كتبت/ دنيا هاني:فنان يغني من كلماته وألحانه ويتغنى للعشاق ويلمس من خلال عزفه وألحانه أحاسيسهم وأحزانهم ووجدانهم ليطرب كل من يسمعه فتعشقه الأذن قبل أن تراه العين. غير أنه متعدد المواهب فهو فنان وملحن ومؤلف ومطرب جمع مزيج الأصالة والحضارة ليجمع خلال مشوار حياته الفني الطويل توليفة رائعة من التنوع بين الألوان الصنعانية واليافعية واللحجية والحضرمية التي لا يمل ولا يكل منها حتى بعد وفاته رحمه الله. هو من كتب ولحن وغنى أغنية (خلاص حسك تقول لي روح) وأطربنا بإحساس وقوة المعنى حينما قال: مدام تسمع كلام الغير..وكل ما يدور في الساحة خلاص ما عاد منك خير ولا من عشرتك راحة..خلاص لا عاد تكتب لي ولا تبعث مراسيلك.. كفاية شوف لك غيري تغني له مواويلك. وعندما تسمع (كلمة ولو جبر خاطر )و(كلمة عتاب) و(يا ناس ردوا حبيبي) و(حسك تقول إننا) و(أشتي أشوفك) وأ(نا أقدر أنساك)... الخ تعرف أنه الفنان اليمني الكبير الراحل محمد سعد عبدالله الذي ذاع صيته داخل وخارج اليمن ووصل إلى الخليج حتى بلاد الشام وغنى من ألحانه وأغانيه العديد من المطربين أمثال الفنان عبادي الجوهر والفنانة هيام يونس والفنان فهد بلان والفنان طلال مداح وكذا الدكتور عبد الرب إدريس.يقال إنه عانى من هجر وفراق الأحباب له واستغناء الأصدقاء ومن ظلم المقربين منه ولكن هذا لا يمنع أنه دائماً ما يرد من خلال كلماته التي كان يكتبها ويؤلفها بنفسه علها تنسيه شيئاً من الخذلان الذي يتعرض له بعض الفنانين وتهضم حقوقهم.وبعتاب المحبين غنى كلمة ولو جبر خاطر وبكلمات العتاب مرسولة مع ساعي البريد قال: إيه من ذنب عندي.. أستاهل عليه هجرك والعناد.. يا اللي خنت عهدي بعت الود ليه من بعد الوداد.. كلمة ولو جبر خاطر.. وإلا سلام من بعيد ولا رسالة يا هاجر.. بيد ساعي البريد.وأطربنا بأغنية أعطيتني وعد حينما قال: أعطيتني وعد.. وليه وعدك خلفته مرتين.. والوعد كالرعد يابن الناس وعد الحر دين.. ليه يا وافي خلفت الوعد ليه اللي في قلبك تعال قل لي عليه.. ليه نتباعد وأنا بيني وبينك خطوتين والوعد كالرعد.. يابن الناس وعد الحر دين.وعد محبيه بوفائه لفنه ووفائه لحبهم له وأوفى هذا الوعد بكلماته وألحانه وأغانيه التي تنم عن قيمة فنية رائعة ولأنه متفرد ورائد في الأغاني اليمنية والأغنية العدنية خاصة تنوع في كلماته بين الفرح والحزن والتحدي والعتاب ممزوج تارة بالدمعة وتارة بالابتسامة وهذا ما ميزه وجعله علامة فارقة من أعلام الفن اليمني.بعد رحيله عن سماء الوطن قامت الدولة بإصدار أمر وتكريمه بتسمية أحد شوارع عدن باسمه وقدمت له كتاباً يوجز أعماله في مجال الثقافة والفنون إلا أنه قبل وفاته قدم كتاب (لهيب الشوق) الذي تناول مجموعة من أعماله الغنائية والتراث اليمني الأصيل.وكانت أشهر أغانيه التي لحنها بنفسه هي (ردوا حبيبي) و(سلموا لي على خلي) و(كلمة ولو جبر خاطر). ولذا نجد أن هناك تناغماً كبيراً بين أغانيه وفي كلمات يتخللها تلميح واضح بين التحدي والعناد ورداً على غيروك الناس حينما قال دامني أهواك يا أغلى حبيب.. ما أتحمل يوم تقسى أو تغيب عود وارحم من يحبك.. لو بقى لي شي في قلبك غيروك.. غيروك.ويقول في حسك تصدق لو حد أجا لك و قال لك إن أنا أشتيك.. حسك تصدق أنا ما عاد أفكر فيك.. لا تحسب اللي مضى يقدر يخليني أذل نفسي وأجي أستعطفك وأرضيك أنا أقدر أنساك والله.. أنا أقدر أنساك.ولم يكتف بهذا القدر بل غرد بصوته في أغنية لهيب الشوق وقال لو فرضنا يا حبيبي انك أنت كنت زعلان كان من المفروض انك تعاتب.. بعتذر لك أنا لو كنت غلطان والخصام ايش اللي جابه وإحنا كنا طيبين بيننا عشرة طويلة.. بيننا عشرة سنين.ولا يجب أن ننسى أن له إسهامات عديدة في مجال الأغنية الوطنية حيث ألف ولحن العديد من الأغاني والأناشيد عند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال واندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م في الجنوب فقد لعبت أغانيه دوراً كبيراً في بث روح الحماس لدى الشعب قبل مرحلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني ومن بين هذه الأغاني كانت أغنية (قال بن سعد) وأغنية (يا يمني هذي بلادك) وأغنية (الذهب الأحمر)، وأغان أخرى قدمها بعد جلاء المستعمر مثل أنشودة (بلاد الثائرين) والتي تقول كلماتها أوعدك إني أعيش لك العمر مخلص لك أمين أنتي ياللي تستحقي كل حبي والحنين.. ماسكاني وسط قلبي أنتي في عيني اليمين يا بلادي يا بلادي يا بلاد الثائرين. ياللي ذرة من ترابك عندي أغلى من حياتي..وفي الأخير ما عسانا نقول عن الراحل محمد سعد عبدالله أو كما يطلقون عليه (أبو مشتاق) غير أنه بالفعل وعندما يتم الحديث عنه بأنه يغني للعشاق والمغرمين ومداوي قلوب المجروحين ويرد بصوته على الحساد والحاقدين فكلماته بلسم للروح وألحانه دواء يشفي الجروح.ونختم الكلام عن العلامة الفارقة في الغناء اليمني بكلمات من أغنيته الرائعة قلبي مع الشوق جوال ونقول: يا اللي عيونك ليل، سهرانة ما بتنام تمسي دموعـك سيـل من شدة الآلام, جـوال ما باشتكي غـدر الزمان لو جـار، جـوال عمـري وأنـا زي الفـلك دوار, ما همـني الشوك يدميني ولا النـار، جـوال باكمل المشـوار. وبهذا يكون الراحل أبو مشتاق قد أكمل مشوار حياته حين ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج عام 1934م ورحل في2002/2/16 م.
|
ثقافة
الفنان محمد سعد عبدالله علامة فارقة في الغناء اليمني
أخبار متعلقة