د. زينب حزامفن الخزف من أكثر الحرف التقليدية إنتشاراً في اليمن ،اشتهرت به عدن مع فن الصدف البحري في تزيين التحف والأواني المنزلية، وقد جاءت إستجابة لحاجة معينة من خلالها اكتسبت الآنية الخزفية شكلها وتميزت بالزينة بالصدف البحري، والفخار الإسلامي المزجج.فن الخزف اشتهر في اليمن القديم، ونرى في الحفريات المكتشفة أن بدايته ترجع إلى عهد الغساسنه في عدن.وإذا تجاوزنا البداية من أجل الوقوف على النقلة التي عرضها هذا الفن من الممارسة لحرفة تقليدية إلى وسيلة تعبيرية، وتصور فني للإنسان والكون، فإننا سنجد أن الطين (كمادة أولية لفن الخزف) اكتشفت دلالات رمزية عدة يتواجد من خلالها الإنسان كجسد وتاريخ بالأرض، ونحن هنا نتحدث عن فن الخزف الحديث، خصائصه ومميزاته ضمن فن تشكيلي بشكل عام.لقد ظهر الفن اليمني الحديث في خضم التحولات الجذرية التي عرضها الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي بكل أجناسه، وقد تمحور هو الآخر حول إشكالية خلق التوافق بين ما هو أصيل وما هو معاصر، وبما أن مقاربة الرواد للفن التجريدي الأوروبي واهتمامهم بالتراث البصري العربي الإسلامي، هو الدافع الأساسي لإبراز فن تجريدي يمني مؤسس على الرمز والعلامة في أسلوب حركي غنائي مع توظيف التقنيات والمواد الأوروبية المختلفة، صياغة زيتية على قماش، استخدام الصدف البحري المستخرج من الساحل الذهبي في مدينة التواهي عدن بعد التلوين الزيتي في زخرفة الأواني المنزلية مثل الطاولات والحقائب النسائية والتحف مثل المزهريات وغيرها، فهذا ما جعل الفنان اليمني أكثر إنفتاحاً على مجتمعه.[c1]التشكيلي اليمني شوقي أحمد .. والرسم على جلود أسماك القرش [/c]وضمن السياق نفسه ظهرت مجموعة من الفنانين الذين اتخذوا من الصناعة التقليدية المحلية لاشتغالهم منهم الفنان التشكيلي اليمني شوقي محمد عبده أحمد الذي استلهم مشروعه الفني من البحث على خشب العرعار، وكما هو معروف فقد أجاد هذا الفنان التشكيلي الرسم على جلود أسماك (القرش).وهو من مواليد عدن تخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1989م (دبلوم) بتقدير امتياز ، ومدير إدارة الفنون التشكيلية بعدن مشرف على صالة التواهي للفنون وعضو مؤسس لنقابة الفنانين التشكيليين اليمنيين عام 1997م وعضو الهيئة الإدارية المسؤول المالي للنقابة في فرع عدن 1998م شارك في جميع المعارض المحلية ـ كما شارك في معرض الأسبوع الثقافي في الأردن.وهو عضو مؤسس للحلقة الثقافية اليمنية الدولية وعضو مؤسس لجماعة (روح الفن المعاصر) في عدن.وقد عمل هذا الفنان التشكيلي على جعل فن الزخرفة فناً للنيل والإبداع والتعبير عن الأفكار والأحاسيس شأنه شأن اللوحة الزيتية والنحت بالبرونز ورغم ذلك، قادته روح التحدي إلى توظيف هذا الفن المتجذر في التقاليد الشعبية اليمنية ودمجه في حركة الفن التشكيلي ضمن عملية البحث والتقليد من أجل تحديد ملامح تشكيل يمني متفرد على مستوى البعد المفاهيمي والخطاب الفكري.