نتيجة قلة فهمهم للذات
د. إيمان حسين شريفطفل يبلغ ثلاثة عشر عاما، انفصل والداه وهو ابن سنتين، وبعد الطلاق بفترة تزوجت الأم من رجل آخر وتركته في بيت جديه وعمره آنذاك عشر سنوات. بعد مرور سنة على زواج الأم، ظهرت على الطفل اضطرابات جلدية (اكزيما)، ولم يتماثل للشفاء رغم خضوعه للعلاج بالأدوية لفترة تجاوزت ستة أشهر، وقد لاحظ المشرفون أن فشل العلاج يعود إلى تلذذ الطفل بحك المناطق المصابة، لكنه تحسن بالعلاج النفسي. وكان الطفل يتميز بشراهة مرضية عند تناول الأغذية (بوليميا)، وقد علق الطفل على هذا الاضطراب بقوله: إن كثرة الأكل تملأ بطني وتشعرني بالسعادة.الطلاق تجربة قاسية ومريرة للوالدين، لأنه يعني إنهاء العلاقة الزوجية. ومما يؤسف له أن آثار الطلاق على الأطفال عادة لا تؤخذ في الحسبان، وكثيرا ما نعتقد أن الأطفال سيقبلون بالأمر الواقع من دون التفكير في مشاعرهم أو ما يترتب على نفسياتهم.في الواقع أن اثر انفصال والديهم صعب وقاس جدا عليهم مهما بلغ عمر الطفل، خصوصا إذا كان هنالك كثير من الشد والجذب خلال الفترة التي تسبق الطلاق في العلاقة بين الوالدين. وخلافا للبالغين، فالطلاق يؤثر في الأطفال بكل مرحلة من مراحل حياتهم بدءا من فترة الرضاعة، وحقيقة أن يصبح احد الوالدين في عداد المفقودين، لا تنسى بسهولة. ارتفعت معدلات الطلاق بصورة مفزعة في جميع إنحاء العالم، وأصبح هو القاعدة خاصة خلال السنوات الأولى من الزواج. ووفقا للمركز الوطني الأميركي للإحصاءات الصحية، فان الطلاق يؤثر في حوالي 1.5 مليون طفل أميركي كل عام. أما في بريطانيا، فتشير الكلية الملكية للأطباء النفسيين إلى أن ما يقارب نصف الأطفال ببريطانيا يعانون من تبعات طلاق آبائهم. وفي عام 2001 كان هنالك حوالي 147 إلف طفل إباؤهم مطلقون وربع هذا العدد هم تحت الخامسة من العمر. أما بالنسبة إلى العالم العربي فمعدلات الطلاق ارتفعت إلى أرقام قياسية، ففي المملكة العربية السعودية تحدث يوميا حوالي 22 حالة طلاق في المتوسط، مع نسبة تتراوح بين 20 - 30 %، بينما في دولة الإمارات العربية المتحدة يرتفع المعدل إلى 46 %. ووفقا للإحصاءات في مصر فهنالك ما يقرب من 290 ألف حاله طلاق سنويا إي أكثر من 700 حالة يوميا. [c1]كيف يؤثر الطلاق في أطفالك؟[/c] عندما يتخذ الآباء قرار الطلاق، فهنالك حتما سبب قوي جدا من وجهة نظرهم، فالطلاق ابغض الحلال. ولكن الطلاق له تبعات ضخمة على الأسرة سواء من الناحية الأسرية أو الاقتصادية، وكثيرا ما يكون الأطفال أكثر المتضررين. فالطلاق سيؤدي إلى تغيير حياتهم، مع تغيير في الروتين والعادات التي اعتادوا عليها كما يتنقل الأطفال بين منزلين فلا يشعرون بالاستقرار. كل هذه التغييرات تجعل من الصعب على الأطفال التكيف وقبول الوضع الجديد. ووفقا للكلية الملكية للأطباء النفسيين في بريطانيا، قد يتأثر الأطفال بالآتي: - الإحساس بالفقد، الانفصال عن الوالدين لا يعني فقدان المنزل بل فقدان الحياة بأكملها.- شعور بالغربة، وعدم الانسجام مع الأسرة الجديدة إذا تزوج احد الوالدين. - الشعور بالخوف من أن يترك وحيدا، إذا ذهب احد الوالدين فربما يذهب الآخر أيضا. - الشعور بالغضب من احد الأبوين أو كليهما بسبب الانفصال. - الإحساس بالذنب والمسؤولية في انفصال والديه - الشعور بعدم الأمان والغضب والرفض - الشعور بالتشتت بين الأب والأم. [c1]رد فعل الطفل[/c] كيف يكون رد فعل الطفل؟ حتما سيتأثر الطفل بالطلاق ولكن رد فعله وقوته، تعتمدان على عمره ومدى استيعابه والظروف التي صاحبت الانفصال. > في عمر 2 - 5 سنوات: عادة ما يظهر الطفل علامات سلوك تراجعية، أو العودة إلى مرحلة نمو سابقة، مثل تبليل الفراش أثناء الليل، أو المعاناة من الكوابيس وقلق النوم. فقد يشعر الطفل بالتشتت، أو يكون سريع الانفعال. > وفي عمر 6 - 9 سنوات: يكون الطفل أكثر عرضة، لأنه لا يزال غير ناضج لفهم ما يجري، ولكنه في الوقت نفسه قادر على أن يدرك أن شيئا سيئا يحدث. انه ما زال يعتمد على والديه وقد لا يجد من السهل التعبير عن مشاعره. لذلك من المحتمل أن يعبر الطفل عن أحاسيسه بالغضب، أو بالتأثير في أداء دروسه وواجباته المدرسية أو عدم التركيز. > وفي عمر 9 - 13 سنة: قد يكون للطفل أصدقاؤه أو قد يكون أكثر استقلالا عن والديه. إلا انه ما زال بحاجة إلى التعبير عن مشاعره، وإلا فانه قد يعاني من الاكتئاب وضعف الأداء في دراسته. كما أنها فترة حرجة بالنسبة له لأنه مقبل على فترة المراهقة مما تجعله أكثر عرضة للأذى. أما رد فعل المراهقين فيكون قويا عادة من خلال السعي إلى التصرف بطريقة خاطئة لجذب الاهتمام أو الإعراب عن غضبهم عن طريق تصرفات وسلوكيات غير مرغوب فيها.[c1]مساعدة الآباء لأطفالهم[/c]ما الذي يمكن أن يفعله الآباء لمساعدة طفلهم؟ لا توجد طريقة بالا يتأثر طفلك بالطلاق، فأثره على طفلك سيبقي دائما، ولذلك من الأفضل وضع المشاكل والمناقشات الحادة جانبا، خصوصا عند التعامل مع الطفل؟ الوالد الآخر ما زال أبا أو أم الطفل، فلا تنس ذلك. دور والد للطفل طمأنته وإعطاؤه الشعور بالأمان. تحدث إليه بقلب مفتوح، واستمع إلى ما سيقوله. مهما كانت مشاكل الزواج تذكر إن الله قد حباكم طفلا جميلا، فلا تكن سببا في تعاسة هذا الطفل.ووفقا للدكتور دب هنتلي، أستاذ علم النفس في جامعة اركوزي الأميركية، في مينيسوتا فان الأبحاث تشير إلى أن الأطفال الذين يمرون بتجربة طلاق والديهم أكثر عرضة للمشاكل السلوكية، وأكثر عرضة للأمراض النفسية، وصعوبة في التحصيل الأكاديمي، وكثير من الصعوبات الاجتماعية، واقل فهما للذات من الأطفال من اسر مترابطة 5[c1] أخطاء يرتكبها الوالدان خلال الطلاق[/c]ـــ التشاجر أو إظهار الغضب أمام أطفالهماـــ نسيان مشاعر واحتياجات الأطفال أثناء وبعد الطلاقـــ إشراك الأطفال في الخلافات آو أسباب الطلاقـــ التحدث بصورة سلبية عن الطرف الآخر إمام الأطفالــــ وضع الأطفال في موقف يجبرهم على الانحياز لأحد الطرفين [c1]10 اقتراحات ربما تساعد طفلك عند حدوث الطلاق[/c]1 ـ تحدث مع طفلك بكل صراحة. طفلك ليس فقط بحاجة لمعرفة ما يجري، ولكنه يحتاج إلى أن يشعر بأنه قادر على طرح الأسئلة. 2 ـ أكد له بأنه سيظل محبوبا من كلا الوالدين.3 ـ اقتطع جزءا من وقتك، لتقضيه مع طفلك. 4 ـ اهتم بوجهة نظر طفلك، ولكن وضح له أن الآباء والأمهات هم الذين يتخذون القرارات. 5 ـ ابق على الأنشطة والأعمال الروتينية المعتادة، مثل رؤية الأصدقاء واللقاءات الأسرية. 6 ـ حاول التقليل من التغييرات ما أمكن. سيساعد ذلك طفلك على أن يشعر، رغم الصعوبات، أن والديه لا يزالان يحبانه وان الحياة يمكن أن تكون طبيعية. 7 ـ على الوالدين أن يعملا معا لتسهيل الأمور على الطفل. 8 ـ ابقِ أطفالك بعيدا عن الصراعات. 9 ـ حاول شرح التطورات لطفلك بصورة مبسطة أولا بأول، وهيئه قبل وقوع الطلاق. 10 ـ راقب طفلك جيدا، ولاحظ أي تغييرات في سلوكه، فهي علامات القلق، اطلب المساعدة إذا لزم الأمر.