أعادت تشكيل الفلسفة الكروية بعد التتويج باللقب
دبي/ متابعات :حقق المنتخب الإسباني فوزاً كبيراً على نظيره الإيطالي في نهائي يورو 2012 برباعية نظيفة ليتوج باللقب للمرة الثانية على التوالي للمرة الأولى في تاريخ البطولة. وجاءت أصداء الفوز الإسباني حول العالم ومن كل الصحف الرياضية وعمالقة اللعبة لتشيد بالإنجاز التاريخي، والأداء المبهر لديل بوسكي وأبنائه في البطولة، بعد الانتقادات في البداية للعب بلا مهاجم صريح. وشكل فوز “لاوريا روخا” في البطولة علامة فارقة في تاريخ كرة القدم، جعلت الصحف البرازيلية تعتبر إسبانيا مهد كرة القدم، بعد أن كانت البرازيل التي فازت بكأس العالم خمس مرات تعتبر نفسها مهد الساحرة المستديرة. ونستخلص من الفوز الإسباني عدداً من الدروس الخاصة بكرة القدم نذكر منها 7 هنا: 1 - الفلسفة الكروية هي الأساس “تيكي تاكا” و “مرر وتحرك” و “الكرة الشاملة” ثلاث فلسفات كروية وهي الأشهر في عالم الساحرة المستديرة، يستخدمها المدربون مع لاعبيهم وفقاً لقدراتهم وإمكانياتهم وطبيعة المنافس. وصلت إسبانيا بالـ “تيكي تاكا” إلى الوضع المثالي، ما أوصلها إلى منصات التتويج الكبرى في المناسبات الثلاث الماضية، وهو نفس الأسلوب الذي استعمله غوارديولا مع برشلونة ليعتلي صدارة كرة القدم للأندية ثلاث سنوات متتالية. وهنا تكمن قوة الفلسفة في كرة القدم، التي تعول على الأسلوب، وليس على اللاعبين، فمنتخب إسبانيا استطاع أن يصهر اللاعبين من مختلف الأندية والأساليب في إطار واحد استطاع من خلاله تحقيق ما يريد. 2 - بطولة قوية وفرق الشباب أفضل سبل النجاح يعتبر الدوري الإسباني من أقوى البطولات في العالم إن لم يكن الأقوى، وبات ريال مدريد وبرشلونة الأكثر تميزاً وهما يشكلا معاً المنتخب الإسباني تقريباً وهذا انعكس بشكل واضح على أداء منتخب بلادهم. كما تتميز إسبانيا بوجود مدارس كروية للشباب على مستوى عال جداً تنتج نجوماً بإمكانهم المنافسة في أكبر البطولات، وخير دليل على تلك المدارس “لاماسيا” التابعة لنادي برشلونة والتي أنتجت بيكيه وفابريغاس وبوسكيتس وتشافي وإنييستا، ما سهل مهمة ديل بوسكي في اختيار تشكيلته البطلة. فإذا كان لديك بطولة قوية، ومدارس شباب مميزة، فإن ذلك يعني لاعبين أقوياء ومنتخباً مميزاً يمكنه المنافسة في أعتى البطولات، إنكلترا تملك بطولة قوية لكن ينقصها شباب مميز وهذا انعكس على أدائها في هذه البطولة وغيرها من البطولات. 3 - طريقة لعب الأندية لا تحقق الألقاب مع المنتخبات أظهرت بطولة يورو 2012 أن تقليد الأندية التي نجحت في بطولاتها المحلية أو القارية قد لا يكون كافياً لتحقيق الألقاب في المحافل الدولية. فطريقة الدفاع التي اتبعها روي هودجسون مع منتخب إنكلترا في محاكاة لطريقة تشيلسي، والهجمات المرتدة المبدعة التي طبقعا باولو بينتو مع البرتغال، والثقة التي غرسها لوف في لاعبي ألمانيا، لم تكن كافية على الإطلاق لبلوغ الهدف، لكن مزج ديل بوسكي بين طريقتي ريال مدريد وبرشلونة في الأداء أوصلته إلى حيث يريد. 4 - فريق النجم الواحد لا يحقق النجاح أثبتت المنتخبات ذات النجم الواحد عدم قدرتها على بلوغ منصات التتويج، والمنتخب البرتغالي خير دليل على ذلك، فمراقبة رونالدو تعني تعطيل المنتخب كله، لأنه محور الفريق. أما المنتخب الإسباني، فلا يتمحور حول لاعب، والفريق كله يشارك بنفس الفاعلية لتحقيق الانتصار، وليس هناك لاعب لا يمكن استبداله، وهذا جعل من أدائهم مميزاً جداً، ووجدوا الحلول في أكثر من مكان ومن أكثر من لاعب واستطاعوا الفوز باللقب. 5 - اللعب الجميل والفوز يمكن أن يلتقيا أظهر عدد من المدربين وعلى رأسهم البرتغالي جوزيه مورينيو نفعية كبيرة في إدارة اللقاءات، وكان الفوز أهم بكثير من إمتاع الجماهير، وهو ما حققه مع إنتر ميلان، وهو ما حققه دي ماتيو مع تشيلسي وفاز بدوري الأبطال. لكن ديل بوسكي أثبت أنه يمكن تحقيق الألقاب الكبرى مع الحفاظ على أسلوب لعب جميل وممتع، فالمنتخب الإسباني لعب بخطة 4-6 -صفر وهي طريقة غير مألوفة في كرة القدم، لكنها كانت فعالة جداً وأبقت الكأس في الديار الإسبانية. المتعة والألقاب يمكن أن يجتمعا، والأمثلة على ذلك كثيرة، وإسبانيا وبرشلونة وريال مدريد خير الأمثلة على ذلك. 6 - إسبانيا.. مرة واحدة في العمر قال نجم الكرة الإنكليزية السابق غاري لينيكر يوماً: “كرة القدم لعبة بسيطة، 22 لاعباً يلاحقون كرة طوال 90 دقيقة .. وفي النهاية ألمانيا تفوز”، لكن على لينيكر أن يعيد صياغة عبارته الشهيرة ويضع إسبانيا بدلاً من ألمانيا. المنتخب الإسباني قدم أداء مميزاً، لكن المحزن أن هذا النوع من الأداء، يمكن للمرء أن يشاهده ربما مرة أو مرتين في حياته، وعلى الجميع أن يأمل تكرار مثل هذا الجيل الإسباني مرة أخرى في إسبانيا أو غيرها من الدول لنستمتع أكثر في كرة القدم. 7 - حارس المرمى فريق كامل أثبت عدد من حراس المرمى في البطولة أهمية هذا المركز في الملعب، بعد أن ظل دور حامي العرين دهوراً مظلوماً وكأنه شر لا بد منه في الفريق. لكن الإبداع الذي قدمه إيكر كاسياس حارس مرمى إسبانيا أوصل بلاده إلى منصة التتويج، كما وصل بوفون بفريقه إيطاليا إلى المباراة النهائية. وليس أدل على أهمية حارس المرمى، ترشيح مجلة فرانس فوتبول الفرنسية للحارس الإسباني لنيل الكرة الذهبية في نهاية العام تقديراً للمجهود الذي يبذله مع إسبانيا وريال مدريد.