على وقع نقص الغذاء الذي بات يجنح تحت وطأته الكثير من أطفال اليمن وبالذات المشمولون بخطره وتهديداته في الفئة العمرية من(6 أشهر-10 سنوات)، كان لابد من دعم مناعتهم بجرعة ضد مرض الحصبة مع فيتامين «أ» في المحافظات الأكثر تضرراً والتي من ضمنها تلك التي شهدت نزوحاً واسعاً للمواطنين ولا تزال تعيش إلى الآن أوضاعاً صعبة تزيد معها فرص الإصابة بسوء التغذية واعتلالاته، وسط اكتظاظ وتزاحم تتفاقم معه حدة المعاناة وفرص التعرض لعدوى الأمراض المختلفة.وضع كهذا- بطبيعة الحال- يفرض ضرورة مد مناعة الأطفال بجرعة وقائية أخرى ضد مرض شلل الأطفال- من بابٍ أولى- مخافة عودة المرض إلى البلاد مجدداً مع أنها حتى اللحظة خالية منه تماماً. فحالياً تجرى الاستعداد لاستهدافه بالتحصين بمعية مرض الحصبة ضمن المرحلةٍ الأولى لحملة التحصين الوطنية ضد هذين المرضين، ومدتها بالكامل(6) أيام في الفترة من(10-15 مارس2012م)، حيث تشمل بالتغطية محافظات (عدن، لحج، أبين، شبوة، صعدة، البيضاء، ذمار).ولعل تنفيذ هذه الحملة في حيز جغرافي معين - أي في إطار محافظات بعينها- تقترن أسبابه بتلك التداعيات السالفة الذكر التي جعلت من تلك المحافظات ذات أولوية مطلقة، حيث المستهدفين فيها بالتطعيم ضد مرض الحصبة من تتراوح أعمارهم بين(6 أشهر-10سنوات)على نحوٍ غير مسبوق في اليمن. أضف إلى استهدافها في تلك المحافظات الفئة العمرية المعتادة من الأطفال دون سن الخامسة بالجرعة الفموية ضد مرض شلل الأطفال.وبالمناسبة فإن داء الحصبة ظلت الإصابة به ضمن مستويات متدنية لسنوات قليلة ماضية امتدت من العام 2006 وصولاً إلى العام 2010م على إثر حملتي تحصين للتخلص منه نفذتا ضمن مراحل تدرجت حتى شملت جميع محافظات الجمهورية، وكان آخرها في العام 2009م، وواكبتها وعززتها جهود حثيثة أقدم على بذلها برنامج التحصين الموسع بوزارة الصحة وبها أسهم في رفع وتيرة التحصين الروتيني للأطفال داخل المرافق الصحية وخارجها لتشمل القدر الأكبر من أطفال اليمن دون العام والنصف من العمر وذلك على مدى سنوات وصولاً إلى تغطية فاقت ما نسبته (85 %) من إجمالي الأطفال المستهدفين. لكن هذه التغطية - للأسف تدنت خلال العام الماضي في خضم الأحداث التي شهدتها بعض المحافظات جراء تفجر الصراعات المسلحة التي أجبرت آلاف الأسر على النزوح إلى مناطق آمنة، وسط حالة من التدهور في الأوضاع الاقتصادية وما تمخض عنه من زيادةٍ كبيرة في نسبة الفقر ومعاناة الفقراء ونقص الغذاء.وبالعودة إلى التحصين الروتيني وما فيه من جرعات تقدمها المرافق الصحية، فلكل طفل مستهدف بجرعاته موعدان يحصل خلالهما على جرعتين فقط من اللقاح المضاد لمرض الحصبة: الموعد الأول بعد الشهر التاسع من عمر الطفل ضمن الجلسة التطعيمية الخامسة، والثاني عند بلوغه من العمر عاما ونصف (18شهراً) ضمن جلسة التحصين الروتينية السادسة، وكلتاهما- أي جرعتا الحصبة- مقرونة بجرعة وقائية من فيتامين « أ « تمنح للطفل لتكسبه حالة مناعية أفضل. فلهذا الفيتامين الحيوي أهمية داعمة ومعززة للبنية المناعية لفلذات الأكباد.. أهميةً تفيد- أيضا- في تحسين الحالة المناعية المتدنية لدى من يعاني منهم سوء التغذية.