سطور
فوزي الديماسي كتاب (عودة ليليت ) لجمانة حداد كتاب جامع بين الأجناس الأدبية كلها- نثر و شعر و كتابة درامية - وقد افتتحته الكاتبة بنصيين حمل الأول عنوان - المبتدأ الأول - و حمل النص الثاني عنوان ( المبتدأ الثاني )، و قد جاء النصان فاتحة لباقي العمل، و قد عرفت الكاتبة من خلال هذين البابين شخصية ليليت هذه المرأة المقدودة من طين خاص سمته جمع الأضداد و صفته احتضان المتناقضات فكانت ليلت هي : المقدس / المدنس والأنثى / التوحش والاستسلام / الإقدام حيث تقول صاحبة الكتاب في المبتدأ الأول: أنا المرأة المأدبة و أنا المدعوون إليها . و تضيف في نفس الباب: أنا الأولى التي لم تكتف لأنها الوصال الكامل، الفعل و التلقي، المرأة التمرد لا المرأة الـ (نعم)، سئمت أدم الرجل، سئمت و رفضت و خرجت على الطاعة - أنوثة تنتصر بأنوثتها لأنوثتها، إنه الكوجيتو الأنثوي الليليتي نسبة إلى ليليت ، كوجيتو تبشر به الكاتبة على امتداد خمسة أبواب تراوح مكانها بين النثر و النظم ، و كأننا بالكاتبة في دفاعها عن صورة المرأة التي ترتضيها لنفسها مثالا تستنفر كل أشكال الكتابة لذلك لم تتقيد بجنس أدبي بعينه ، كما كانت سجلات القول متداخلة و متنوعة كالأسطورة و النص الديني و الواقع و التراث الشعبي و ذلك لرسم صورة للمرأة تريد أن ترسمها الكاتبة بكلماتها . امرأة لها كيانها و هويتها و تمتلك زمام أمورها بيدها بلغة تطغى عليها الأساليب التقريرية في أكثر من موطن ، كقولها - أنا ليليت النهدان الأبيضان ، لا يقاوم سحري ، لأن شعري أسود طويل ، و من عسل عيني ، جاء في تفسير الكتاب الأول أني من تراب خلقت ، و جعلت زوجة آدم الأولى فلم أخضع - و على هذه الشاكلة توجد عديد المقاطع المبثوثة هنا و هناك و الخالية من كل إنشائية تحمل الكلام على الجنس أدبي ، حتى قصيدتها الموسومة بعنوان (عودة ليليت) قد نخرها الأسلوب النثري المترهل، و لعل كثافة استقدام الأساطير و رموزها هو استعانة بها لتجاوز الضعف الشعري الطاغي على أجزاء من القصيدة من جنس قولها :لي عرش بلقيسلي كتاب نرسيس و رؤوس يوحناو تضيف في موطن آخر من نفس القصيدةأنا اللبوءة المغوية أعود لأهتك الأسرى و أملك الأرضأعود لأصحح ضلوع آدم و أحرر الرجال من حواءاتهمو يطلق الناقد و الشاعر التونسي منصف الوهايبي على قصيدة النثر - الكتابة الخالصة - و يقصد بالكتابة الخالصة تلك الكتابة تلك الكتابة القاطعة مع القصيدة المنبرية ، هي قصيدة متوجة لمتقبل / قارئ لا متقبل سامع كما الأمر مع القصيد العمودي و قصيدة التفعيلة ، و قد عملت قصيدة النثر على تنقية الشعر من الشوائب مثل الوزن لتحتفي بالشعر المتسم بالتكثيف و الاختزال و الاحتفاء بالصورة الشعرية كقولها :أنا ليليت قمر الداخلالتيه بوصلتي و مقامي الهجرةليس من ساع يقرع بابيليس من بيت يفضي إلى نافذتيو ليس من نافذة إلا وهم نافذةكتاب (عودة ليليت ) كان في جزء مهم منه كلاما غسيلا لم يرتق إلى درجة الخطاب اليومي حتى ، كما لا يمت لفن الشعر بصلة علاوة على وجود عديد التراكيب الثقيلة و المترهلة من جنس قولها : أمشي إليها على خطى شجرة كي إذا أضاعت نجمتها أكون أنا راعيها، كي ألبي وديانها إلى غواية النزول ، و أكون سفر خطيئتها - و قولها كذلك : أجل سوف في أحد الأيام أستيقظ و أنسى أني هو ، سوف تعود الذاكرة إلى رشدي وأنسى أنهم اخترعوني - علاوة على عدم دراية في عديد المواضع بطبيعة الأفعال المتعدية كقولها « أتوقها » و لكن هذا لا ينفي وجود صور شعرية طريفة و رائعة.