بعد حرب صيف 94م وما تلاها من استباحة للجنوب أرضا وإنسانا، تبعثرت الأوراق وأختل الميزان بحكم الواقع على الأرض الذي فرضه المنتصر في حربه تلك، فتفرق أبناء الجنوب كُل ذهب إلى غايته ولم يكن ذلك هروباً ولا هو قبول ورضاء بما حل بِنا وهنا أخصُ أو أتكلمُ عن الذين كانوا ينتسبون للمؤسسة العسكرية ـ الدفاع والأمن بشقيه ـ (وليعذرني أبناء الجنوب ممن لم أشر إليهم أعلاه ، لأنني أُؤمنُ أن المأساة والضرر قد مسنا كُلنا) لكنني خصصتُ العسكريين لغرض في نفسي لا يعلمه إلاّ الله سبحانه وتعالى ، ثُم من سيقرأ بعقله وهو القصد.!!وبعد سنين من الاغتراب (المفروض) داخلياً كان أم خارجياً عادَ البعض للبحث عن لُقمة عيشه ووطنه وأهله، وهنا تحديداً أقفُ عند موضوع ( منتسبي الدفاع والأمن بشقيه) ـــ وبافتراض حسن النية ــ لمراجعة وتصحيح نتائج وآثار الحرب، فأغلبنا يتذكّر أن لجاناً تشكلت من صنعاء لذات الغرض، وعلى إثرعملها «الإنتقائي وغير المنطقي» تمًّ إعادة البعض ـــ للراتب ليس إلا ــ ، والبعض رأت اللجان أنهم قد بلغوا احد الأجلين فأُحيلوا للتقاعد، وأؤكد هنا أن القرارات تلك كانت مجحفةً وظالمة وانتقائية ، بحكم أن قانون شروط الخدمة والإحالة إلى المعاش لم يطبق إلا على العسكريين من محافظات الجنوب دوناً عن محافظات الشمال!! ورغم ما حز في النفس وما ألمًّ بها من جور الظُلم والمعاملة بالنظرة الدونية لمن عادوا للوظيفة «بحثاً عن راتب ــ أكرر »، كان من تمّ إحالتهم للتقاعد (ظُلماً) قد آثروا ( أو بعضهم ) الانضمام للحراك الجنوبي السلمي الذي بدأ مطلبياً للحقوق المصادرة وهي بلا شكّ مشروعة لا يختلف حولها اثنان مطلقاً، إلا أن تعنت النظام وقتئذ وغروره وغطرسته من خلال عدم الالتفات لتلكم الأصوات المطالبة بالحقوق بصدق وموضوعية ــ فكانت النتيجة ــ!!خاصة بعد ان شمل الحراك محافظات الجنوب وخرجت المظاهرات والمسيرات والاعتصامات فأستشهد الكثير وجرح الأكثر وكانت السجون والهنجرات مأوى للألوف ، فكانت النتيجة إن ارتفع سقف المطالب وهو حق.. وحق لن يموت بالتقادم ، ولا يمكن مصادرته طال الزمن او قصر .، وذلك أمر مفروغ منه!!،،لكنني أقول والألم يعتصرني ويحزُّ في نفسي ان المصيبة أو المشكل الذي برز مؤخراً ـــ للأسف ــ من خلال بعض الجنوبيين( من الحراك) (مع العلم أننا جميعاً الذين عادوا لعملهم بالراتب أو المحالين للتقاعد حراك) في نظر (الجماعة)، أقول المشكل أن نظرة بعض الأخوة لإخوانهم أصبحت نظرة نعال ، وعلى وجه التحديد بعد ثورات الربيع العربي والتحركات السياسية الجنوبية لمعارضة الخارج ــ ولقاءت بروكسل والقاهرة وبيروت وغيرها من المعلن وغير المعلن ، إذا يرى البعض أن من يعمل هو (عميل) لذلك فعليهم أن يصمتوا عند الحديث عن الجنوب وقضيته ..(( مع العلم أن تاريخنا في الجنوب قبل الثورة وحتى الاستقلال في 30نوفمبر 67م يحكي لنا مثل هكذا حالات ، وهذا ليس تبريرآ من لدني ، لكنها الحقيقة التي ربما يغفلها أو لا يفهمها او يتجاهلها البعض) وهذه النظرة ومثل هذا السلوك في تقديري لن يخدم أحداً من أبناء الجنوب على الإطلاق ، لأننا جميعنا على متن سفينة واحدة كنا نشعر أن ما أصاب أحدهم من قرح يصيبنا وما مسهم من خطب قد مسنا مثله وكنا نألم كما يألمون !! ولأنه في الفترة الأخيرة كثُر الحديث وازدادت النظرة الاستعلائية ( من قبل البعض) فكان لزاماً علي ومن واجب ديني وأخلاقي ووطني أن أتناوله بهذه العجالة ، مع يقيني أنني لستُ أول من طرق هذا الباب وتأكيداً لن أكون الأخير ( لأن تبعاته ومخرجاته كارثية) إذا لم نتناولها ونتدابرها من الآن ونضع لها الحلول بكل عقل وحكمة ، هذه النظرة ومحاولة فرضها وتوسيعها هي مشكل وعقبة كأداء للمرحلة القادمة في الجنوب ، ولن تخدم إلا نظام ( ... ) إن شاء الله الذي عمل خلال السنوات التي أعقبت حرب 94م وتحديداً بعد ظهور الحراك على توسيع الهوّة وافتعال المشاكل والنبش في ملفات الماضي واستثمارها لصالحه من ناحية ، ومن اجل ألاّ نلتفت إلى بعضنا بعيون صادقة وقلوب سليمة وعقول مستوعبة ومدركة لواقع معاش ومستقبل ننشده لنا ولأبنائنا من بعدنا على ارض ولدنا وتعلمنا وعشنا تحت سمائها من ناحية أخرى، هذا فضلاً عن أننا ( أبناء الجنوب بقضيته) نكون قد وضعنا من نعول عليهم دعم توجهنا والوقوف إلى صف قضيتنا وضعناهم في حيرة لا تخدمنا على الإطلاق ، فهل نستوعب الدرس وننفض الغبار عنا ونعود إلى رشدنا ونتخلّى عن فكرة الإقصاء ونبتعد عن النظرة الدونية أو الاستعلائية تجاه بعضنا البعض قبل أن تتقطع بنا السبل ؟؟ لذلك أقول أن اللحظة تفرض علينا جميعاً أن نشدُّ من أزر بعضنا البعض، فلا نستدعي الماضي ولا نكرر أوجه مآسيه لأن ذلك سيولّد إستعداءات فيما بيننا ، ولنتكلّم بصدق أن الذين كانوا ولا زال بعضهم يعملون من أجل المرتب أغلبهم لم يأت منهم ضرر مادياً كان أو معنوياً لإخوانهم ( إلا من سفه نفسه وهم قلّة) ، وأن بعضا وهم كُثُر عملوا بنكران ذات من أجل درء أي ضرر بل وقدموا المنفعة فلم يترددوا لحظة متى طُلب منهم ذلك. فهل وصلت الرسالة ؟؟ أرجو ذلك والله من وراء القصد
|
تقارير
رسالة من جنوبي لإخوانه
أخبار متعلقة