و الأوضاعٍ الاستثنائية التي طالعتنا خلال العام المنصرم والمستمرة حتى الآن، بالكيفية السالفة الذكر، أتاحت وهيأت الفرصة لانتشار مرض الحصبة بعد حالة ركود تقلصت خلالها حالات الإصابة، إذ انتشر المرض بعنفوان شديد بات -على أثره- يهدد الأطفال ضعيفي المناعة ومن يعانون سؤ التغذية، ما أسفر عن ارتفاع حالات الإصابة الجديدة بالمرض بوتيرة عالية لدرجة أفضت إلى وفاة العشرات من حالات الإصابة، ليعود الوضع بوزارة الصحة وبرنامج التحصين الموسع التابع لها إلى مربع الصراع مع هذا الداء في الكثير من محافظات البلاد، فعملت قيادة الوزارة على إعادة زخم تلك الحملات لتستهدف بالتطعيم الأطفال المشمولين بخطر الإصابة بمرض الحصبة، بدءا بالمناطق والمحافظات العالية الاختطار، ثم الأدنى خطورةً فالأدنى.. عبر مراحل تنفيذية مزمنة..حيث من المقرر خلال الفترة من (10-15 مارس2012م) تنفيذ المرحلة الأولى من حملة تحصين وطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال بمحافظات(عدن، لحج، أبين، شبوة، صعدة، البيضاء، ذمار)، وأعود لأذكر بأن المستهدفين بالتطعيم ضد مرض الحصبة في هذه الحملة هم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين(6أشهر-10سنوات) بلا استثناء، وفي الوقت ذاته تستهدف- أيضاً- بالجرعة الفموية ضد مرض شلل الأطفال جميع فلذات الأكباد دون الخامسة من العمر، حتى من سبق تحصينهم ولو مراراً وتكراراً.ولن تكون حملة التحصين من منزلٍ إلى منزلٍ وإنما عبر المرافق الصحية، يؤازرها خارج المرافق الصحية فرق تحصين صحية ستتخذ مقار معينة لتحصين الأطفال المستهدفين كبعض المدارس مثلاً، إلى جانب مواقع مختلفة يُعلن عنها للناس في عموم أنحاء وأرجاء المديريات المستهدفة المشمولة بالتغطية، وذلك لتؤدي مهامها في نسقٍ تكاملي يحقق الهدف الأسمى بالتغطية الشاملة بالتطعيم لكامل المستهدفين ونزع فتيل تداعيات مشكلة الحصبة وكبح خطرها، والحفاظ على بقاء اليمن وأطفالها وبيئتها نظيفةً خاليةً من مرض شلل الأطفال الفيروسي، فننأى بالطفولة من خطره المروع إن وفد إلى البلاد وعاود الظهور فيها مجدداً، لا قّدر الله.في الأخير، أقول ناصحاً بنية صادقة محبة للخير، موجهاً النصح للآباء والأمهات: حصنوا أطفالكم المستهدفين في الحملة، لا تترددوا فذاك برهانٌ على محبتكم لهم، ولا يحق - بأي حال أو تحت أي مبرر- منع أي طفل من التطعيم في تلك الحملة في سائر المحافظات السالفة الذكر مادام الطفل لم يتجاوزا بعد العاشرة من العمر.. حتى لو كان يعاني ضعفا في البنية أو هزالاً أو سوء تغذية أو من أي مرض ٍطفيف كالحمى الخفيفة أو الإسهال أو نزلة البرد أو الزكام. كذلك من سبق تطعيمه ضد مرضي الحصبة أو شلل الأطفال مهما تعددت الجرعات التي حصل عليها في السابق.ودمتم بخير، ودام أطفالكم أصحاء معافين..
|
تقارير
حملة التحصين ضد الحصبة وشلل الأطفال.. تلاف لوضع كارثي
أخبار متعلقة