أفصح انتخاب المشير عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية بنسبة عالية تخطت الـ80 بالمئة، أفصح عن رغبة يمنية وإقليمية ودولية واضحة في انطلاقة جديدة على أنقاض الصراعات التي شهدتها البلاد طيلة العام الماضي وأوائل العام الجاري. والواضح أن نسبة الاقتراع العالية هي انعكاس للاجماع الوطني على ترشيح هادي فعنده التقت كل الأطراف وإليه تم تسليم مفاتيح المرحلة المقبلة وبالتالي صار عليه أن يلبي طموحات الجميع و أن يكون مخلصا للاجماع الذي انعقد حوله وان يكون أيضا مخلصا للاجماع الاقليمي والدولي الذي بارك اختياره. ولعل السؤال المطروح بقوة اليوم ليس إخلاص الرئيس المنتخب للمهمة التي انتدب إليها فالإخلاص تحصيل حاصل في سيرة هادي وثابت من ثوابت شخصيته إذ انه لم يغدر يوما بحليف ولم يخدع يوما رفيق درب ولم يتآمر يوما على شريك سياسي. السؤال إذن يتصل بشروط ممارسة الحكم خلال العامين المقبلين وبالوسائل المتاحة له وهو ما يجوز حصره افتراضا بالعناصر التالية: أولا: إن الإجماع الداخلي والخارجي حول رئاسة هادي يعني أن هذه الرئاسة ستكون محكومة بقاعدة لا غالب ولا مغلوب وبالتالي سيكون على الرئيس أن يحرص على أن تكون الرئاسة خيمة للتوافق الوطني وكابحا لكل الانحرافات الالغائية التي يمكن أن تبرز عند هذا الطرف أو ذاك لهذا السبب أو ذاك. ثانيا : إن الإجماع الخارجي على رئاسة هادي يعني الوفاء بوعود أطلقها المعنيون في الخليج والعالم على تزويده بالوسائل الضرورية لإنقاذ بلاده من الصعوبات التي تراكمت خلال العام الفائت وبالتالي من الصعب مطالبته بانجاز برنامجه في الحكم دون الوفاء بتلك التعهدات التي يمكن اعتبارها جزءا لا يتجزأ من المبادرة الخليجية. ثالثا:إذا أراد المجمعون على رئاسة هادي أن ينجح في مهمته فعليهم أن يبادروا تلقائيا إلى طي صفحة العام الفائت وان يوقفوا الحملات الإعلامية .وان يحترموا خلافاتهم وألا يسعى أي منهم لإلغاء غيره فالتوافق واحترام الخريطة السياسية التي انبثقت عن الصراع كان في أساس المبادرة الخليجية التي أخرجت الجميع من الصراع وأعادتهم إلى التحكيم السلمي والاحترام المتبادل لخلافاتهم ورؤاهم. رابعا: إن انتخاب الرئيس الجديد ليس نهاية المطاف فهو سيحتاج دائما إلى مساعدة الاطراف المؤثرة في الازمة اليمنية للتحكيم في خلافات قد تبرز هنا وهناك وهو اختبار معقد ربما يستدعي فريقا من ذوي الخبرات المتعددة ليعاون الرئيس في ادارة شؤون البلاد بالتعاون مع الاطراف التي يعول على دورها في مساعدة اليمنيين على تجاوز المرحلة الانتقالية دون مخاطر كبيرة. خامسا: من الواضح ان القسم الاكبر من اطراف النزاع اختار هادي بوصفه رئيسا ليمن موحد وبالتالي من الصعب الرهان على انتهاجه سياسة غير وحدوية ولعل الذين احرقوا بعض صناديق الاقتراع في الجنوب او منعوا الناس من الوصول اليها في اقصى الشمال يدركون تماما هذه الحقيقة والظن الغالب هو ان الرئيس الجديد الذي استلم بلدا موحدا لن يسلم غيره بلدا منفصلا ما يعني ان الرهانات غير الوحدوية على رئاسة هادي ستكون خاسرة. سادسا: اغلب الظن ان الرئيس الجديد سيبذل جهودا حثيثة لكي يصل ببلاده الى الاستحقاق الاكبر بعد عامين حيث سيكون اهل البلاد على موعد مع اقتراع مفتوح لمختلف القوى السياسية التي ستستفيد من فرص متكافئة في التسابق نحو الرئاسة والبرلمان والشورى والمجالس المحلية ولعل المناخ التوافقي الراهن هو رصيد كبير يستخدمه هادي في التحضير لهذا الاستحقاق الذي يضع البلاد على سكة جديدة ولعقود مقبلة. يساعد ما سبق على الخروج بخلاصة اولية مفادها ان عهد الرئيس هادي سيكون محطة مهمة للغاية في نقل اليمن واليمنيين من الصراع على الدولة الى التنافس السلمي للوصول الى السلطة والى حماية كل الاطراف السياسية من الالغاء والاقصاء والاستبعاد وتوفير الظروف الملائمة لكي يحتكم الجميع الى صناديق الاقتراع التي يعود لها وحدها القول الفصل في اهلية هذا الطرف او ذاك لتولي شؤون اليمن واليمنيين. نعم لم ينعقد في اليمن مثل هذا القدر من الاجماع الداخلي والخارجي على رئاسة الجمهورية ما يعني ان هذه الرئاسة ستكون على هيئة هذا الإجماع خلال العامين المقبلين .الامر الذي ينطوي على شحنات تفاؤل معتبرة يمكن معها القول دون تردد مبارك لليمن واليمنيين والرحمة من الباري عزوجل للشهداء كل الشهداء أياً كانت أصولهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية.
|
تقارير
هادي رئيسا للجمهورية
أخبار متعلقة