دهاليز
دبي/ متابعات:أصدر مشروع (كلمة) للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة .. كتاباً جديداً بعنوان : (الاستشراق .. صورة الشرق في الآداب والمعارف الغربية”) لضياء الدين ساردار، ونقله للعربية فخري صالح.يسلط الكتاب الضوء على موضوع الاستشراق مجدداً متخذاً وجهة مختلفة عن الكتب السابقة التي حللت الاستشراق، وركزت على الشرق العربي الإسلامي، موسعاً إطار البحث ليشمل جهات عديدة من الشرق هي الهند والصين واليابان. كما يقدم المؤلف في هذا الكتاب الموجز، واسع الاطلاع والمعرفة، تاريخ الاستشراق، ملخصاً الرؤى النظرية حول هذا الفرع الملتبس من المعارف الغربية حول الشرق، معيداً النظر في الاستشراق بوصفه ممارسة معاصرة، ثم متأملاً البعد ما بعد الحداثي للعملية الاستشراقية. ويتحرك الكاتب في دائرة واسعة يرسمها للاستشراق، بادئاً قراءته من فيلم سينمائي يركز عدسته على العلاقة الاستعارية التي تقوم بين الشرق والغرب، ملقياً الضوء على صورة الشرق في الفكر والفلسفة والفن التشكيلي والروايات الشعبية والسينما والدراسات الغربية، منتهياً إلى تلمس عودة الاستشراق بقوة في نهايات القرن العشرين في دراسات المناطق والسينما والروايات الأكثر مبيعاً والألعاب الإلكترونية والموسوعات.يتكون الكتاب من مقدمتين وخمسة فصول: المقدمة الأولى يستعرض فيها المترجم مكونات الكتاب، ويلخص رؤيته لموضوع الاستشراق، ويعيد النظر في بعض الجوانب النظرية التي يقوم عليها كتاب ساردار. أما المقدمة الثانية فهي للمؤلف الذي يضع الممارسة الاستشراقية في بعدها المعاصر قائلاً إنه ليس هناك أي شيء بخصوص الاستشراق يمكن عده محايداً أو موضوعياً. فهو من حيث التعريف مبحث متحيز. فلا أحد يأتي إلى هذا المبحث دون أن يحمل معه خلفيته ومتاعه الخاص الذي يتألف من فرضية تقول إننا في هذا المبحث أو على ضفافه سنعثر على معرفة حقيقية بخصوص الشرق؛ وإن هذه المعرفة يمكن استخدامها لتطوير فهم الثقافات التي تنتج في شرق الغرب. ومن هنا فإن مهمة ساردار تتمثل في تقويض هذه الفرضية والتقليل من شأنها وفي الوقت نفسه تبيان أن الاستشراق، رغم كون صلاحيته قد انتهت، بدأ يحتل أراضي جديدة. فبعد أن تراجع ليصبح مجرد تخصص وخيال أدبي، ها هو يهاجم ليحتل عالم الأفلام والتلفزيون والأقراص المدمجة. ليس موضوع الاستشراق محصوراً، هذه الأيام، في ما تعارفنا عليه بوصفه “الشرق”، بل إنه يشمل أوروبا نفسها، موطن الاستشراق وأصله.الفصل الأول حول “مفهوم الاستشراق” يعمل على وضع العملية الاستشراقية في سياقها المعاصر منطلقاً من فيلم ديفيد كرونينبيرغ مدام بترفلاي M. Butterfly 1993)، المأخوذ عن مسرحية بالعنوان نفسه لديفيد هنري هوانغ، الذي كتب سيناريو الفيلم أيضاً. وتعرض مسرحية مدام بترفلاي، التي “تستلهم قصة حقيقية”، خطاباً كاملاً عن الاستشراق، كما يرى المؤلف. في الفصل الثاني من الكتاب يقدم المؤلف تاريخاً موجزاً للاستشراق مفنداً القول إن ذلك الفرع الملتبس من فروع البحث هو نتاج جسم من الاستقصاء والتعلم المستمر لتحقيق معرفة أكثر تجرداً وحيادية