الإدراك الواعي لمعاني ودلالات الرضا والقبول لا يأتي من المزاجية وحب الذات والاعتماد على الوهم والخيالات اليوتوبية، وإنما من خلال الانطلاق من الشعب وإلى الشعب إيمانا بحق الشعب في امتلاك السلطة وممارستها على أرض الواقع، ولذلك لايجوز فرض الهيمنة الفئوية أو السلالية أو المناطقية أو الحزبية على الشعب بقوة العصبية الجاهلية التي لم تخلف إلا الأحقاد والضغائن التي زعزعت الأمن والاستقرار، واليمن عبر التاريخ السياسي الطويل لم يحقق التنمية الشاملة والنمو الحضاري إلا في ظل الأمن والاستقرار الذي يعزز الرضا والقبول الشعبي العام الذي ينطلق من ثوابت الوطن. ولئن كانت اليمن قد استطاعت تحقيق الأمن والاستقرار وإنجاز الكثير من الطموحات التنموية فإن ذلك لم يأت إلا بعد أن استعاد الشعب حقه في امتلاك السلطة وممارستها على أرض الواقع، من خلال الانتخابات وما تلا ذلك من عودة حق الشعب في امتلاك السلطة من الانتخابات النيابية إلى الانتخابات المباشرة في 1999م وفي 2006م و2012م، وقد يقول البعض الذين لايدركون المعنى العملي لمفهوم الرضا والقبول: إن الفترة من 17 يوليو 1978م وحتى انتخابات 2012، لم تكن مستقرة استقرارا كاملا، وهذا صحيح ولكني أعد ذلك الصراع الذي كان يظهر بين الحين والآخر، هو بين القوى التي تريد أن تعيد اليمن إلى ما قبل 1962م، و1963م التي تحلم بالحق الإلهي والحق السلاطيني والحق المشيخي والحق السلالي من جهة ومن جهة أخرى الإرادة الشعبية الرافضة لهذه الادعاءات التي ما أنزل الله بها من سلطان، لأن الإرادة الشعبية تستمد قوتها من الإرادة الإلهية، فلم تستطع تلك الادعاءات التي تحالفت في الأزمة السياسية، رغم تناقضاتها، إسقاط الإرادة الشعبية، والهدف الوحيد الذي جمع تلك القوى المتناحرة هو إزاحة الإرادة الشعبية من طريق تلك القوى ليسيطر كل فصيل منهم على جزء من الوطن وجميعهم لا تهمه الوحدة اليمنية بقدر ما يهمه هواه دون سواه. بناء على ما تقدم ينبغي الإدراك الواعي لمفهوم الرضا والقبول بأنه ليس محصورا في فئة اجتماعية محددة أو عصبية جاهلية عمياء، وإنما في الرضا والقبول الشعبي العام الذي يمثل كل مكونات الشعب، ولذلك فإن تكوين أي حزب أو تنظيم سياسي لايمكن أن يسمح بإشهاره إذا كان فئويا أو طائفيا أو مناطقيا، بل لابد أن يمثل الشعب كله، لأن من أهداف الأحزاب الوصول إلى السلطة وهو حق مشروع إذا سلك الحزب الطريق المشروع، وهذا يعني أن الإرادة الشعبية هي صاحبة الحق المطلق في اختيار الأفضل بإذن الله.
|
آراء
اختيار الأفضل
أخبار متعلقة