ويمكننا الاعتراف بمهارات هذا الفنان التشكيلي اليمني شوقي وتجربته الإبداعية في توظيف هذه المهارة عن طريق الإبداع والخلق، لأشكال وفضاءات جديدة لإبراز خصائص تعبيرية وفنية لخزف يمني، وربما أن إدماج الجداريات الخزفية في البناء المعماري من طرف فنانينا هو تأكيد على الميزة الشعبية التي كان ومازال يتمتع بها فن الخزف.وأخيراً استطاع هذا الفنان التشكيلي فنان الجمال والإحساس الدافئ صاحب التجربة الثرية والفريدة والمتنوعة أن يترك اثراً في الساحة التشكيلية من خلال أعماله الفنية ومساهمته الكثيرة في المعارض سواء الفردية او المشتركة حتى أن اسمه أصبح من الأسماء التي يشار إليها بالبنان في حركة الفن التشكيلي اليمني.[c1]دعوة إلى الحفاظ على الموروث الشعبي [/c]ومن خلال موضوعنا هذا، فإننا ندعو إلى الحفاظ على الموروث الشعبي وتشجيع فن الخزف، وربما بالموروث الثقافي المرتبط بالخزف القديم من ناحية الصنعة والمواد وطريقة التلوين مثلما هي مرتبطة بقواعد الفن الغربي ومفاهيمه المتعلقة بالإطار والقاعدة التي توضع عليها القطعة الخزفية التي تاخذ مزية التوفيق بين الأصالة والمعاصرة.أما الفنان اليمني عبدالله الأمين وهو فنان تشكيلي من رواد حركة الفن التشكيلي اليمني، ومؤسس مشروع الرسم الحر فهو لا يبحث عن الأشكال والألوان والتكوينات بل يستقيها من صندوق التراث العربي الإسلامي: حروف عربية، رموز، علامات، ندرك معناها احياناً وتغيب عن إدراكنا احياناً أخرى، ويثبتها على فضاء اللوح الطيني من خلال الآثار أو البصمة. إنسجاماً مع مجال انشغاله الآخر وهو الحفر، كجنس فني مكمل لفن الخزف وربطه بالموروث الثقافي اليمني ومن ثم جعله يتمحور حول الفضاء أو التكوين أو اللون أو البصمة بل حول طريقة صياغتها فنياً دون الالتزام بأسلوب معين أو طريقة محدودة لعرضها.ومن خلال طريقته المختزلة في توزيع الألوان يحاول إعطاء طابع أسطوري لتحفه الفنية محافظاً على تسلسل تاريخي مشروع لفن الخزف كنشاط إنساني قديم وإذا تأملنا الإبداعات الخزفية لكل من الفنان التشكيلي شوقي محمد عبده والفنان التشكيلي عبدالله الأمين، فإننا نلاحظ أنها تلتقي حول اختيار جمالي مؤسس على المادة الأولية نفسها (أي الطين) في مختلف تجلياته، في حين يتناول الفنان التشكيلي اليمني علي باراس الطين كوسيلة تقنية لإنجاز قطع تذكرنا بالحضارة اليمنية القديمة، للتعبير عن الزمن والتاريخ اليمني القديم. ومنها القطع الأثرية القديمة المستخرجة من المواقع الأثرية في شبوه وحضرموت وهي تضم مجموعة من الألواح الخشبية الخزفية مدفونة في تلال من الرمال المتسربة من الأعلى إلى الأسفل مسجلة بذلك تعاقب زمن فيزيائياً وثقافياً معيناً، الشيء نفسه نجده مع الفنان اليمني مظهر شمسان: قطع ذات أشكال وأحجام مختلفة، وتحف مزخرفة بالخزف وأوان منزلية زخرفها الفنان التشكيلي مظهر وقد نالت هذه المجموعة إعجاب المشاهدين وجمهور الفن التشكيلي اليمني.الا أن هؤلاء الفنانين بوقفتهم تلك لا يرون أن الازدهار قد ولى، وإنما يحاولون فتح آفاق أخرى لفن مازال الخجل يسيطر على تجارب مبدعة من الفنانين التشكيليين فيه.
أخبار متعلقة