وعقلانية. ويتمثل الادعاء الأكثر شيوعاً في الدفاع عن الاستشراق، بوصفه بحثاً واستقصاء عقلانياً (علمياً)، في القول بأن هناك موضوعاً يستحق الدراسة هو الشرق Orient، حيث يرينا فحص تاريخ الاستشراق كيف أن هذا الادعاء باطل، إذ ظهر في النهاية أن أسانيده وافتراضاته مجرد توهمات. كما يظهر تاريخ الاستشراق أنه لم يكن نظرة الغرب الخارجية نحو موضوع ثابت محدد هو الشرق. بل إنه شكل من التأمل الداخلي مشغول بالاهتمامات والمشاكل والمخاوف والرغبات الخاصة بالغرب. ينتقل الفصل الثالث إلى الحديث عن النظرية التي بحثت الاستشراق وقامت بوضعه في إطاره التاريخي والمعرفي بوصفه خطاباً محكوماً بغايات إستراتيجية محددة متصلة بالإمبراطورية الغربية، وكيف تبنى الغرب لصورته في مقابل الشعوب الأخرى، انطلاقاً من الشرق وفي مواجهته. ويستعرض ساردار في هذا الإطار جهود عدد من المنظرين والباحثين، من الشرق والغرب، ممن اشتغلوا على مفهوم الاستشراق، مثل أنور عبد الملك وعبد اللطيف الطيباوي وهشام جعيط وسيد حسين العطاس، مقدماً نقداً حاداً لإدوارد سعيد الذي يرى أنه لم يضف الكثير لما قدمه الباحثون من قبله. أما الفصلان الرابع والخامس فيقدمان استعراضاً لعودة الاستشراق ليحتل مكانة بارزة في المؤسسة الأكاديمية والإعلام الغربيين مع تزايد الاهتمام بالإسلام والعالم العربي، وذلك من خلال صدور عدد من الكتب التي تتميز بنزعتها الاستشراقية الضحلة في التعريف بالمنطقة العربية والإسلامية، ومن خلال إنتاج عدد كبير من الأفلام التي تنطلق من الصور النمطية ذاتها عن الشرق والتي روج لها الاستشراق طيلة ما يزيد على ثمانية قرون. كما يستعرض الكتاب أفلام الكرتون والألعاب الإلكترونية التي تنطلق هي أيضا من رؤى استشراقية وصور نمطية للشرق تسمه بالجهل والتخلف والعاطفية المفرطة والرغبة في تدمير العالم.مؤلف الكتاب ضياء الدين ساردار كاتب وباحث أكاديمي ومذيع بريطاني باكستاني الأصل، ولد عام 1951. سمته صحيفة الإندبندنت البريطانية (عالم بريطانيا الموسوعي المسلم)، وصنفته مجلة بروسبكت Prospect واحداً من أهم مائة مثقف مؤثر في بريطانيا. وهو متخصص في الدراسات الثقافية والعلاقات الثقافية بين الشرق والغرب، ومستقبل الإسلام. أصدر وحرر وشارك في كتابة زهاء 45 كتاباً. من أهم كتبه: مستقبل الحضارة الإسلامية (1979)، ما بعد الحداثة والآخر (1998)، لماذا يكره الناس أمريكا (2002).أما المترجم فخري صالح فهو كاتب وناقد ومترجم مولود في جنين 1957. يرأس جمعية النقاد الأردنيين. حصل على جائزة فلسطين للنقد الأدبي (1997)، وجائزة غالب هلسا (2002). أصدر أكثر من عشرين كتاباً، من بينها: في الرواية الفلسطينية (1985)، وهم البدايات: الخطاب الروائي في الأردن (1993)، في الرواية العربية الجديدة (2009)، إدوارد سعيد: دراسة وترجمات (2009)، قبل نجيب محفوظ وبعده: دراسات في الرواية العربية (2010). ترجم (النقد والإيديولوجية) لتيري إيجلتون، و(المبدأ الحواري) لتزفيتان تودوروف. وحرر عدداً من الكتب حول الشعر العربي المعاصر، والنظرية الأدبية المعاصرة.