليمنية اليوم هو أنها تهشمت ولا تزال تتهشم وتهشم نفسها ومن هنا أصاب الاحباط معظم المبدعين في بلادنا وأصبح البؤس يهيمن على المفكرين والشعراء والأدباء والصحفيين حتى أصاب العلماء والمتخصصين في مجال العلوم وأدت الأزمات السياسية والحروب الأهلية إلى مشكلة في المجتمع المصاب بالغلاء في أسعار المواد الغذائية والطبية والفقر والبطالة فجاء الأدب والفن يشكو هذه الحالة ويطالب بحل سريع لها لأنها أدت إلى هشاشة المجتمع .إننا نبحث عن الخلل في غير موطنه لأننا نحاول الهروب من مواجهة الأسباب الحقيقية لخللنا وإذا اكتشفناها سنقوم بحل كل مشاكلنا أن الفكر يتغلغل داخل الإنسان كالهواء يدخل رئاتنا دون إذن مما يجعله غير قابل لان يوضع في ثنائيات ونتيجة الفكر هي في تمثل الإنسان وتوظيفه له . إذن الأسئلة تركز على هذه الثنائيات هي أسئلة زائفة تنتج إجابات زائفة وثقافة زائفة وفكراً زائفاً لقد أصبحنا وكما يقول الشاعر العربي: [c1]كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل [/c]* يقول الدكتور وهيب رومية: .. القضية قضية الثقافة، لان الثقافة في هذا البلد كما في أي قطر عربي آخر سلعة رديئة للأسف الشديد. والعلاقات الاجتماعية أو العلاقات الحياتية الإنسانية بشكل عام علاقات جعلت من الثقافة سلعة قليلة التداول إلا في أوساط ضعيفة وإذا كان الملك ميداس في الأسطورة القديمة يحول كل ما يلمسه إلى ذهب فان حياتنا المعاصرة فيما يبدو تحول كل ما تلمسه إلى سلعة وهذه السلعة التي تتعامل معها هي سلعة الثقافة للأسف الشديد لها المكانة العالية في حياتنا التي نحياها. [c1]مبدعون ولكن على الورق [/c]هناك عدد لا يستهان به من الأدباء والكتاب في بلادنا قدموا العديد من الأعمال الإبداعية في مختلف المجالات الأدبية ولكن هذه الأعمال لا تصل إلى أيادي القراء بل تظل حبيسة إدراج كتابها مما يسبب احباطاً كبيراً لدى المبدعين. وكل ما يقدم للقارئ هو بعض الأعمال وربما تكون اعمالاً بسيطة وسهلة تنشر باسم الوساطة والمحسوبية والقبلية وتبدو هذه الظاهرة وكأنها من قبل ( الموضة) وهذه الظاهرة تثير العديد من التساؤلات. فهي محاطة دائماً بالغموض بالهيبة وكثيراً بالحذر ، لماذا يضرب المبدع الحقيقي والعمل الجيد بسوط المحسوبية والقبلية وهل العمل الإبداعي الحقيقي يكشف المستور من الأشياء وهكذا .. ومن هنا جاء اهتمام بعض المسئولين بالأعمال السهلة التي لا تشكل خطورة على مصالحهم الشخصية.. وكل ما يقدم من أعمال نشر العمل الإبداعي يأتي على هوى أصحاب المصالح في مراكز السلطة مما جعلنا نخطو خطوة إلى الأمام وعشر خطوات إلى الخلف وسبب لنا العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية. *يقول الأستاذ زين السقاف : هل القصة القصيرة كجنس أو كفن من الفنون الأدبية كانت مجرد حاجة ثقافية استدعتها الاتصالات الثقافية والقراءات المتنوعة من المثقفين طالعوا واطلعوا على عدد من الأعمال الأدبية من ضمنها القصة القصيرة سواء كانت في الوطن العربي أو العالمي؟ ... أم أنها بشكل متصل حاجة ثقافية واجتماعية في آن واحد؟ بمعنى أن تطور المجتمع واحتياجه إلى أدوات ثقافية للتعبير عن هذا التطور استدعى بالضرورة إنتاج فن أو شكل جديد للتعبير... هو القصة القصيرة وليس الاكتفاء فقط بالشعر والذي كان الظاهرة العامة وما يزال إلى حد كبير هو الذي يأخذ الساحة الأدبية الأوسع في النتاج الثقافي. بدلاً من الدخول في مسألة التصنيف لمنهج القصة من الوجهة النقدية واقعية رومانسية رمزية .. تجريدية الخ .. ذلك وهو ما ينطبق على كافة الأعمال الفنية والأدبية. والدكاترة المختصون يعرفون هذا أفضل مني .. إنما في سياق مسألة واقع القصة اليمنية التصور عندي أن القصة اليمنية لم تخرج عما هو موجود خاصة في الواقع العربي من حيث ابتدأت بأشكال محلية تطورت من خلال الحكاية أو الحديث السردي أو الوصف القصصي العادي التي نسميها « السماية « أو الحدوثة أو الحكاية. ويواصل الأستاذ زين السقاف حديثه قائلاً : ثم أخذت شكلاً متطوراً هو الشكل الرومانسي أو المدرسة الرومانسية بالتعبير عن الحب عن الكليات المطلقة : الوطن ، الأرض، الأحلام ، الطبيعة .. منازعات المشاكل العامة التي يعانيها الإنسان في وحدته في هذا الكون في هذا الوطن.. في إحساسه بنفسه إلى آخر هذه الكليات التي يمكن أن تأخذها فردا أو حادثة واشخاصاً أو فريقاً إضافة إلى أن معاناة اليمنيين بصفة خاصة فيما يتعلق بالنظام القائم في الوطن وفيما يتعلق بالهجرة إلى الخارج وهو الموضوع الذي يهتم به الدكتور روميه بصفة خاصة باعتبار انه يشكل جانبين وفي وقت الهجرة بالذات الغربة والاغتراب في آن واحد. [c1]أزمة ثقافة أم أزمة مثقف ؟[/c]أزمة الثقافة مشكلة صعبة جداً فالمثقف في بلادنا يعي هذه المشكلة ويعتبرها خسارة تلحق بالأدب والفن والذي يحدث في الساحة اليوم خاصة فيما يتعلق بالإعلام والثقافة في غياب مستهلك الإعلام اولاً وصانع الإعلام ثانياً لم يكن أي منهما موجوداً حيث نرى صفحات محدودة للثقافة والفنون وتكاد تكون معدومة الصفحات العلمية والعلوم التطبيقية أن المثقف ينطلق من مرجعية ذاتية لا من مرجعية جماعية ونقصد هنا بالقول أن المثقف في بلادنا يتكلم بصوته ولا يتكلم بصوت الجماعة . والمثقف اليوم أصبح يتحدث من مرجعيته هو لأمن مرجعية الأمة . والمثقف ليس هو الأمة الفرد العادي ، الفرد العامي ، اسميه « امة « لأنه يتحرك بوجدان الأمة وليس في ذهنة فرز حاد بين ما يعتقده هو كمصلحة ثقافية وبين ما تعتقده الجماعة يذوب عنده الخاص بالعام فيتحرك بفعل الحس العام . أما المثقف فلا يتحرك بفعل الحس العام. وإن كان كل مثقف يعتقد ذلك المثقف ليس وجدان الأمة ولا صوتها. إن المثقف ذات مكونة من مرجعيات ثقافية هو نفسه قام باختيارها وغذى نفسه بشكل مستمر بها وبالتالي فهو - وعى ذلك أم لم يع - يفصل بين ما هو عام وما هو خاص هذا على مستوى الإدراك الذهني . أما على صعيد الممارسة اليومية فالموضوع أدهى لان المثقف منعزل مع كتبة وأفكاره وتصوراته ورؤاه التي تكون في الغالب مثالية وبعيدة عن المحك اليومي. عن الناس مثقف يعيش في جو غير موجود ناسه .. ومجتمعه مما يخلق حالة من الانفصام الحاد بين الثقافة والمجتمع. وهذا ما يجب علينا أن نعيش واقع المجتمع وأحداثه وهنا يحضرني مثال جمهورية أفلاطون .. كان العبيد في المجتمع الأثيني أربعة أخماس المجتمع ومع ذلك فقد كانوا خارج إطار تلك الجمهورية وخارج المجتمع الإغريقي ، إذن كانوا يعيشون حالة إلغاء .. كذلك الفساد نحن نكرر مثالاً قريباً جداً فنحن نلغي فئة كبيرة من المجتمع ( تعادل فئة العبيد في المجتمع الأثيني ).إن من واجبات المثقف أن يجرب أن يسمع صوت العامة ينزل إلى الشارع معرفة هموم الناس ، ويعبر عن معاناتهم ومشاكل المجتمع . يجب على المثقف أن يعي وعياً تاماً إن اليومي والاجتماعي متخلف والمثقف ربما اخطأ هدفه الحقيقي فهو حين يرغب أن يرشح نفسه للتأثير في الناس وتغييرهم يعجز عن ادارك أن دوره الممكن هو التأثير والتبديل في « أهل الحل والعقد « لينعكس تغيراً في اليومي والمعيشي والاجتماعي العام ومن هنا نرى أن ما نعيشه يعانيه مجتمعنا هو بالفعل « أزمة مثقف».
|
ثقافة
لماذا يغرق المبدعون في الإحباط ؟
أخبار متعلقة