نعيش في زمن غريب .. لعب على المفارقات، متاجرة بالشعارات، عزف على وتر التناقضات، تخليق للأزمات وتصنيع للاعتصامات وتوسيع الفجوات وتكريس للعصبيات .زمن أكثر غرابة: التباس في المعطيات وغموض في التباينات وأشكال في التداخلات وتعقيد في التقاربات ورهبة من التحركات وخوف أكثر من المؤتمرات ونتانة الإفرازات من معظم الندوات.في غير مرة حصل تداخل في منظومة الوعي .. بين الثورة واللصوصية بين الثائر والخارج عن القانون، تشابهت النظرة إلى الوطني والانتهازي بوضعهما في سلة واحدة ومن هو حامي تراب الوطن ومن هو بائعه برخص التراب!شيء ما أو أشياء تبلبل الأفكار وتثير الهواجس وتحطم السائد المألوف أو تخلخل وتدمر ما كان في عداد المسلمات والبديهيات لتدخلك في متاهات ..كثيرة السراديب.. يصعب الخروج منها.. مثل مغارة علي بابا وكل طرف معه ألسنة طويلة بامتداد عصا الزانة للقافز على الحبل تحرس الخصوم حيناً وتتماهى مع الطروحات المعارضة حيناً آخر.. جدل مستمر، صراع متواصل.. تجذير للاختلافات واستنبات للفرقة، وعشق محموم للخلاف الحاد القاهر والدم المسفوك الفائر و الصدام الشبابي الثائر والشذوذ الفكري المارق .أكثر ما يؤلم في قيعان النفس- بعد إهدار الدم البريء - التهديم العدائي الممنهج لمنجزات ومكونات اقتصادية واجتماعية شيدت منذ ثلاثين أو أربعين عاماً كلفت عصارة ثمار العقول وضياع ملايين الدولارات وقطرات العرق وزخات الدم والتضحيات المخلصة الشريفة. أي فهم دموي ورغبات شاذة وكراهية عفنة صارت تتملكنا؟! نحطم كل ما يعود علينا بالنفع، نجرح نفوسنا وندمي جسومنا كمن يسمم بئراً يشرب منها هو وأهله، أو يقطع أسلاكاً تنير منزله وأهليه.. لحظات من الحمق النزق والجنون الصادم والانتقام السريع الفتك.. فترات مرت، وتمر بنا وكأن عقولنا قد انتزعت منا وغدونا مخلوقات مصنعة متوحشة مبرمجة على أشياء محددة كما نشاهد، بالضبط، في أفلام السينما أشخاصاً آليين.. مظهرهم آدمي طبيعي وداخلهم وايرات وأسلاك وأجهزة تحكم بها من غرف مراقبة .. نفذ يعني نفذ ولو تسلق قمة جبل أفراست أو يصل إليه.. يا ألله ما أشبه بعضنا أو أكثرنا بتلك المخلوقات الآلية السينمائية في معظم مسالكنا!اضطربت المقاييس وانتحرت القيم على مذابح الشعارات الهدامة التي علبها الغرب في طرود بريدية وأرسلها لتقتل حولها وبسببها كسباً لرضاه ودفاعاً عنها وحرصاً على إعلاء أجندتها باستماتة شديدة.كم أصبحنا نخاف المقولات الزاهية الجلية والشعارات الثورية البراقة أكثر من رهبتنا من زئير السباع وفحيح الأفاعي وعواء الذائب، فرب شعار مسموم حصد مئات من الأرواح وبقية تنتظر دورها وما بدلوا تبديلا.المشاهد المظاهراتية والاعتصامية الدموية والتدميرية التي شهدتها وتشهدها بلدان ما تسمى بالربيع العربي، يذكرني ما حصل لها بما حدث لمالك الطوائف في لأندلس (أسبانيا وجزء من البرتغال) حيث كان ملك أو أمير أئمة مملكة أو إمارة يستعين بجاره الاسباني المسيحي في صراعه مع خصمه المفترض الذي هو أخوه العربي في الدين واللغة والتاريخ والتقاليد.. حتى توجت الفرقة والحروب العدائية والتحالفات مع الحاقدين على العرب بنهاية أليمة حيث سقطت غرناطة آخر معاقل العرب في الأندلس ونكل بالعرب والمسلمين أسوأ وأبشع تنكيل وتزامن سقوط غرناطة واجتثاث عروق العرب من الأندلس مع اكتشاف كريستوفر كولمبس أمريكا.. العالم الجديد.. كما تحاول الآن مع مشروع الشرق الأوسط الحديد .. فهل كان التوقيت مصادفة أم وليد تراكمات تاريخية عدائية ؟! لا ندري فالقادم .. الزمن فالقادم كفيل بجلاء ما غمض وإيضاح ما التبس فهمه .لنترك المغالاة في الاعتداد بالذات والاعتزاز بعظمة التاريخ القديم .. الغرب يعرفنا معرفة كاملة.. بما أكثر مما نعرف عن أنفسنا ولذا أوجد -ونحن ساعدناه -النفسية العربية الانهزامية الانكسارية التآمرية الانحطاطية الانبطاحية في التوقيت المناسب وشواهد التاريخ شاهدة.[c1]لقطات[/c]- في عهد نبيل العربي .. ضاعت العروبة. محلل سوري - الغربيون برعوا في الاختراعات، ونحن العرب أبدعنا في الشعارات، صدق من قال: العرب ظاهرة صوتية. - ما تسمى بدول الربيع العبري أقصد العربي.. ما تزال قابعة في قوقعة الشر والمشاكل الحادة والتدهور الاقتصادي والإملاءات الخارجية والمديونية العالية .- بعد أن تحدثوا عن السحر الحلال نسمعهم الآن يتكلمون وينظرون للسياحة الحلال.. مصر نموذجاً.- أصبحنا في كثير من الأحايين نغالط أنفسنا ونكذب على أولادنا وقد نمارس شيئاً من التقية وهو الأسلوب المتبع والمقدس عند الشيعة لاختلاط الأوراق وسرعة تغيير خارطة الأحداث.- الشر هذه الأيام، محبوب ومطلوب تنجذب الناس إليه كما تنجذب ذرات الحديد إلى المغناطيس.- تعرفون لماذا ابتلى الله اليمن بفترتين انتقاميتين بعد الوحدة؟ لأن الأكثرية .. جحدوا النعمة وانغمسوا في الفتنة حتى أخمص القدم.. رأي لساخط يمني.- الصراع في مصر بين التيار الأصولي وتيار العلمنة الأكبر ازداد ويزداد ضراوة هذه الأيام”التوقيع د. بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة- يثير الهزء الهروب من أزمات الواقع المر، والفشل الذريع.. بافتعال طقوس فرائحية احتفالية ساذجة.- وسائل الإعلام المغرضة تهليل وتطبيل وتضليل وتسهيل وتمويل وتحويل وتنكيل ومن ثم تدويل.[c1]( آخر الكلام)حبيتك قلبي قبل حبك من نأى وقد كان غداراً فكن لي وافيا - المتنبي -
|
آراء
غرناطة والشرق الأوسط الجديد
أخبار متعلقة