الجمعيات النسائية
بسبب الاستعمار البريطاني للشطر الجنوبي من اليمن واحتلال عدن وانقسام بقية أجزائه إلى محميات فقد انسلخ الشطر الجنوبي عن اليمن الأم ورزح تحت الاحتلال من عام 1839 م حتى 1967م بينما شمال اليمن حكمته الإمامة التي أحكمت إغلاق منافذ العلوم والمعرفة بل وأغلقت كل أبواب الانفتاح على العالم، إلا إن ثورة 26 سبتمبر استطاعت أن تكسر قيود التخلف وتفتح كل النوافذ للإطلالة على العالم واكتساب معارفه وعلومه . كان للحركة النسائية اليمنية دورها البارز والملموس في إطار الحركة السياسية والوطنية التي خاضها الشعب اليمني ضد الاستعمار والإمامة وكانت لها أدوار مشهودة في الدفاع عن أهداف ومبادئ الثورة اليمنية ( 26 سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدتين ) . كانت البدايات الأولى في المحافظات الجنوبية وتحديدا في المستعمرة (عدن ) حيث تأسس - النادي النسائي البريطاني - في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي والذي كان الهدف من تأسيسه تجميع النخب من نساء الأسر البريطانية ( وزوجات الضباط والقادة السياسيين ) إلى جانب نساء الأسر اللواتي يمثلن الطبقة الارستقراطية بمفهوم ذلك الزمان ونساء الأسر الوافدة من الهند ، اليونان ، ولبنان ... الخ .وانصب عمل النادي على الأنشطة الاجتماعية حيث اقتصرت على التجمعات واللقاءات والمحاضرات لشرح أساليب الحياة التي تعيشها المرأة في بريطانيا .وخلال فترة وجيزة من عمر تأسيس النادي شعرت العديد من النساء في عدن بأن أهداف النادي لا تخدم قضية المرأة في عدن، فسعت بدورها إلى تشكيل ( جمعية المرأة العدنية ) التي أسستها الفقيدة / رقية محمد ناصر (أم صلاح ) ، وبمعية العديد من النساء اللواتي قدن نشاط وعمل الجمعية وفق معطيات الواقع آنذاك .تمكنت الجمعية من كسر طوق العزلة ، ووضع معالم نشاطها محدثة نقلة نوعية تميز فيها النشاط بين محو امية المرأة وفتح صفوف التقوية للطالبات وكذا التدابير المنزلية والتطريز والاشغال اليدوية والتحقت في صفوف الجمعية العديد من الشابات اللواتي أخذت آمالهن وطموحاتهن تتشكل في ظل معطيات المد الثوري العربي مع قيام وانتصار ثورة 23 يوليو 1952م .. ومع تبلور الحس الوطني خرجت النساء مشاركات بالمسيرات العمالية التي شهدتها مدينة عدن 1956م مع تأميم قناةالسويس .اسست المناضلة رضية أحسان الله (جمعية المرأة العربية )في عدن عام 1956م مع رائدات أخريات وكان للجمعية أدوار مشهودة في النظال الذي خاضه الشعب في المحافظات الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني ، كما اهتمت بشئون المرأة والطفل وكان لها دور كبير في حث المجتمع على تعليم البنات بإلحاقهن في المدارس ودفع النساء الى الدفاع عن حقوقهن التعليمية والعملية وتوعية المرأة والمجتمع بأهمية التحرر والمطالبة بالأستقلال عن الاستعمار البريطاني وكان لها دور كبير في أشعال ثورة الشياذر وفيها خرجت المرأة في عدن للمطالبة بنزع الشياذر واحراقها كرمز لخروج المرأة للتعليم والعمل ونادت بالتعليم للمجتمع .وكانت الجمعية تقدم مختلف الانشطة كالمحاضرات السياسية، والحفلات الفنية، والمسرحية والموسيقية ,والمسابقات الرياضية ، والرحلات الترفيهيه وغير ذلك من الانشطة المتعددة .اقامت الجمعية اولى العلاقات الثنائية في العمل النسائي المشترك مع اتحاد نساء مصر العربية (1958م)وحضر البعض منهن فعاليات نسائية عربية دعا اليها الاتحاد النسائي العربي الذي كان مقره القاهرة ورئيسته آنذاك السيدة هدى شعراوي كما كان للجمعية دور كبير في دعم ثورة 26سبتمبر 1962م ضد الامامة وفي مساعدة النساء في رص صفوفهن دفاعا عن الثورة والجمهورية وبدأ تشكيل النشاط السياسي للنساء من بين صفوف هذه الجمعية حيث تأسس التنظيم النسائي التابع للجبهة القومية في عام1965م وهو تنظيم مسلح لمقاومة الاستعمار البريطاني شارك النضال مع التنظيم الطلابي والعمالي . كانت المرأة بقيادة القطاع النسائي التابع للجبهة القومية وجبهات التحرير والتنظيم الشعبي الناصري تساهم في المسيرات ، وإيواء الفدائيين ، ونقل المؤن العسكرية والفدائية وتوزع المنشورات ،كما تم تجنيد النساء لمساعدة الثوار في الحرب ضد الاستعمار وكان للمرأة دور كبير في حمل الأسلحة وتوزيع المنشورات والبعض منهن دربن على حمل واستخدام الأسلحة والمتفجرات واعمال فدائية متعددة مثلها مثل زميلها الرجل حتى نيل الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م .في 16فبراير 1968م تم تشكيل لجان شعبية نسوية على مستوى الاحياء ولجنة تحضيرية عليا لاتحاد نساء اليمن برئاسة المرحومة /عائدة علي سعيد، وفي عام 1974م عقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام لنساء اليمن في عدن بقرار جمهوري تدعيماً لنضالات المرأة ودورها النضالي في الكفاح المسلح .كانت اول رئيسة للاتحاد بعد تشكيله عائشة محسن وقد ضم الاتحاد العام لنساء اليمن نساء المحافظات الجنوبية وفق أسس واهداف حددها الاتحاد في النظام الأساسي واللائحة الداخلية كما أسهم في الدفع بالمرأة لتحتل مكانتها في الحياة الاجتماعية والسياسية .