العاصفة الربيعية العربية .. سددت لكمات قوية .. أخطر من يساريات محمد علي كلاي لمكونات اقتصادية واجتماعية حساسة جعلت الجسد العربي مثخناً بالجراح، وصائحاً بالنواح على زمن ولى وراح .. مع أول إطلالة صباح، وأهم تلك المكونات او المجالات .. السياحة التي هي الصناعة السهلة الذكية الترويجية والترويحية والحضارية، والمدخلة اموالاً هائلة الى خزانه الدولة بالعملة الصعبة مما ساعد على على حلول ومعالجات للعديد من الأزمات الاقتصادية الصعبة. هجم الاعصار الربيعي، وقدم اشياء كثيرة .. انضربت السياحة فتوقفت الحركة في الفنادق والشاليهات والجزر والقرى، وكل الخدمات المرتبطة، والسائرة في فلكها بما كان يشكل صناعة سياحية منتجة يرتفع مدخولها السنوي بتفاوتٍ بين هذا البلد العربي او ذاك بحسب مميزاته السياحية المرغوبة، وذكاء تسويقها اقليمياً وعالمياً. وعلى إثر هذا الاكتساح الربيعي قذف بآلاف وملايين كانوا يعيلون اسراً كثيرة، ويعتاشون من هذا القطاع .. قذف بهم الى ارصفة البطالة، وشوارع الحسرة والأوجاع، ودوائر الاستدانة والمذلة.وبعد استثمار اصوات الكثيرين منهم .. في المسيرات الغاضبة كهتيفة وصفيقة، وكانوا مثل نظرائهم كالنسور الجوارح في زحف التغيير وتحولوا بسرعة الى قطط اليفة ناقمة على التثوير الهائج بعد ان أغتيلت مصادر رزقهم، وعوضوا بشعارات براقة زاهية وجدل فكري صاخب، والبطون خاوية.مشاكل السياحة وتراجعها .. أصبحت عناوينها تتصدر مانيشتات معظم الصحف والمجلات في البلدان المعتمدة اكثر على المنتج السياحي .. نحن الآن أمام تراشق كلامي مثير، واتهامات انفعالية حادة تشكل فيما سمي بالسياحة الحلال التي يسعى الإسلاميون الى تطبيقه صرنا في مواجهة تحظر سياحي جديد .. قد يحمل شكلاً توفيقياً او توافقياً بين مفردات السياحة المألوفة السابقة ومحددات السياحة المتاصلة الجديدة حتى لا تفقد الخزانة مورداً مهماً قوياً ورافداً اقتصادياً فاعلاً في صيرورة المشهد السياسي على بساط التغيير وقيمه الجديدة، وكذلك حتى لا تتضرر شرائح مجتمعية كثيرة لإغلاق او قلة تدفق الأفواج.هم يقولون: إنهم يحاولون ويسعون لتأسيس كيان سياحي اسلامي حديث يتناسب ومعطيات عصر العولمة الذي خرجت من شرنقته الأعاصير الربيعية الكاسحة لكن هل سينجح هذا النموذج ام لا ؟! لا ندري! ذاك ماستجيب عنه الفترة القادمة.القارئ والمتابع العادي يدرك ان ماتسمى بدول الربيع العربي (تونس، مصر، سوريا) باستثناء ليبيا كون نفطها يغنيها عن السياحة .. يدرك ان حالتها لن تتعافى بسهولة او تستعيد زهوها خلال فترة قصيرة او متوسطة، يقل دخل الفرد، وينخفض مستوى النقد الاجنبي الرافد المشغل (بكسر الغين المشددة) ملايين الناس خارج الوظائف الرسمية .. حقائق صادمة للإسلاميين الذين اصبحوا حكاماً .. سرعان ماتتحول كوابيس مزعجة لهم، ونقاط ضعف يستغلها خصومهم الليبراليون، ويصلونهم انتقادات لاذعة، واتهامات قادحة، ووصمهم بالفشل الذريع باعتبارهم متسببين لا سمح الله في تدمير قطاع مفصلي حيوي يبيض ذهباً وإلماساً وفضة .الجوع لا يرحم والإنحدار المريع الى ما دون خط الفقر لشرائح كانت فوقه بخطوات وهبوط الى الحضيض لقطاعات اخرى كثيرة .. لا تقتنع ولا تقبل أية شعارات قداسية او ليبرالية او وطنية كوصفات تبرير جاهزة، والتدني للدخل، وتدهور الاقتصاد وإغلاق منتجعات وشاليهات سياحية ومرافق خدمية مرتبطة بها .. قد تشكل ارهاصات لانفجارات بركانية غاضبة في مقبل الايام وقادم الشهور ومستقبل السنين .. يسهم في انفتاح الأبواب على مصراعيها لمختلف الاحتمالات والاحتجاجات بما فيها المسلحة خاصة ان السلاح قد دخل بيوتاً لم يدخلها من قبل، وامتلأت مدن وبلدان ـ عدا اليمن ـ بالعديد من قطع الأسلحة التي لم يكن لها بها عهد.خمس قطع للشخص الواحد، وقبلاً لم يكن متوافراً الا في مخازن المعسكرات والأجهزة الأمنية للدولة.كما أن عودة الاشتباكات المسلحة، والمظاهرات المليونية في بعض بلدان الربيع العربي (تونس، ليبيا، مصر) مؤشر مزعج منبئ عن مستقبل قاتم .. استناداً الى حاضر قائم على الصراع المتفاقم وسط جو غائم على كل الإحتمالات وأكثرها المؤلمة والاشد إيلاماً.السياحة الحلال .. مصطلح جديد شاع مؤخراً مع صعود نجم الاسلاميين في مصر، ورأى كثير من معارضيهم ان هذا معناه ان السياحة الأخرى حرام.السائح الخليجي .. مطلوب ومرغوب ومحبوب، ويخطب وده الكل.هل دار في ذهنك هذا التساؤل: لماذا كانت بعض الحركات الاسلامية الجهادية تقتل السياح، او تخطفهم، او تفجر فنادق إقامتهم ؟! ازعم انك عرفت.زرت سوريا مرتين: الأولى (علاجية) في 1993م، والثانية (بحثية) في 2005م، وادهشني التدفق الهائل، وجودة المنتج السياحي في اللاذقية. قلت مجاملاً لاحد مسؤولي فندق الشاطئ الأزرق: بلدكم اجمل بلد عربي سياحي فرد مبتسماً: ولكن بلغة الأرقام تونس أفضل.. السياحة الإسلامية هل سيستقبلها الزوار العرب، والسياح الأجانب؟ ننتظر!. هناك أنواع للسياحة: السياحة العلاجية، البيئة الصحراوية، الإستجمامية، العلمية، سياحة الغوص، السياحة الدينية، الرياضية، الآثارية، الترويجية ، وأخيراً السياحة الإسلامية، وكل سائح .. يتجه الى حيث ميوله ورغباته.. ذكر عبدالباري عطوان في آخر مقال له بالقدس العربي ان حكومات دول الربيع العربي ستغض النظر عن متطلبات السياحة لما سيكلفها عدم الغض من أعباء كبيرة، وهذا - والكلام لنا - يعني سقوط مصطلح السياحة الحلال إذا صح إفتراض عطوان.[c1](آخر الكلام)[/c] هلم ياصاح الى روضة يجلو بها العاني صدا همه نسيمها يعثر في ذيله وزهرها يضحك في كمه بدر الدين يوسف الذهبي[c1] العاني: المتعب الحزين[/c]
|
آراء
ربيع السياحة .. في غرفة الإنعاش
أخبار متعلقة